رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أكتوبر» انتصارات مصرية ووكسات «إسرائيلية»!

أوشك شهر أكتوبر على الانتهاء بكل ما يحمله من ذكريات لبطولات عظيمة وتاريخ لانتصارات أعظم كسرت أنف العدو وغطرسته، بطولات أكتوبر تحكيها كتب التاريخ وتُدرسها الأكاديميات العسكرية فى الشرق والغرب لبطولات غيّرت المفاهيم العسكرية العالمية، تاريخنا يحكى قصص البطولات، بينما تاريخهم يحكى قصص العدوان والهمجية ومحاولات السطو والقتل والفشل.
نحتفل بشهر الانتصارات التى أعادت لنا الأرض المغتصبة، وأثبتت قدرتنا على تخطى كل الصعاب وتحقيق الانتصارات، وهم يحتفلون بذكرى الإخفاقات والجرائم والهزائم. 
نحتفل بذكرى العبور العظيم فى السادس من أكتوبر الذى حطم أسطورة العدو الذى لا يُقهر، فانهارت قواه فى 6 ساعات ودُمرت آلياته وقُتل جنوده وأُسر قادته، فلم تحميه الأسلحة المتطورة ولم تمنع هزيمته الأقمار الصناعية الأمريكية التجسسية، ولم يفلح اختباؤهم خلف السواتر التربية والخنادق. 
فمن الحكايات المحببة لنا والتى استمعنا إليها من أبطال العبور ممن عرفناهم من أهالينا ومعارفنا منذ صغرنا، ما سمعناه منهم عن صراخات جنود الاحتلال خلال اقتحام مخابئهم، وكيف كان أبطالنا يصطادون عساكر العدو كالفئران المذعورة ويكاد تفتك بهم أسنان الأبطال وكأنهم أمسكوا بلصوص فوق أسطح منازلهم.
يذكر تاريخ شهر أكتوبر ذكرى جريمة إنسانية لا تسقط بالتقادم عندما فُجرت أول قنبلة نووية بريطانية تجاه ساحل أستراليا فى الثانى من أكتوبر عام 1952.
بينما يذكر لنا تاريخ الثانى من أكتوبر ذكرى تحرير بيت المقدس عام 1187، بقيادة الناصر صلاح الدين الأيوبى، بعد 88 عامًا من حكم الصليبيين للمدينة المقدسة.
بينما تمر ذكرى انتكاسة العدو بجنوده ومستوطناته وآلياته وكاميراته ومجساته الأرضية والجوية ومخابراته فى يوم 7 أكتوبر، والتى نجحت خلالها المقاومة الفلسطينية فى عبور الأسوار وإقتحام المستوطنات وقتل وأسر عدد كبير من المحتلين للأرض العربية الفلسطينية كحق مشروع للشعوب المحتلة فى الدفاع عن أراضيها. 
بينما يذكر التاريخ بدء العدوان الصهيونى على شعب غزة المحاصر والقيام بجرائم حرب وإبادة لم تتوقف ضد الأطفال والنساء والعزل، وحرمانهم من حق الدفاع عن النفس بمساندة دول كبرى تدّعى دومًا رعايتها الديمقراطية وحقوق الإنسان.
يذكر التاريخ بكل فخر واعتزاز يوم 8 أكتوبر، ذكرى تحرير أبطال الجيش المصرى، بقيادة البطل العقيد محمد زرد، نقطة «تبة الشجرة» الحصينة شرق القناة، التى شيدها العدو لتكون حصنه الحصين على خط بارليف وتسببت مدافعها فى العدوان المستمر على محافظتى الإسماعيلية والشرقية، وسقطت فى ساعات معدودة ببطولات جنودنا، وزارها الرئيس السادات فى نفس اليوم بعدما اصطحب معه وكالات الأنباء العاليمة، ليؤكد السيطرة الكاملة لمصر على الضفة الشرقية للقناة  بعد 48 ساعة فقط من العبور.
ويذكر التاريخ قصف العدو بسلاح الطيران عام 1985 مدينة حمام الشط التونسية مستهدفًا ضرب مقر منظمة التحرير الفلسطينية وفشل، مما أدى إلى سقوط 68 شهيدًا.
يذكر التاريخ أيضًا يوم 14 أكتوبر ذكرى معركة المنصورة كأكبر معركة جوية فى العالم، حين خرجت 60 طائرة مصرية لمواجهة 120 طائرة إسرائيلية حاولت تحقيق أى انتصار بعد هزائمهم المتعاقبة منذ السادس من أكتوبر، ورغم تفوق الطائرات الإسرائيلية فى المدى والقدرات، إلا أن «نسور السماء» أسقطوا 18 طائرة فى يوم أسود لسلاحهم الجوى، واتخذته قيادة القوات الجوية المصرية عيدًا لها رمزًا لنسور السماء المحافظين على قدسية سماء مصر. 
ويواكب السابع من أكتوبر عام 2001 ذكرى بدء الحرب الأمريكية على أفغانستان، التى استهدفت منها القوة العظمى فى العالم إسقاط حكومة طالبان، واستمرت قرابة 20 عامًا، وانتهت بالفشل وإعلان حركة طالبان كامل سيطرتها على حكم أفغانستان.
وتحتفل قواتنا البحرية بعيد البحرية المصرية يوم 21 أكتوبر فى ذكرى أول عمل عسكرى مصرى بعد نكسة 1967، ويعد معجزة عسكرية غيرت المفاهيم العسكرية كافة، وتم فيه تنفيذ هجمة بعدد «2» لنش صواريخ من قوة قاعدة بورسعيد البحرية باستخدام الصواريخ البحرية «سطح/ سطح» ضد أكبر الوحدات البحرية الإسرائيلية المدمرة «إيلات» التى اخترقت المياه الإقليمية المصرية ونجحت البحرية المصرية فى إغراقها، ليكون لنا يوم 21 أكتوبر عيدًا ولهم نكبة وهزيمة وذكرى لقتلاهم الذين سمحت لهم الأخلاق المصرية بجمع أشلائهم من داخل مياهنا الإقليمية الطاهرة.
ولن ينسى التاريخ ولا الشعوب الحرة ذكرى العدوان الثلاثى على مصر، والذى بدأ يوم 29 أكتوبر من عام 1956، المعروف عالميًا بحرب السويس، ويعرف عند العدو الصهيونى بالعملية «قادش»، وهى حرب شنتها كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ضد مصر، ويعتبرها مؤرخو الغرب واحدًا من أهم الأحداث العالمية التى أسهمت فى تحديد مستقبل التوازن الدولى بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت حاسمة فى أفول نجم القوى الاستعمارية التقليدية «بريطانيا وفرنسا»، وتألُق نجوم جديدة على الساحة الدولية، تتصدرها مصر القائدة لدول العالم النامى ودول عدم الانحياز فيما بعد. 
والتاريخ طويل وممتد ولن ينتهى إلا بتوقف حركة الكون، لنظل نذكر ببطولاتنا وهزائمهم فى أكتوبر المجيد.