الزيارة الاستراتيجية وقمة بريكس
زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، حاليًا، إلى روسيا للمشاركة فى «قمة بريكس» تعد استراتيجية بالدرجة الأولى، لأنها تعرض وجهة نظر مصر فى العديد من القضايا المثارة على الساحة الإقليمية والعالمية. وقمة «بريكس»، المنعقدة بمدينة «قازان» الروسية تشهد- للمرة الأولى- مشاركة مصر كعضو فى التجمع، منذ انضمامها رسميًا بداية العام الحالى.
وتناقش القمة سبل تعزيز التعاون بين دول التجمع، بما يضمن تطوير العمل متعدد الأطراف والإسهام فى التصدى للتحديات المركبة التى يشهدها العالم، سياسيًا واقتصاديًا، وإصلاح الهيكل المالى العالمى لتحقيق التوازن المأمول، لا سيما ما يتعلق بتعزيز صوت ومصالح الدول النامية فى مختلف المحافل الدولية والإقليمية، فى ضوء تنامى التأثيرات السلبية للصراعات والأزمات الدولية على مسيرة التنمية.
ويحمل الرئيس رؤية وموقف مصر الثابت بشأن التطورات الراهنة فى منطقة الشرق الأوسط، وجهود مصر الدءوبة والمكثفة للتهدئة ومنع توسع دائرة الصراع وتحوله إلى حرب إقليمية، بما يشكله ذلك من خطورة بالغة على مقدرات شعوب المنطقة، وعلى السلم والأمن الإقليميين والدوليين.
ويشكل انضمام مصر إلى «مجموعة بريكس» حدثًا بالغ الأهمية فى المشهدين الاقتصادى والسياسى الدوليين، ويمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز دور مصر الإقليمى والدولى.
وتُعد «مجموعة بريكس»: «البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا، مصر، السعودية، الإمارات، إثيوبيا، وإيران».. تجمعًا اقتصاديًا وسياسيًا، يضم بعضًا من أكبر اقتصادات العالم النامية.. وتتمتع هذه المجموعة بنفوذ متزايد فى النظام الدولى، وتسعى إلى توفير بدائل للأنظمة المالية العالمية الحالية. وتتمثل أهمية هذه المجموعة فى قوة اقتصادية هائلة، حيث تجمع بين اقتصادات قوية وناشئة، ما يجعلها قوة اقتصادية مؤثرة على مستوى العالم.
وتضم «المجموعة» دولًا من قارات مختلفة، ما يمنحها تنوعًا جيوسياسيًا كبيرًا، وقدرة على التأثير فى مختلف القضايا العالمية. وتسعى المجموعة إلى تعزيز التعاون الاقتصادى بين أعضائها، بما فى ذلك التجارة والاستثمار والبنية التحتية، وتقديم بدائل للأنظمة المالية العالمية الحالية، من خلال إنشاء بنك التنمية الجديد وغيرها من المبادرات.
كما أن عضوية مصر تعزز الاقتصاد المصرى، من خلال زيادة الاستثمارات وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إضافة إلى فتح أسواق جديدة للصادرات المصرية، خاصة فى قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة. والاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة لدول بريكس فى مجال الطاقة المتجددة، والحصول على تمويل لمشروعات البنية التحتية من بنك التنمية الجديد. إن انضمام مصر إلى «بريكس» يعزز دورها السياسى على المستويين الإقليمى والدولى، من خلال زيادة نفوذ مصر فى القضايا الدولية، وحل النزاعات الإقليمية.
ولا يمكن إغفال تعزيز التكامل الاقتصادى بين مصر ودول بريكس، من خلال تطوير البنية التحتية للنقل والاتصالات لتسهيل التجارة والاستثمار، وتبادل الخبرات والتطور التكنولوجى لخدمة التنمية.
وفى لقاء الرئيس السيسى مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، على هامش «قمة تجمع بريكس» خلال جلسة مباحثات موسعة، رحب بوتين بزيارة الرئيس إلى روسيا، معربًا عن سعادته بالمشاركة الأولى لمصر كعضو بتجمع بريكس، مؤكدًا أن انضمام مصر للتجمع يمثل إضافة لمسارات عمله، ويسهم فى تعزيز دوره كمنصة لتعزيز التعاون متعدد الأطراف بين الدول النامية.
وفى الوقت ذاته، أعرب السيسى عن حرص مصر على الانخراط فى فعاليات وأطر التجمع، مثنيًا على الجهد الذى بذلته روسيا خلال فترة رئاستها التجمع، مشيرًا إلى الأهمية التى توليها مصر لتعزيز التعاون مع روسيا، ليس فقط على المستوى متعدد الأطراف، ولكن على مستوى العلاقات الثنائية التى تشهد تطورًا كبيرًا فى مختلف المجالات، استنادًا إلى اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة بين البلدين فى عام ٢٠١٨.
كما ثمّن الرئيس التعاون بين البلدين فى العديد من المشروعات المشتركة، خاصة مشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروع إنشاء محطة الضبعة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية. ولم يتجاهل هذا اللقاء المهم مناقشة مختلف القضايا الإقليمية والدولية، والاتفاق على الأهمية القصوى لخفض التصعيد بمنطقة الشرق الأوسط، فى ظل ما يحمله الصراع بالمنطقة من تداعيات سلبية إقليميًا ودوليًا.. ودعا «الرئيسان» إلى ضرورة التوصل لوقف إطلاق نار فورى فى غزة ولبنان، وخفض التصعيد وتفادى الممارسات والإجراءات التى من شأنها أن تدفع بالإقليم نحو مزيد من التأزم. فى هذا السياق، شدد الرئيس على ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى أهالى قطاع غزة، فضلًا عن دعم لبنان، وتأكيد احترام سيادته وأمنه واستقراره.
فعلًا.. زيارة الرئيس السيسى إلى روسيا والمشاركة فى «قمة بريكس» استراتيجية بالدرجة الأولى، وتطرح رؤية مصر فى هذا المحفل المهم.