ما بعد الاستهدافات المتبادلة!
عشرات الطائرات المقاتلة وطائرات التزود بالوقود وطائرات التجسس، التابعة لسلاح الجو الإسرائيلى، قامت بـ«عملية معقدة» فى وقت مبكر من صباح أمس، السبت، طالت أهدافًا عسكرية فى إيران. غير أن يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، انتقد «الردّ المحدود» على الهجوم الصاروخى الإيرانى «الضخم»، وقال إن طهران التى وصفها بـ«رأس محور الشر» كان ينبغى أن تدفع ثمنًا أثقل كثيرًا.
قرار عدم مهاجمة أهداف استراتيجية واقتصادية فى إيران، كان خاطئًا فى رأى «لابيد»، الذى أشاد، فى بيان، بالقوات الجوية الإسرائيلية «لإظهارها مرة أخرى قدرات عملياتية عالمية المستوى وتفوقًا جويًا». وفى المقابل، قالت إيران إن دفاعاتها الجوية نجحت فى صد الهجمات الإسرائيلية، لكن «أضرارًا محدودة» وقعت فى بعض المواقع. ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثورى» الإيرانى، عن مصادر، أن طهران متأهبة للرد على أى «عدوان»، وأن إسرائيل «ستواجه ردًا متناسبًا على أى فعل تقترفه».
مع عدوانها المستمر، منذ أكثر من سنة، على قطاع غزة والضفة الغربية، وتكثيف هجماتها على الأراضى اللبنانية، ودول عديدة فى المنطقة، تصاعدت المخاوف من الانجرار إلى حرب إقليمية. ومن هذا المنطلق، تتابع مصر بقلق بالغ حالة التصعيد الخطيرة والمتسارعة بالمنطقة، وتدين كل الإجراءات، التى تهدد أمن واستقرار المنطقة، وتؤدى إلى تأجيج الوضع الهش بالإقليم، وإذكاء حالة الاحتقان واحتدام الصراع. وحذرت، فى بيان أصدرته وزارة الخارجية، من مخاطر التصعيد الراهن، التى قد تؤدى، سواء عن عمد أو نتيجة حسابات خاطئة، لانزلاق المنطقة إلى مواجهة خطيرة تهدد الأمنين الإقليمى والدولى.
مجددًا، شددت مصر على موقفها الداعى إلى سرعة التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار فى قطاع غزة، فى إطار صفقة يتم بموجبها إطلاق سراح الرهائن والأسرى، باعتبارها السبيل الوحيد إلى خفض التصعيد، والأساس الذى سيؤدى إلى إقرار التهدئة المطلوبة فى هذا الظرف الحرج. كما جددت مطالبتها بوقف فورى لإطلاق النار فى لبنان وضرورة احترام السيادة اللبنانية على كل أراضيه. وكرّرت مصر، فى البيان الصادر عن وزارة الخارجية، مطالبتها بضرورة احترام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى وميثاق الأمم المتحدة، وعدم المساس بسيادة الدول واحترام وحدة وسلامة أراضيها.
التصعيد الجارى فى منطقة الشرق الأوسط، تناوله الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى اتصال تليفونى تلقاه، أمس، من نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، أكد خلاله الرئيسان ضرورة ضبط النفس، ووقف دائرة الاستهدافات المتبادلة، التى تضع المنطقة بأسرها على حافة حرب إقليمية، تهدّد مقدرات جميع شعوبها. ومع استعراض الجهود الجارية لوقف إطلاق النار فى غزة ولبنان، وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة، وبكميات كافية، شدّد الرئيسان على ضرورة احترام سيادة الدولة اللبنانية وسلامة أراضيها، مؤكدين دعمهما لمؤسساتها الوطنية. كما شهد الاتصال تأكيد عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وحرصهما على استمرار التعاون فى مختلف المجالات، خاصة الاقتصادية والاستثمارية، بما يخدم مصالح الشعبين المصرى والفرنسى الصديقين، واستمرار التشاور بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
الأزمة، التى تشهدها المنطقة، على وقع العدوان الإسرائيلى المستمر، لما يزيد على سنة، على أبناء الشعب الفلسطينى المحاصرين بقطاع غزة، وامتداد هذا العدوان إلى الأراضى اللبنانية، عدّها الرئيس السيسى، فى كلمته خلال قمة «بريكس بلس»، الخميس الماضى، أكبر دليل على ما وصل إليه عالمنا اليوم، والنظام الدولى، من تفريغ للمبادئ وازدواجية للمعايير، إضافة إلى غياب المحاسبة والعدالة، إزاء الانتهاكات التى يجرى ارتكابها فى حق المواثيق الدولية، وقواعد القانون الدولى والإنسانى.
.. أخيرًا، ومع مطالبتنا بتمكين مؤسسات الدولة اللبنانية، وفى مقدمتها الجيش، من أداء دورها، وتشديدنا على ضرورة إنهاء أزمة الشغور الرئاسى بالدولة الشقيقة، دون إملاءات خارجية، نرى، كما رأى الرئيس، ويرى كل عاقل، ضرورة تضافر الجهود الدولية، لوقف التصعيد الخطير فى المنطقة، ومنع الانزلاق إلى حرب شاملة، خاصة فى ظل امتداد الصراعات إلى العديد من الدول، وتأثيرها السلبى على حركة الملاحة بخليج عدن والبحر الأحمر، وعلى حركة التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية.