مصر وجنوب إفريقيا مجددًا
على هامش مشاركتهما فى القمة السادسة عشرة لتجمع «بريكس»، التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الجنوب إفريقى سيريل رامافوزا، صباح أمس، الخميس، بمدينة قازان الروسية، وأكد الرئيسان اهتمامهما بالارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين، لتكون مثالًا يُحتذى به لما يُمكن إنجازه على المستوى القارى، والاستمرار فى تعزيز وتنويع أطر التعاون على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، بما يعكس العلاقات التاريخية الوطيدة التى تجمع البلدين الشقيقين.
العلاقات المصرية الجنوب إفريقية شهدت تطورًا ملحوظًا، فى مختلف المجالات، منذ التقى رئيسا البلدين، فى سبتمبر ٢٠١٤، على هامش مشاركتهما فى الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومع تزايد وتيرة الزيارات واللقاءات والاتصالات الثنائية، على كل المستويات، جرى تفعيل اللجنة المشتركة للتعاون بين البلدين، التى كانت قد توقفت منذ سنة ٢٠١٠، واستضافت القاهرة، فى ٢٠٢٢، أعمال دورتها التاسعة، برئاسة وزيرى خارجية البلدين، ثم أقيمت الدورة العاشرة، فى بريتوريا، خلال السنة الجارية، وجرى خلالها حوار شامل حول مجموعة واسعة من الموضوعات، شملت القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مسترشدين بتاريخ البلدين فى الكفاح ضد الاستعمار، وبأواصر الصداقة والتضامن التى ترتكز عليها العلاقات الثنائية، وبالرؤية المشتركة لحاضر ومستقبل القارة الإفريقية.
من هذا المنطلق، تناول الرئيسان، أمس، الأوضاع الإقليمية، وجرى استعراض الجهود المصرية والجنوب إفريقية تجاه دعم القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وأكدا مواصلة التشاور والتعاون، فى هذا الصدد، على جميع المستويات؛ بهدف التوصل لتهدئة بالمنطقة ووقف إطلاق النار فى غزة ولبنان، ومنع الانتهاكات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، ودعم مسار إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؛ بما يحقق الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة، كما أكد الرئيسان ضرورة إنفاذ المساعدات الإنسانية العاجلة لقطاع غزة، وأعرب الرئيس الجنوب إفريقى عن تقديره لدور مصر الجوهرى فى هذا الشأن.
مع كل ما يراه العالم، بالصوت والصورة، منذ سنة، أو ٧٦ سنة، أكدت الدولة الإفريقية الشقيقة، فى دعوى أقامتها أمام محكمة العدل الدولية، أن الممارسات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة تحمل طابع الإبادة الجماعية؛ لأنها مصحوبة بالنية المحددة المطلوبة للقضاء على سكان قطاع غزة، كجزء من المجموعة القومية والعرقية الإثنية الأوسع، أى الفلسطينيين، ما يعنى أن دولة الاحتلال تنتهك اتفاقية حظر الإبادة الجماعية، التى تمنح المحكمة الاختصاص القضائى للفصل فى النزاعات المتعلقة بالاتفاقية، التى لا تلزم جميع الدول الموقّعة عليها بعدم ارتكاب الإبادة الجماعية فقط، بل تلزمها أيضًا بمنعها والمعاقبة عليها.
الدعوى تنظرها محكمة العدل الدولية، كما لعلك تعرف، منذ يناير الماضى، وأمرت، فى شقها العاجل، باتخاذ تدابير طارئة لم تلتزم بها دولة الاحتلال، وسبق أن أكد الدكتور زين دانجو، المتحدث الرسمى باسم فريق جنوب إفريقيا القانونى، أن انضمام مصر للدعوى «خطوة مهمة وضرورية تسهم فى حل النزاع»، مؤكدًا أن مصر بلد كبير، وتقوم بدور محورى بما تملكه من ثقل بالمنطقة وقدرات سياسية قوية، كما شدّد على أن دعم مصر الدعوى سيكون رسالة للجميع، ولإسرائيل على وجه الخصوص، بأن هناك وحدة دولية من أجل تحقيق الهدف النهائى، وهو تحرير الأراضى الفلسطينية وحماية المواطنين الفلسطينيين.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيسين، السيسى ورامافوزا، بحثا، خلال لقاء أمس، سبل الدفع بأولويات التنمية الإفريقية على الأجندة العالمية، وفى إطار تجمع «بريكس»، الذى انضمت إليه مصر، رسميًا، منذ بداية السنة الجارية، وأكدا حرصهما على مواصلة العمل المشترك، لتحقيق مصالح الشعوب الإفريقية والدول النامية إجمالًا. وقد تكون الإشارة مهمة، أيضًا، إلى أن مصر سبق أن أعربت، خلال الدورة العاشرة للجنة التعاون المشتركة بين البلدين، عن تطلعها إلى التعاون الوثيق مع جنوب إفريقيا، للقيام بدور فاعل ومؤثر داخل التجمع، والإسهام فى الجهود الرامية إلى إيجاد حلول عملية، قابلة للتنفيذ، لمواجهة التحديات التى تتطلب تنسيقًا مشتركًا للتعبير عن أولويات الدول النامية، خاصة الإفريقية منها، وجعل مؤسسات الحوكمة الاقتصادية العالمية أكثر استجابةً لتطلعات شعوبها.