رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قفزة بالاحتياطى وتراجع التضخم.. خبراء يُعلقون على تقرير "جولدمان ساكس" عن الاقتصاد الوطنى

جولدمان ساكس
جولدمان ساكس

توقع تقرير صادر عن بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس، أن تشهد معدلات التضخم في مصر تراجعا كبيرا لتصل إلى أقل من 10% قبل نهاية عام 2025، مؤكدا أن الاحتياطيات النقدية ستقفز إلى 60 مليار دولار خلال العامين المقبلين.

وتعمل الحكومة على تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية لتحسين بيئة الأعمال وزيادة جاذبية السوق المصرية للاستثمارات، ما يبرز التعاون بين القطاعين العام والخاص كعنصر أساسي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

في هذا السياق، أجمع خبراء الاقتصاد على أن تقرير جولدمان ساكس عن مصر جيد ويأتي في توقيت مناسب ويمثل شهادة ثقة جديدة في الاقتصاد المصري، مؤكدين أن التقرير أظهر قوة ومتانة الاقتصاد في مواجهة التحديات الحالية.

وأوضح الخبراء أن سد الفجوة التمويلية ارتكز على عدة محاور شملت نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة وارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي وزيادة تحويلات المصريين بالخارج واستقرار سعر الصرف وتوقعات بانتعاش قطاع السياحة وعودة الثقة للمستثمرين واستكمال برنامج الطروحات الحكومية، مؤكدين أن هناك تحديات كبيرة متعلقة بالتوترات الجيوسياسية بالمنطقة وتطوراتها غير المتوقعة.

 

تراجع معدلات التضخم إلى 10% بنهاية 2025 

 

قال الدكتور عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادي، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن تحقيق هدف الدولة بخفض معدل التضخم إلى أقل من 10% قبل نهاية عام 2025 يتطلب مجموعة من السياسات الاستراتيجية المدروسة، مؤكدا أهمية تبني نهج شامل يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي.

وأشار السيد في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى أن الخطوة الأولى في هذا الاتجاه هي زيادة الإنتاج المحلي، حيث إن تعزيز القدرة الإنتاجية في مختلف القطاعات يعد أساسيًا لتوفير المعروض من السلع والخدمات، ما يساعد في تقليل الضغط على الأسعار. 

وأضاف أن الإنتاج المحلي يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين مستوى الاقتصاد الوطني وزيادة فرص العمل، موضحا أن تحسين السياسات النقدية يمثل عنصرًا ثانيًا حيويًا في هذه العملية يجب أن يتم ضبط أسعار الفائدة بشكل يتناسب مع مستوى التضخم المستهدف، موضحا أن هذا الأمر ضروري للتحكم في السيولة النقدية المتاحة في السوق، ما يسهم في تقليل الضغوط التضخمية.

وفيما يتعلق بالرقابة على الأسواق، أكد “السيد” ضرورة تعزيز جهود الحكومة لمكافحة جشع التجار والممارسات الاحتكارية، مؤكدا يجب تكثيف الرقابة على الأسعار لضمان التزام التجار بالأسعار العادلة، ما يسهم في حماية المستهلكين ويقلل من المخاطر التضخمية.

أما عن تعزيز مصادر دخل الدولة من العملات الأجنبية، فقد شدد الخبير الاقتصادي على أهمية زيادة الإيرادات من السياحة وتحسين تحويلات المصريين بالخارج، مشيرا إلى أن هذه الخطوات من شأنها أن تعزز من استقرار سعر الصرف، وبالتالي تقلل من الضغوط التضخمية على الاقتصاد.

وأشار إلى أن الحكومة تعمل على تطوير البنية التحتية وتحسين كفاءة سلسلة الإمداد، هذه التحسينات ستسهم في تقليل تكاليف الإنتاج والنقل، ما سينعكس إيجابًا على الأسعار مؤكدا أن الإجراءات المنسقة والشاملة هي السبيل لتحقيق هدف خفض معدل التضخم، ما سيؤدي إلى استقرار الاقتصاد الوطني وتحسين مستوى معيشة المواطنين.

وأكد ضرورة دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم تسهيلات مالية وإعفاءات ضريبية، موضحا هذه الخطوات ستعزز من قدرة هذه المشروعات على النمو والمنافسة، وبالتالي ستحقق فوائد كبيرة للاقتصاد بشكل عام.

واعتبر الدكتور عبدالمنعم السيد أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تكاتف الجهود بين جميع الجهات المعنية، وذلك لضمان مستقبل اقتصادي مستدام ومزدهر.

