تشويه روسى لإعلان قازان!
باختصار مخل، ومخجل للدول الأعضاء فى تجمع «بريكس»، نشر موقع «روسيا اليوم» عشر نقاط، أو «أحكام»، من «إعلان قازان»، لم تتناول العدوان الإسرائيلى، المستمر منذ أكثر من سنة، على قطاع غزة والضفة الغربية، واكتفت بإعلان دول «بريكس»، فى النقطة التاسعة، عن دعمها «انضمام دولة فلسطين المستقلة إلى الأمم المتحدة، ضمن حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧»!
ركز «إعلان قازان»، طبعًا، على النواحى الاقتصادية والتنموية والاستثمارية، وأكد أن «ظهور مراكز قوى عالمية جديدة وصنع القرار السياسى والنمو الاقتصادى»، يساعد فى وضع أسس نظام عالمى متعدد الأقطاب، أكثر عدلًا وديمقراطية وتوازنًا. كما أوضح الإعلان أن «التعددية القطبية يمكن أن تسمح للدول النامية، ودول الأسواق الناشئة بتوسيع فتح إمكاناتها البناءة، وضمان التعاون الشامل والعادل والمنصف والمفيد». وقال الإعلان إن القمة أولت اهتمامًا خاصًا لقضايا توسيع التسويات المتبادلة بالعملات الوطنية.
دعت دول التجمع، أيضًا إلى إصلاح مؤسسات «برايتون وودز» لزيادة مساهمة الدول النامية فى الاقتصاد العالمى، وقالت إنها ستدرس إنشاء منصة نقل موحدة، لضمان الخدمات اللوجستية متعددة الوسائط بين دول التجمع، وأعربت عن دعمها المبادرة الروسية لإنشاء بورصة حبوب، تغطى باقى قطاعات الزراعة فى المستقبل، إضافة إلى الاتفاق على تحويل «بنك التنمية الجديد» إلى بنك تنمية متعدد الأطراف لدول الأسواق الناشئة، والترحيب بإنشاء منصة استثمارية جديدة تستخدم البنية التحتية للبنك نفسه.
المهم، الاختصار المخل والمخجل لـ«إعلان قازان»، الذى نقلته صحف ومواقع إلكترونية عديدة، دولية وإقليمية ومصرية للأسف، عن الموقع الروسى الحكومى، المعروف اختصارًا باسم «RT»، لم يتناول، أيضًا، الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، باستثناء النقطة الخامسة، التى قالت إن الدول الأعضاء أدانت «بمزيد من القلق» الهجوم الإسرائيلى على السفارة الإيرانية، وتفجير أجهزة الاستدعاء «بيجر»، بعد أن ذكرت، فى النقطة الثانية، أن دول «بريكس» شدّدت على ضرورة تجديد جميع الأطراف للاتفاق النووى الإيرانى، وشدّدت، كذلك، على الاحترام غير المشروط لسيادة سوريا وحماية سلامة أراضيها.
لو عدت إلى أصل «إعلان قازان»، الذى يحمل عنوان «تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين»، الذى هو نفسه العنوان الرئيسى للقمة، وشعار سنة الرئاسة الروسية لتجمع «بريكس»، ستجد أن الدول الأعضاء، أعربت، فى النقطة رقم ٣٠ منه، عن قلقها البالغ إزاء تدهور الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، خاصة التصعيد الأخير للعنف فى قطاع غزة والضفة الغربية، نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية، إضافة إلى دعوتها لوقف فورى وشامل لإطلاق النار، والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن والمحتجزين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
فى النقطة نفسها، أدانت دول التجمع «الهجمات الإسرائيلية التى تستهدف العمليات الإنسانية والبنية التحتية والموظفين ونقاط توزيع المساعدات»، كما رحبت بـ«جهود مصر وقطر، والجهود الإقليمية والدولية الأخرى الرامية إلى وقف فورى لإطلاق النار، وتسريع إمدادات المساعدة الإنسانية وانسحاب القوات الإسرائيلية»، وفى النقطة التالية، أعربت دول «بريكس»، عن انزعاجها إزاء الوضع فى جنوب لبنان، وأدانت الخسائر الكبيرة فى أرواح المدنيين والأضرار التى لحقت بالبنية التحتية، واستهداف موظفى الأمم المتحدة والقوات الدولية، داعية إسرائيل إلى الوقف الفورى لمثل هذه الأعمال، والامتثال للقانون الدولى.
.. وتبقى الإشارة إلى أن دول «بريكس»، بنص «إعلان قازان»، جدّدت دعمها لقبول دولة فلسطين، كعضو كامل العضوية فى الأمم المتحدة، فى سياق الالتزام الثابت بحل الدولتين على أساس القانون الدولى، بما فى ذلك قرارات مجلس الأمن، ومبادرة السلام العربية، التى تنص على إنشاء دولة فلسطين مستقلة وكاملة السيادة على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، كما تضمن الإعلان، أو البيان الختامى لقمة التجمع السادسة عشرة، التى استضافتها مدينة قازان الروسية، وانتهت أعمالها، أمس الأول الخميس، نقطتين تشيران، بوضوح، إلى إسرائيل، أولاهما تطالب بتنفيذ القرارات المتعلقة بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، والثانية تحذر من أن تصعيد الصراع فى المنطقة «محفوف بزيادة التوتر والتطرف»، وله عواقب «ضارة للغاية» على المستويين الإقليمى والدولى.