واشنطن.. الصندوق.. والقاهرة
الرؤية المصرية فى مختلف القضايا المالية والاقتصادية، جرى طرحها، وشرحها، فى الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، التى بدأت الإثنين الماضى، وانتهت أمس الأول، السبت، فى العاصمة الأمريكية واشنطن، وركزت على عدد كبير من الملفات، أبرزها التنمية الاقتصادية، والمساعدات الدولية، والقضاء على الفقر، والتحديات الراهنة التى تواجه النظام المالى العالمى، و... و... وشارك فيها وفد مصرى رفيع المستوى، ضم محافظ البنك المركزى ووزراء المجموعة الاقتصادية.
خلال هذه الاجتماعات، وعلى هامشها، استعرض الوفد المصرى المستهدفات المالية والاقتصادية، خلال المرحلة المقبلة، والفرص المتنوعة والمحفزة للاستثمار، والإصلاحات الهيكلية، التى أجرتها الحكومة المصرية، فى سعيها الجاد إلى تهيئة بيئة أعمال مواتية وجاذبة لاستثمارات القطاع الخاص، المحلى والأجنبى، إضافة إلى جهود تحسين معدلات النمو الاقتصادى، وتحقيق الاستقرار المالى على المدى المتوسط، ورفع كفاءة إدارة الدين العام، واستهداف وضع المديونية الحكومية فى مسار نزولى باستراتيجية متكاملة، وتعزيز الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية. كما جرى، أيضًا، استعراض الجهود التى تقوم بها الدولة المصرية، لتعزيز كفاءة إدارة الاستثمارات العامة، وحوكمتها، ووضع سقف مُحدد لها.
تجتمع مجالس محافظى صندوق النقد ومجموعة البنك الدولى، مرة واحدة سنويًا، لمناقشة أعمال وأنشطة المؤسستين، بمشاركة نخبة من قادة الاقتصاد الدولى، ووزراء التنمية ومحافظى البنوك المركزية بالدول الأعضاء، وممثلين عن القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى، ومؤسسات التصنيف الدولية ومراكز الفكر والتأثير. وجرت العادة على عقد الاجتماعات فى واشنطن، لسنتين متتاليتين، على أن تنقل، فى السنة الثالثة، إلى إحدى عواصم الدول الأعضاء. وعلى هامش اجتماعات هذه السنة، اجتمع وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية، لـ«مجموعة العشرين»، التى شاركت فيها مصر، أيضًا، استكمالًا لمشاركتها فى اجتماعات المجموعة، للمرة الرابعة، بدعوة من البرازيل، التى تترأس الدورة الحالية.
المهم، هو أن كريستالينا جورجييفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى، قالت فى مؤتمر صحفى عقدته، الخميس الماضى، إنها ستزور مصر فى غضون ١٠ أيام، للاطلاع على ما يواجهه الاقتصاد المصرى من تحديات بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، لافتة إلى أن الصندوق منفتح للغاية على تعديل البرنامج المصرى، أو أى برنامج آخر. ولعلك تعرف أن وفدًا من الصندوق كان من المفترض أن يزور القاهرة، أواخر سبتمبر الماضى، فى إطار «المراجعة الرابعة» لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، غير أن الوفد أرجأ هذه الزيارة إلى ما بعد الاجتماعات السنوية، بحسب الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، الذى أعلن، الأربعاء الماضى، عن اعتزام حكومته «مراجعة التوقيتات والمستهدفات»، الخاصة بالبرنامج المتفق عليه، على خلفية المتغيرات الإقليمية المتسارعة، بعد التكليف الرئاسى بـ«مراجعة» الموقف مع الصندوق، لو أدّى تنفيذ هذا الاتفاق، إلى ضغط، غير محتمل، على المواطنين.
فى هذا السياق، أعرب أحمد كجوك، وزير المالية، خلال مشاركته فى اجتماعات واشنطن، عن تطلع مصر إلى مشاورات إيجابية وبناءة خلال زيارة وفد الصندوق المرتقبة. كما أعرب عن تطلعه، أيضًا، إلى استمرار جهود التنسيق والتعاون مع كل المؤسسات الدولية، خلال الفترة المقبلة، بما يضمن استمرار جهود تسهيل وتحسين مناخ الاستثمار، والتنفيذ الكامل لحزمة التسهيلات المستهدفة خلال السنة المالية الجارية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين شهدت اختيار الدكتور محمد معيط، وزير المالية السابق، مديرًا تنفيذيًا، بصندوق النقد، عضوًا بمجلس المديرين التنفيذيين، ممثلًا للمجموعة العربية والمالديف. وفى بيان أصدره فور توليه المنصب، وجّه «أسمى آيات الشكر والتقدير» للرئيس عبدالفتاح السيسى «لثقته الغالية ودعمه لترشيحه لهذا المنصب الدولى رفيع المستوى، وكذلك مساندة الحكومة المصرية وعلى رأسها الدكتور مصطفى مدبولى، والوزراء ومحافظ البنك المركزى ونوابهم، وممثلى المجموعة العربية والمالديف بصندوق النقد»، مؤكدًا أنه سيعمل على مضاعفة جهود مساندة الاقتصادات العربية، من خلال سياسات متسقة ومتكاملة ومتوازنة، تدفع بمسار الاستقرار المالى وتُشكِّل ركائز اقتصادية قوية أكثر تنوعًا ومرونة وقدرة على النمو بمعدلات جيدة ومستدامة.