جذب الاستثمارات الأجنبية 

وقال الخبير المصرفي محمد عبدالعال إن تقرير بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس عن الاقتصاد المصري جاء واقعيا ويحمل كثيرا من التفاؤل نحو استعادة مصر لريادتها خلال الفترة الحالية رغم التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، مشيرا إلى أن مصر خطت خطوات نحو تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية والتي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة الاستثمارات، مؤكدا أن الاقتصاد يشهد تحسنًا في بعض المؤشرات الرئيسية، ما يبشر بمستقبل أكثر استقرارًا.

نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأضاف "عبدالعال" أن الحكومة تسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال مشروعات استراتيجية مثل مشروع تطوير رأس الحكمة ومشروعات أخرى، موضحا أن مشروع رأس الحكمة يمثل أحد أهم مشروعات التنمية المستدامة، حيث يهدف إلى تحسين البنية التحتية وتعزيز القطاع السياحي، ما سيعزز من تدفق النقد الأجنبي وسيؤدي إلى جذب استثمارات تقدر بنحو 50 مليار دولار، بالإضافة إلى حصول مصر على 35 مليار دولار.

ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي

وقالت الخبيرة المصرفية سهر الدماطي إن احتياطيات النقد الأجنبي في مصر شهدت زيادة ملحوظة، حيث تسهم هذه الاحتياطيات في دعم الاستقرار المالي والقدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية، مشيرة إلى أن تقرير جولدمان ساكس توقع أن تتجاوز الاحتياطيات الـ 60 مليار دولار بحلول عام 2027.

وأضافت الدماطي، الخبير المصرفي، أن هذه الزيادة تعزز من الاستقرار المالي وقدرة مصر على مواجهة الأزمات الاقتصادية المستقبلية، ما سيساعد في دعم الجنيه المصري ويعزز من ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.

ولفتت إلى أن زيادة التحويلات المالية من المصريين العاملين في الخارج تلعب دورًا محوريًا في تحسين احتياطيات النقد الأجنبي، موضحة أن التحويلات سجلت ارتفاعًا كبير وسجلت نحو 3 مليارات دولار خلال سبتمبر الماضي، ما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وزيادة القدرة الشرائية للمواطنين.

وتشير "الدماطي" إلى عودة الثقة للاقتصاد المصري بفضل الجهود الحكومية والإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها، موضحة ان هذه الإصلاحات جذبت استثمارات جديدة، بالإضافة الي دخول نحو 20 مليار دولار من الأموال الساخنة إلى السوق المصرية، ما يعزز من النشاط الاقتصادي ويحفز النمو.

وقالت الخبيرة المصرفية إن الاقتصاد المصري يسير في الاتجاه الصحيح، حيث يتوقع أن يستمر هذا الزخم الإيجابي في السنوات المقبلة، موضحة أن ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي وزيادة التحويلات من الخارج يعكسان جاذبية السوق المصرية للمستثمرين ويعززان من قدرة الحكومة على تنفيذ خطط التنمية المستدامة.

انتعاش قطاع السياحة

توقع الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، أن تشهد مصر انتعاشًا ملحوظًا في قطاع السياحة، والذي يعد من الأعمدة الأساسية للاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن تقرير جولدمان ساكس يتوقع أن يصل أعداد السياح إلى 18 مليون سائح بحلول عام 2026، ما سيسهم بشكل كبير في زيادة الإيرادات السياحية ويعزز من موقف مصر كوجهة سياحية عالمية.

وقال الخبير الاقتصادي، إن قطاع السياحة في مصر يمثل أهمية استراتيجية، حيث يسهم بنسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي وأحد أهم موارد العملة الأجنبية، موضحا أن الجهود الحكومية أسهمت في تحسين البنية التحتية السياحية وتعزيز الأمن والسلامة، ما عزز من جاذبية مصر للزوار. 

وأضاف جاب الله أن التوقعات تشير إلى أن ارتفاع أعداد السياح سيفتح آفاقا جديدة للإيرادات، ويعزز من فرص العمل في القطاعات المرتبطة بالسياحة، مثل الضيافة والمطاعم والنقل.

وأوضح تقرير جولدمان ساكس أن أحد العوامل الرئيسية التي تدعم هذا الانتعاش هو الاستقرار النسبي في الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، ما يشجع السياح على زيارة المعالم السياحية الشهيرة، مثل الأهرامات ومعابد الأقصر وأسوان بالإضافة إلى ذلك، الافتتاح التجريبي للمتحف المصري الكبير وإطلاق حملات تسويقية مكثفة تستهدف الأسواق الأوروبية والآسيوية، ما ساعد في جذب مزيد من الزوار.

