عودة قواعد الاشتباك| إيران تستوعب «الضربة الإسرائيلية المحدودة».. ولا توقعات بتصعيد جديد
رأت صحيفة «واشنطن بوست»، الأمريكية، أن الهجوم الذى شنته إسرائيل، على إيران لم يصل إلى مستوى «القصف المروع» والتصعيد الذى كان يخشى الدبلوماسيون أن يؤدى إلى حرب واسعة النطاق، خاصة أن قيادة الدفاع الجوى الإيرانية أكدت أن الهجوم تسبب فى أضرار محدودة.
ونقلت الصحيفة عن مسئول إسرائيلى قوله إن الهجمات لم تستهدف إنتاج النفط الإيرانى أو مواقع الأبحاث النووية، وهى الأهداف التى يمكن أن تكون أكثر الأسباب احتمالًا لإثارة تصعيد آخر فى دورة الهجوم والهجوم المضاد، التى انخرطت فيها الدولتان منذ أشهر.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلى عن أن نحو ١٠٠ طائرة مقاتلة إسرائيلية شنت ٣ موجات من الهجمات على إيران، مشيرًا إلى أنه استهدف ٢٠ موقعًا. غير أن وكالة «تسنيم» الإيرانية نقلت عن مصدر إيرانى قوله إن «استهداف ٢٠ موقعًا أمر مبالغ فيه، وإن الأمر يصب فى خانة الحرب النفسية»، كما نفى مشاركة ١٠٠ طائرة فى الهجوم.
وقال مسئول إسرائيلى إن بلاده استهدفت غالبية قدرات إيران على إنتاج صواريخ «سطح سطح»، موضحًا أن «هدف الهجوم منع إنتاج المزيد من الصواريخ»، مشبهًا الأمر كما لو كان «تدميرًا بخط إنتاج الصواريخ بشركة رافائيل»، فى إشارة إلى شركة تكنولوجيا الدفاع الكبرى فى إسرائيل.
ولم يتضح على الفور حجم الضرر الذى ألحقته الهجمات بأهداف، قالت إسرائيل إنها ستقتصر على الأصول العسكرية، بما فى ذلك مصانع الصواريخ ومواقع الدفاع الجوى.
وقال دانييل هاجارى، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى، فى بيان، بعد انتهاء الهجمات: «إذا ارتكب النظام فى إيران خطأ البدء فى جولة جديدة من التصعيد، فسوف نرد».
وذكر مسئول دفاعى أمريكى، لصحيفة «واشنطن بوست»، أن الولايات المتحدة أُبلغت مسبقًا بالضربات الإسرائيلية، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لم تشارك فى العملية.
وأضاف: «لقد عمل الرئيس جو بايدن وفريقه للأمن القومى مع الإسرائيليين على مدار الأسابيع الأخيرة لتشجيع إسرائيل على إجراء رد متناسب، مع خفض خطر إلحاق الضرر بالمدنيين، ويبدو أن هذا هو بالضبط ما حدث»، مشيرًا إلى أن الهجوم بهذا الشكل يمكن أن يقلل من خطر التصعيد المتزايد.
وقللت العديد من محطات البث الإيرانية من أهمية الضربات، حيث نشرت وكالة أنباء «تسنيم»، على مواقع التواصل الاجتماعى، مقطع فيديو لأفق طهران، وكتبت: «لا يوجد حريق أو دخان فى هذا المشهد».
وأكدت مصادر أمريكية التزام رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بتوجيهات الإدارة الأمريكية خلال الرد الإسرائيلى على إيران، مشيرة إلى أن هذه المرة الأولى التى يلتزم فيها «نتنياهو» بضوابط واشنطن منذ هجوم حماس على مستوطنات غلاف غزة، جنوبى إسرائيل، فى السابع من أكتوبر من العام الماضى.
