"معلومات الوزراء" يكشف آخر التطورات بشأن الاستثمار فى المناخ
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التقرير الصادر من وكالة "موديز"، بعنوان "تقاسم تكاليف الاستثمار المناخي مع القطاع الخاص يمكن أن يُخفف من تأثير الائتمان".
وأشار التقرير إلى أن الاستثمار في المناخ ما زال حتى الآن أقل بكثير من الاحتياجات اللازمة لتحقيق هدف الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري على المستوى العالمي بحلول عام 2050، كما أكدت الوكالة أن الأمر يتطلب تقاسم الاستثمارات والديون المرتبطة بالمناخ مع القطاع الخاص.
وأوضح التقرير أن الوصول لصافي الانبعاثات الصفري، يتطلب من البلدان الاستثمار بشكل كبير في التخفيف من آثار تغير المناخ وإزالة الكربون من اقتصاداتها، كما سيكون الاستثمار في التكيف مع تغير المناخ أمرًا ضروريَّا أيضًا لحماية البنية الأساسية والمجتمعات المحلية من آثاره.
وأشار التقرير إلى أنه طبقًا للتقديرات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، ارتفع الاستثمار المناخي في الطاقة النظيفة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ولكنه لا يزال أقل بكثير من المبالغ المطلوبة للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري على المستوى العالمي بحلول عام 2050؛ حيث بلغ الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة حوالي 1.6 تريليون دولار أمريكي في عام 2022، مقسمًا بين 0.8 تريليون دولار للاقتصادات المتقدمة، و0.5 تريليون دولار للصين و0.2 تريليون دولار للأسواق الناشئة باستثناء الصين؛ وفي هذا الصدد، أكدت وكالة الطاقة الدولية أن الأسواق الناشئة بحاجة إلى مضاعفة إنفاقها أربع مرات بحلول عام 2030 لتلبية الاحتياجات المقدرة.
التكيف مع تداعيات تغير المناخ
وأضاف التقرير أن الاستثمار في التكيف مع تداعيات تغير المناخ أقل بكثير من المتطلبات، حيث يبلغ حجم الاستثمار في المناخ نحو 330 مليار دولار سنويًّا.
وأوضح أن هناك تباينًا إقليميًا كبيرًا في الاستثمارات المناخية، ففيما يتعلق بالتخفيف من آثار تغير المناخ، فإن فجوة الاستثمار هي الأكبر في إفريقيا والشرق الأوسط، بنحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي. أما في الدول المتقدمة مثل تلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والصين، فإن فجوات الاستثمار في التخفيف من آثار تغير المناخ أصغر بنحو 0.5% إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي المتوقع لعام 2030، وهو ما يعكس زيادة الإنفاق حتى الآن وتباطؤ النمو في الطلب على الطاقة في العقود المقبلة.
وفيما يتصل بالتكيف، فإن فجوة الاستثمار كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي هي الأكبر في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا، بنحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تميل احتياجات الاستثمار في التكيف مع المناخ إلى أن تكون أعلى بالنسبة للدول الناشئة مقارنة بالدول المتقدمة.
كما يتفق هذا على نطاق واسع مع أبحاث صندوق النقد الدولي؛ حيث تُشير دراسة حديثة إلى أن الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط لديها احتياجات استثمارية أعلى للتكيف تتراوح بين 1% و2% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًّا في المتوسط، في حين تحتاج الدول ذات الدخل المرتفع إلى نحو 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح معلومات الوزراء، أنه طبقًا للتقرير يمكن تخفيف التأثير على القوة المالية للحكومات إذا تقاسمت العبء مع القطاع الخاص فيما يتعلق بالاستثمارات المناخية، حيث ستتحمل شركات القطاع الخاص بعض أعباء الاستثمار في المناخ، وتتحمل الديون المرتبطة بذلك على ميزانياتها العمومية، علمًا بأن حوالي نصف الاستثمار في المناخ يأتي حاليًا من القطاع الخاص، ويمثل القطاع العام (الحكومات) النصف الآخر، وبناءً على افتراض أن القطاع الخاص يتحمل حوالي نصف فجوة الاستثمار في ميزانيته العمومية، فمن المرجح أن الإنفاق الحكومي على مستوى العالم سيزيد بنحو 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًّا في المتوسط حتى عام 2030.