وقال جاب الله إن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل تجربة فريدة ستعزز من جاذبية السياحة في مصر، متوقعا أن يصبح المتحف وجهة رئيسية للسياح، حيث يضم مجموعة من الآثار الفريدة التي تروي تاريخ الحضارة المصرية العريقة، مشيرا إلى أن الافتتاح التجريبي لهذا المتحف سيسهم في جذب السياح من جميع أنحاء العالم، حيث سيقدم لهم فرصة لمشاهدة القطع الأثرية النادرة في بيئة حديثة ومتكاملة.

وتوقع الخبير الاقتصادي أن يلعب تطوير المنتجعات السياحية الجديدة دورًا محوريًا في زيادة التدفق السياحي، موضحا أن الحكومة تسعى إلى إنشاء مشاريع سياحية مبتكرة، ما سيسهم في تنويع العروض السياحية وزيادة عدد الزوار، ما يؤدي إلى تحسين جودة الخدمات السياحية وتدريب العاملين في القطاع سيعزز من تجربة الزوار ويجعلهم يعودون مرة أخرى.

سد الفجوة التمويلية لمصر 

وأكد الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي، أن مصر سعت بجدية لسد الفجوة التمويلية عبر جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصةً من خلال مشروعات استراتيجية مثل مشروع تطوير رأس الحكمة بتكلفة تصل إلى 35 مليون دولار، يعتبر هذا المشروع خطوة محورية نحو تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.

وأشار الإدريسي، إلى أن مشروع رأس الحكمة يتمتع بموقع استراتيجي متميز على الساحل الشمالي، ما يجعله وجهة مثالية للمستثمرين، ويهدف المشروع إلى تطوير البنية التحتية وتعزيز السياحة، ما سيساهم في زيادة الإيرادات الدولارية لمصر. 

وأضاف الادريسي أن تزايد اهتمام المستثمرين بالمشروعات السياحية والعمرانية، متوقعا أن يكون لرأس الحكمة دور بارز في جذب تدفقات دولارية جديدة لمصر.

زيادة تحويلات المصريين بالخارج

ويرى الدكتور فتحي السيد أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة بنها، أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج تعتبر مصدرًا مهمًا للدخل القومي والنقد الاجنبي، مشيرا إلى أن التحويلات سجلت حوالي 3 مليارات دولار في سبتمبر الماضي، ما يعكس دور المصريين بالخارج في دعم الاقتصاد المحلي.

وأضاف أن التوقعات تشير إلى الجهود التي تعمل بجد على سد الفجوة التمويلية من النقد الأجنبي عبر عدة محاور استراتيجي منها المشروعات الاستثمارية العملاقة منها راس الحكمة وبناس وجميلة، وغيرها من المشروعات المشتركة مع الإمارات والسعودية.

وأوضح أن هناك تحسنا كبيرا في احتياطيات النقد الأجنبي لمصر، متوقعا أن تسهم هذه الاحتياطيات المرتفعة في تحسين المركز المالي للبلاد، ما يعزز من قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.

فيما يتعلق بالطروحات الحكومية، تؤكد هدى الملاح، الخبيرة الاقتصادية، أن الحكومة المصرية تسعى لجذب نحو 5 مليارات دولار من خلال مشروع تطوير وإدارة وتشغيل بعض المطارات وطرح حصص لبعض البنوك والشركات الحكومية في البورصة أو لمستثمر استراتيجي، موضحة أن هذه الخطوة ستعزز من قدرة الحكومة على تأمين سيولة دولارية جديدة، ما يعزز من احتياطيات النقد الأجنبي.

ويؤكد خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أهمية عودة السياحة كعامل رئيسي في سد الفجوة التمويلية، مع توقعات بوصول عدد السياح إلى 18 مليون سائح بحلول عام 2026، فإن هذا سيسهم بشكل كبير في زيادة الإيرادات الدولارية.

وقال إن زيادة تحويلات المصريين في الخارج، حيث وصلت إلى 3 مليارات دولار خلال سبتمبر الماضي شهادة ثقة جديدة في الاقتصاد المصري، موضحا أن هذه التحويلات تعد مصدرًا مهمًا للنقد الأجنبي، ما يسهم في دعم الاقتصاد المصري ويعزز من القدرة على مواجهة الفجوات التمويلية.