الحماية الاجتماعية ضرورة ملحة
لا أحد ينكر أن مصر تشهد، شأنها شأن العديد من دول العالم، تحديات اقتصادية متزايدة تتمثل فى ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة أسعار السلع والخدمات الأساسية. وفى هذا الشأن، تبرز أهمية الحماية الاجتماعية كأداة أساسية لحماية الفئات الأكثر فقرًا، وتخفيف حدة الآثار السلبية للغلاء على المواطنين.
وواقع الحماية الاجتماعية فى مصر فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية، جعل الحكومة تتطرق إلى ضرورة بذل الجهود لمساعدة المواطنين فى هذا الصدد، لمواجهة التحديات الصعبة. ومعروف أن الحماية الاجتماعية هى مجموعة من السياسات والبرامج تهدف إلى ضمان مستوى معيشى لائق لجميع أفراد المجتمع، وتوفير شبكة أمان اجتماعى تحميهم من المخاطر المختلفة، مثل المرض والشيخوخة والعجز والبطالة. فى مصر، تشمل برامج الحماية الاجتماعية العديد من المبادرات الحكومية، مثل برنامجى «تكافل وكرامة» اللذين يقدمان مساعدات نقدية للأسر الأكثر احتياجًا، وبرامج التأمين الصحى، وبرامج دعم الأجور والمعاشات.
ومع ذلك تواجه مصر تحديات كبيرة فى مجال الحماية الاجتماعية، أبرزها الزيادة السكانية السريعة التى تؤدى إلى زيادة الضغط على الموارد المتاحة، وتوسيع قاعدة الفئات المستحقة للدعم، ما يمثل تحديًا كبيرًا لميزانية الدولة.
وتعانى البلاد من معدلات بطالة مرتفعة، خاصة بين الشباب، ما يؤدى إلى زيادة الفقر وانتشار الظواهر الاجتماعية السلبية. وهناك تأثيرات اقتصادية عالمية، مثل التقلبات فى أسعار السلع الأساسية والأزمات الاقتصادية، ما يؤدى إلى زيادة الضغوط على الاقتصاد المحلى، وتقليل قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الاجتماعية.
وقد أدت جائحة كورونا إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، ما زاد من الحاجة إلى تعزيز برامج الحماية الاجتماعية.
وتدرك الحكومة أهمية الحماية الاجتماعية فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وقد اتخذت العديد من الإجراءات لتعزيزها، منها:
توسيع قاعدة المستفيدين من برامج الدعم النقدى، وقد تم توسيع قاعدة المستفيدين من برنامجى «تكافل وكرامة» لتشمل المزيد من الأسر الأكثر احتياجًا.
وزيادة قيمة الدعم النقدى المقدم للأسر المستفيدة، لمواجهة ارتفاع الأسعار وتوفير فرص عمل جديدة للشباب، من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع الاستثمار.
كما تعمل الحكومة على تطوير البنية التحتية فى مختلف المجالات، مثل الصحة والتعليم والإسكان، لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
لتعزيز الحماية الاجتماعية فى مصر، يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها زيادة الاستثمارات فى القطاع الاجتماعى، وتخصيص أكبر قدر من الميزانية العامة للإنفاق على البرامج الاجتماعية، مثل الصحة والتعليم والسكن.
كما يجب تطوير نظام الحماية الاجتماعية ليكون أكثر استدامة وكفاءة، مع التركيز على الاستهداف الدقيق للأسر الأكثر احتياجًا، وتعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدنى، لتقديم خدمات اجتماعية أفضل للمواطنين.
ويمكن الاستفادة من التكنولوجيا لتسهيل تقديم الخدمات الاجتماعية وتحسين كفاءة البرامج.
تعتبر الحماية الاجتماعية ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة فى مصر فى ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، ويجب على الحكومة مضاعفة جهودها لتعزيز برامج الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاقها لتشمل أكبر عدد ممكن من المواطنين. كما يجب على المجتمع المدنى والقطاع الخاص أن يسهما فى دعم هذه الجهود، وذلك من خلال توفير الدعم المالى والفنى والخبرات اللازمة.
تظل الحماية الاجتماعية ضرورة ملحة لمواجهة تداعيات الغلاء والتحديات الاقتصادية فى مصر. وعلى الرغم من الجهود المبذولة، فإن هناك حاجة ماسة لمزيد من الإصلاحات والتطوير لضمان وصول الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجًا، من خلال التعاون بين الحكومة والمجتمع المدنى، ويمكن تحقيق نتائج إيجابية تسهم فى تحسين مستوى المعيشة وتعزيز العدالة الاجتماعية. إن تحسين برامج الحماية الاجتماعية لن يُسهم فقط فى تخفيف الأعباء عن المواطنين، بل سيعزز أيضًا من الاستقرارين الاجتماعى والاقتصادى فى البلاد.