حكومات الأسواق الناشئة
ولفت إلى أن حكومات الأسواق الناشئة من المرجح أن تكون أقل قدرة على تقاسم تكاليف الاستثمار في المناخ مع القطاع الخاص مقارنة بنظيراتها في الاقتصادات الناشئة؛ حيث تتمتع الأسواق الناشئة عمومًا بقدرة مؤسسية أكثر محدودية وقد يكون هيكلها التنظيمي أقل قابلية للتنبؤ، ما يُقيّد تطوير الأسواق المالية وقدرة شركات القطاع الخاص على الوصول إلى الأموال.
ومع ذلك، تقدر وكالة الطاقة الدولية ومؤسسة التمويل الدولية أن التمويل الخاص لاستثمارات المناخ في الأسواق الناشئة يجب أن يزيد بأكثر من أربعة أضعاف بحلول عام 2031 لما يقرب من 1.6 تريليون دولار للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050.
ونوه التقرير بأنه يمكن للحكومات أن تعمل على تخفيف تأثير الديون الناجمة عن الاستثمار المناخي، من خلال تنفيذ سياسات مناخية تهدف إلى خفض الإنفاق وتوليد إيرادات إضافية، مع تسهيل مشاركة القطاع الخاص بشكل أكبر، مشيرًا إلى أن أداة التخفيف الأكثر كفاءة هي تسعير الكربون.
كما أوضح التقرير أن تسعير الكربون يمكن أن يُعزز من كفاءة الطاقة، حيث إنه يُعزز مجموعة كاملة من الاستجابات السلوكية للحد من استخدام الطاقة والتحول إلى الوقود المنخفض الكربون.
ويمكن أن يحفز القطاع الخاص على الابتكار وتبني تقنيات جديدة منخفضة الكربون، وخاصة إذا تم تحديد مسار واضح وموثوق لارتفاع الأسعار، كما يمكن لتسعير الكربون أن يزيد من إيرادات الحكومة بشكل كبير من خلال تنفيذ ضرائب الكربون أو أنظمة تداول الانبعاثات والتي يمكن استخدامها لتمويل استثمارات مناخية أخرى.
وتمتد مبادرات تسعير الكربون حاليًا إلى عدد من البلدان المتقدمة والنامية، بما في ذلك "الصين وإندونيسيا والمكسيك وجنوب إفريقيا". ووفقًا لأبحاث صندوق النقد الدولي، فإن أسعار الكربون تبلغ في المتوسط نحو 20 دولارًا للطن وتغطي ربع الانبعاثات العالمية فقط. ووفقًا للبنك الدولي، فإن نطاق تسعير الكربون أقل من المستوى المطلوب لتحقيق مسار 1.5 درجة مئوية.
تمويل التنمية للحد من المخاطر
وأكد التقرير على فعالية أسلوب التمويل المختلط، وهو أسلوب هيكلي يستخدم تمويل التنمية للحد من المخاطر بالنسبة للمستثمرين من القطاع الخاص ولديه القدرة أيضًا على حشد رأس المال الخاص للاستثمار في المناخ والتنمية المستدامة على نطاق أوسع.
وأضاف التقرير أن التمويل المناخي الذي توفره مثل هذه الحلول كان متواضعًا حتى الآن؛ حيث بلغ متوسطه نحو 8 مليارات دولار سنويًا خلال الفترة 2014 -2022، وسلط صناع السياسات الضوء على إمكانية توسيع نطاق حلول التمويل المختلط وتقاسم المخاطر بدعم من بنوك التنمية المتعددة الأطراف.
وفي السياق ذاته، يمكن للحكومات خفض إعانات الوقود الأحفوري، فوفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، تتراوح إعانات الوقود الأحفوري الصريحة من 0.5% إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا في الصين والهند وإندونيسيا وجنوب إفريقيا والمكسيك.
ومع ذلك قد تتردد الحكومات في إلغاء إعانات الوقود الأحفوري وجعل تسعير الكربون أكثر شمولًا بسبب خطر معارضة تلك السياسات من قِبل المواطنين.
وأشار التقرير في ختامه إلى أن استخدام سياسات المناخ من شأنه أن يقلل بشكل كبير من النفقات المالية اللازمة للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050، لافتًا إلى أن الاستثمار النظيف المبكر والمنسق عالميًّا من شأنه أن يخفض خسائر الدخل المرتبطة بتغير المناخ إلى النصف تقريبًا في ظل سيناريو الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري، مقارنة بسيناريو لا يتم فيه سوى الحفاظ على السياسات المُنفذة حاليًا.