رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في الذكرى الـ51 من الحرب.. أحد أبطال معركة الدفرسوار يتذكر الأحداث

محمد زكي الألفي
محمد زكي الألفي

واحدة من مئات المعارك التي لا تنسى كُتبت في التاريخ على يد أبطال حرب أكتوبر، كبدت خلالها العدو الإسرائيلي خسائر فادحة لا يمكن نسيانها، وجعلت تلك المعركة تصبح أحد الدروس التاريخية التي يستدل بها على براعة الخداع والقوة التي تحلى بها الجنود المصريين أمام عتاد الاحتلال الإسرائيلي.

هي معركة “الدفرسوار” التي مُنى فيها العدو بخسائر فاقت كل ما خسره خلال حرب أكتوبر بأكملها، بل قيل أن الخسائر فاقت كل خسائرها في كل الحروب التي خاضتها في كل تاريخها ضد العرب، إذ استخدم الجندي المصري الجرأة المعهودة له، واستطاع أن يلحق هزيمة بالعدو يظل يتذكرها حتى الآن.

 

بداية الدفرسوار

كانت البداية مع هجوم إسرائيلي على الدفرسوار بهدف فتح ثغرة في الجبهة المصرية والعبور إلى الغرب، رغم قوة إسرائيل التي وضعتها في تلك المعركة، ولكنها فوجئت بتصدي القوات المصرية لها بشكل يفوق التوقعات.

خلف تلك العملية العسكرية الهامة وقف الكثير من الأبطال من رجال الصاعقة والمظلات يقتحمون ويتلقون الإشارات ويهجمون على مراكز العدو من أجل هزيمته والتصدي لأي هجمات مضادة من قبل العدو، كان من بينهم اللواء أركان حرب محمد زكي الألفي أحد أبطال معركة الدفرسوار.

 

“الدستور” أجرت حوارًا معه بمناسبة الذكرى الـ51 لحرب أكتوبر

 

يتذكر الألفي تلك المعركة التي شارك فيها بقوة: “لم تكن معركة فردية أو تكريم شخصي ولكن كانت بطولة جماعية شارك فيها أبطال وجنود حرب أكتوبر قاموا بأعمال مهمة لا تنسى، منهم الفرقة 16 بمعاركها العظيمة فهو عمل بطولي بداية من الكتيبة مرورًا بالوحدات والفرق”.

أهمية الدفرسوار

تكمن أهمية معركة الدفرسوار في الأهمية الجغرافية التي تكتسبها تلك المنطقة، حيث كان اللواء زكي في الجانب الأيمن من الجيش الثاني، يؤمن هو وزملاؤه النقط الحصينة التي يمكن للعدو أن ينفذ منها، إذ كانت لها أهمية استراتيجية لأنها أكثر منطقة تؤدي إلى العاصمة مباشرة إذ تبعد 100 كيلو من القاهرة.

كان للقادة دورًا مهمًا في تلك المعركة، إذ يتذكر الألفي أنهم قاموا باستطلاعات ميدانية من أجل تفقد أماكن تمركز العدو، وكان على رأسهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات والوزراء والأركان وغيرهم، كانوا يستطلعون تحركات العدو  حتى يتم التعامل مع تلك التحركات بمهارة واحتراف شديد.

مرحلة التأمين 

يقول متذكرًا: “أنا كنت ملازم في ذلك الوقت داخل الكتيبة المسؤولة عن تأمين منطقة الدفرسوار، وكان مخطط أن يكون لدينا فرقة مدرعة تؤمن دار القوات الموجودة في الشرق، والقيام بتكنيكات خداع للعدو الذي يعرض عن ظهر قلب أهمية تلك المنطقة الاستراتيجية ولأنه لا بد من التعامل معها وفق رؤية منظمة”.

وحتى يوم 15 أكتوبر لم يكن العدو يستطيع الاقتراب من ذلك الاتجاه، أو عبوره أو التداخل في هذه المنطقة، لذلك تكبد العدو خسائر ضخمة تفوق خسائره طوال الحرب، وأسر العديد من جنود إسرائيل وضباط ومعدات ودبابات إسرائيلية بسبب خوف العدو بطبيعته من الجندي المصري.

الخداع والتكتيك

يلقي زكي نجاح حرب أكتوبر من بدايتها حتى نهايتها على فكرة الخداع التي تم الاعتماد عليها بشكل كبير منذ اليوم الأول في حرب أكتوبر، مرورًا بكل المعارك التي وقعت فيها منها الدفرسوار، والتي نجحت أيضًا نتيجة تكنيك الخداع: “تم وضع خطة تعتمد على الخداع وهي التي كبدتهم خسائر لم يحظ بها الجيش المزعوم من قبل في أي حرب أخرى خاضها”.

كانت كل الخدع قابلة للتنفيذ والتصديق من قبل الاحتلال وهو ما ساهم بشكل كبير في تحقيق الانتصار للجيش المصري، وعرف من بعدها عن قوات الاحتلال أنها سهل خداعها وتنفيذ مخططات مفاجئة لها.

كان من بين تلك الخدع التي يتذكرها هو قدرة الدبابات الإسرائيلية على الاقتحام وسحق كل ما يواجهها ولكنها في كثير من الأحيان كانت تتوقف بسبب خدعة الترعة الجافة التي بأبسط الأشياء استطاع الجيش المصري أن يوقفها ويخدعها وكانت تلك أقل الخدع التي لجأ إليها الجيش المصري خلال معركة الدفرسوار إذ خدعت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مرة وكان ذلك سبب رئيسي في هزيمتها.

لحظات مؤلمة

تركت معركة الدفرسوار داخل اللواء زكي جروح عديدة ولحظات مؤلمة، يتذكر أن أولها كان مع سقوط أول شهيد في الكتيبة محي الدين أحمد رجب، والذي استشهد في القناة أثناء عملية الاقتحام وكان استشهاده ملحمي ترك جرح وأثر في كل زملائه بلا استثناء.

تلاه في قائمة أعداد شهداء المعركة الملازم الخضري، والذي كان له دور بطولي قبل الاستشهاد وهو حصار النقط الحصينة للعدو لمنعه من التقلص أو الارتداد أو الهروب وذلك لمدة 48 ساعة، حتى استشهد في معركة الدفرسوار.

بطولات جماعية 

يرى اللواء زكي أن هناك ضرورة لذكر كل المقاتلين الذين ضحوا بأرواحهم فداء الوطن، واستشهدوا خلال تلك المعارك، لأن الجميع أبلى بلاءً حسنًا واستطاعت الكتيبة أسر 39 جندي إسرائيلي أثناء القتال وتم تسليمهم وهو رقم ضخم لا يستهان به.

كان في أسر ذلك العدد إذلال للعدو وكسر شوكته المزعومة، ومنع تمكنه من تحقيق هدفه بالنسبة للاختراق الذي أراده في الدفرسوار، وتحقيق هزيمة نكراء به، إذ تعد معركة الدفرسوار أحد أهم معارك حرب أكتوبر.

روح المقاتل المصري

يتذكر اللواء زكي روح المقاتل المصري التي كانت أهم سبب في الانتصار خلال حرب أكتوبر وهي أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تحرير الأرض واستعادة الكر امة المصرية والهيبة العسكرية وكسر أسطورة أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر.

ما حدث يعد عمل بطولي جماعي شارك فيه عدد كبير من الجنود والضباط استطاعوا بالقوة والخدع والتخطيط الاستراتيجي هزيمة جيش الاحتلال هزيمة نكراء.