وأعلن الجيش الإيرانى، أمس، عن أن اثنين من جنوده قُتلا جراء الهجمات الإسرائيلية. وأوضحت وكالة «تسنيم» أنهما قُتلا فى أثناء التصدى «لمقذوفات النظام الصهيونى المجرم، وذلك دفاعًا عن أمن إيران ومنع المساس بالشعب ومصالح إيران».
وأصدر مقر الدفاع الجوى الإيرانى بيانًا قال فيه: «على الرغم من التحذيرات السابقة من مسئولى الجمهورية الإسلامية للكيان الصهيونى الإجرامى وغير الشرعى لتجنب أى مغامرة، هاجم هذا الكيان المزيف أجزاء من المراكز العسكرية فى محافظات طهران وخوزستان وإيلام، حيث اعترضت منظومة الدفاع الجوى الموحدة للبلاد هذا العمل العدوانى وتصدت له بنجاح، بينما لحقت أضرار محدودة ببعض النقاط، ويجرى التحقيق فى أبعاد هذه الحادثة».
من جهتها، تساءلت صحيفة «التليجراف»، البريطانية، عما يمكن أن يحدث عقب الضربة الانتقامية التى وجهتها إسرائيل لإيران، حيث أصبحت الكرة الآن فى ملعب إيران.
وفى مقال تحليلى لها، قالت الصحيفة إن العالم ينتظر رد طهران، بينما يقف الشرق الأوسط على شفا أزمة، محذرة من أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة قد تؤدى إلى حرب شاملة بين القوتين تهدد بابتلاع المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن بين إسرائيل وإيران، اللتين لا تشتركان فى حدود، صراعًا سريًا منذ فترة طويلة من خلال وكلاء.
وتخوض «حماس» و«حزب الله»، المدعومان من طهران، حروبًا برية مع إسرائيل، لكن الدولتين سعتا دائمًا إلى تجنب المواجهة المباشرة نظرًا للتكلفة التى ستتكبدانها.
وقبيل الضربة، أبلغت إسرائيل حلفاءها فى الغرب بأنها لن تستهدف المنشآت النفطية أو النووية الإيرانية، أملًا فى منع حدوث تصعيد حقيقى، فيما هددت إيران برد «حاسم ونهائى ومؤسف» إذا ضرب الإسرائيليون أصولًا إيرانية، و«الكرة الآن فى ملعب إيران»، حسب الصحيفة.
وسلطت «التليجراف» الضوء على القدرات العسكرية للطرفين، قائلة إن لدى إسرائيل أحد أكثر الجيوش تقدمًا من الناحية التكنولوجية فى العالم، وتحظى بدعم الولايات المتحدة، ولدى واشنطن ما لا يقل عن ١٠٠ جندى على الأرض فى إسرائيل، حيث يديرون نظام الدفاع الجوى «ثاد».
أما إيران فتفتخر بأن لديها أكبر جيش فى الشرق الأوسط، قوامه نحو ٥٨٠ ألف جندى و٢٠٠ ألف جندى احتياط. فيما لا يُعرف عدد الصواريخ والمُسيّرات التى تحت تصرفها، وإن كان يُعتقد أنها تملك مخزونات كبيرة منها.
ورجحت الصحيفة أن إيران ستحدد مدى ردها وفق الضرر الذى لحق بها، ومع ذلك فإن زعم إسرائيل أنها لم تستهدف إلا أهدافًا عسكرية يمنح طهران مخرجًا لتهدئة الحرب المتبادلة.
وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أن الأضرار محدودة، وقد يكون هذا بمثابة إشارة خفية إلى أن إيران تسعى لتجنب المزيد من التصعيد، لكن إذا قررت إيران الرد بشكل يفوق الصواريخ الباليستية الـ١٨١ التى أطلقتها على إسرائيل فى الأول من أكتوبر، فربما يكون هذا إشارة إلى الاتجاه نحو حرب شاملة، على حد قول الصحيفة.