مياه القاهرة.. وإفريقيا
بمشاركة أكثر من ثلاثين كيانًا إقليميًا ودوليًا، انطلقت صباح أمس، الأحد، النسخة السابعة لـ«أسبوع القاهرة للمياه»، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى رحّب بالمشاركين، جميعًا، فى بلدهم الثانى، وتحدّث، فى كلمته الافتتاحية المسجلة، عن المشروعات العملاقة، التى تقام لاستغلال الأنهار الدولية، بشكل غير مدروس، ودون مراعاة لأهمية الحفاظ على سلامة واستدامة الموارد المائية الدولية، وفقًا لمبادئ القانون الدولى للمياه العابرة للحدود، التى توجب الإخطار المسبق، وتبادل المعلومات والتشاور، وإجراء الدراسات اللازمة، وضمان الاحتياجات الأساسية للشعوب، وعدم الإضرار بها.
عن المخاطر الناتجة عن التحركات المنفردة، التى لا تلتزم بمبادئ القانون الدولى على أحواض الأنهار المشتركة، تحدّث الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أيضًا، موضحًا أن «السد الإثيوبى» بدأ إنشاؤه منذ أكثر من ١٣ سنة، على نهر النيل، دون أى تشاور، أو دراسات كافية تتعلق بالسلامة أو بالتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المجاورة، وبعد تأكيده أن ذلك يُعد انتهاكًا للقانون الدولى، ولاتفاق إعلان المبادئ الموقع سنة ٢٠١٥، ولبيان مجلس الأمن الصادر فى سبتمبر ٢٠٢١، أشار إلى أن استمرار تلك التحركات يشكل خطرًا وجوديًا على أكثر من مائة مليون مواطن مصرى.
تحمل نسخة هذا العام لـ«أسبوع القاهرة للمياه»، شعار «المياه والمناخ: بناء مجتمعات قادرة على الصمود»، ويشارك فيها عدد كبير من العلماء والقانونيين والوزراء والوفود الرسمية، وممثلى منظمات المجتمع المدنى، والمسئولين المعنيين بقطاع المياه، من مختلف دول العالم. وإلى جانب خمس جلسات عامة، و١٥٠ جلسة فرعية، يُقام معرض دولى كبير، على هامش الأسبوع، المستمر حتى الخميس المقبل، والذى أصبح منصة دولية متجددة للحوار وزيادة الوعى وتبادل المعرفة والخبرات، وبناء الشراكات، ودعم البحث العلمى، وتشجيع الابتكار فى مجال إدارة وتنمية الموارد المائية.
منذ نسخته الثالثة، تم وضع «أسبوع القاهرة للمياه» على مسار العقد الأممى للمياه، «٢٠١٨ -٢٠٢٨»، الذى يهدف إلى النهوض بإدارة الموارد المائية، لتحقيق الأهداف المتفق عليها دوليًا، وأبرزها أهداف أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ٢٠٣٠. وعليه، كانت هناك إرادة قوية من جانبنا، بأن يتم تنظيم هذا الحدث فى موعده، برغم التحديات الجمة التى يشهدها العالم، خاصة فى ظل تصاعد أزمة الشح المائى وندرة المياه، لأسباب وعوامل طبيعية وبشرية، إضافة إلى تزامنه، هذه العام، مع «أسبوع إفريقيا للمياه»، و«المؤتمر الهيدرولوجى الإفريقى»، ما يمثل زخمًا لمناقشة قضايا المياه على المستوى القارى.
تضع مصر المياه على رأس أولوياتها، وترى أن نهر النيل قضية ترتبط بحياة شعبها وبقائه، لكونه يشكل المصدر الرئيسى للمياه فى بلادنا، بنسبة تتجاوز ٩٨٪، لذلك، أكد الرئيس السيسى أن الحفاظ على هذا المورد الحيوى مسألة وجود تتطلب التزامًا سياسيًا دءوبًا، وجهودًا دبلوماسية، وتعاونًا مع الدول الشقيقة، لضمان تحقيق الأهداف المشتركة، وفى ضوء التزامه العميق بهويتها الإفريقية، تبنت الدولة المصرية العديد من المبادرات والبرامج القارية، ذات الصلة بالمياه، كما تأتى رئاستها الحالية لمجلس وزراء المياه الأفارقة، لتؤكد مجددًا هذا الالتزام، ودعمها جهود الدول الأعضاء، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تقوم الدولة المصرية، أيضًا، بتعزيز أواصر التعاون الثنائى فى مجال المياه، مع العديد من الدول الإفريقية، خاصة دول حوض نهر النيل، من خلال تنفيذ مئات المشروعات المختلفة، بتمويل مصرى خالص، وفى هذا السياق، دعا الرئيس المجتمع الدولى، فى كلمته الافتتاحية، إلى زيادة دعمه لجهود الدول الإفريقية، فى مجال إدارة الموارد المائية، وتوفير التمويل والتكنولوجيا اللازمة، لتنفيذ المشاريع والبرامج، التى تهدف إلى تحقيق الأمن المائى، والتنمية، ونشر السلام فى القارة الإفريقية.
.. أخيرًا، ولأن المياه هى سر الحياة، وأساس كل تقدم وتنمية، وجّه الرئيس السيسى نداءً للعالم أجمع، من مصر، «هبة نهر النيل العظيم»، بأن الماء حق لكل إنسان على وجه الأرض، وبضرورة إعلاء قيمة المياه فى الأجندة الدولية، معربًا عن تطلعنا إلى نجاح «أسبوع القاهرة للمياه» فى الخروج بتوصيات، قادرة على دفع أجندة المياه الدولية قُدمًا، بما يدعم تطلعاتنا التنموية، ويحقق رخاء العالم واستقراره.