رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لبنان والاستهداف الإسرائيلى واختراق حقوق الإنسان وغياب ضمير المجتمع الدولى

التعديات الإسرائيلية فى لبنان تمثل جزءًا من تاريخ طويل من الصراع والتوترات بين الجانبين. خلال عقود مضت، نفذ الجيش الإسرائيلى عمليات عسكرية متعددة فى لبنان، والتى أدت إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وأثارت ردود أفعال غاضبة من المجتمع الدولى. هذه التعديات شملت الاجتياحات العسكرية، مثل اجتياح 1982 واحتلال الجنوب اللبنانى حتى عام 2000، بالإضافة إلى الحروب المتتالية، وأبرزها حرب يوليو 2006. والتعديات الإسرائيلية فى لبنان تمثل فصلًا مؤلمًا فى تاريخ الصراع فى المنطقة، وتبرز ضمن هذه التعديات سلسلة من الاغتيالات السياسية التى استهدفت شخصيات بارزة فى المقاومة اللبنانية، وعلى رأسهم حسن نصرالله وهاشم صفى الدين. هذه العمليات، التى تنفذها إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر، تأتى ضمن إطار استراتيجية متكاملة لإضعاف المقاومة وتدمير القوى التى تعارض الهيمنة الإسرائيلية فى لبنان.

التعديات الإسرائيلية وحقوق الانسان
على مدى سنوات، تعرضت مناطق واسعة من لبنان للقصفين الجوى والبرى من قبل القوات الإسرائيلية، ما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا من المدنيين وتدمير البنية التحتية. واحدة من أبرز الحوادث هى مجزرة قانا التى وقعت عام 1996، حيث قُتل أكثر من 100 مدنى لبنانى كانوا يحتمون فى مقر للأمم المتحدة جراء قصف إسرائيلى. المجازر والقصف العشوائى أدت إلى تدمير قرى بأكملها وتشريد آلاف السكان.
خلال حرب يوليو 2006، قامت إسرائيل بشن عمليات قصف مكثفة استهدفت المدن والقرى اللبنانية والبنية التحتية، ما تسبب فى سقوط آلاف الضحايا من المدنيين وتدمير مؤسسات حيوية مثل محطات الكهرباء والمطارات والمستشفيات وهيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات الحقوقية الدولية وثّقت استخدام إسرائيل للذخائر العنقودية، وهى أسلحة تُعتبر غير قانونية بموجب العديد من الاتفاقيات الدولية، حيث تستمر فى تهديد حياة المدنيين حتى بعد انتهاء العمليات العسكرية. إلى جانب العمليات العسكرية التقليدية، ولقد اعتمدت إسرائيل على عمليات استخباراتية معقدة وسلسلة من الاغتيالات السياسية لضرب عناصر المقاومة، حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، وهاشم صفى الدين، رئيس المجلس التنفيذى لحزب الله، كانا على رأس قائمة الأهداف الإسرائيلية، حيث نُفذت محاولات اغتيال فاشلة بحقهم.

اختراق حقوق الإنسان
إسرائيل استخدمت فى هذه العمليات أساليب تعد خرقًا واضحًا لحقوق الإنسان، مثل القصف العشوائى والاغتيالات المستهدفة التى لا تميز بين المدنيين والمقاتلين. كما أن الحصار والتدمير الواسع للبنية التحتية اللبنانية، بما فى ذلك المستشفيات والمدارس، يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولى الإنسانى، الذى ينص على حماية المدنيين فى أوقات النزاع.

موقف المجتمع الدولى
رغم الانتقادات الدولية الواسعة، بما فى ذلك منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، لم يتخذ المجتمع الدولى خطوات حاسمة لوقف التعديات الإسرائيلية أو محاسبتها على انتهاكات حقوق الإنسان. غالبًا ما أعاق الفيتو الأمريكى فى مجلس الأمن الدولى إصدار قرارات تدين إسرائيل أو تدعو إلى فرض عقوبات.
فى الوقت نفسه، كانت هناك دعوات من بعض الدول والمنظمات إلى ضرورة احترام القانون الدولى الإنسانى، وحماية المدنيين، ودفع الأطراف إلى العودة إلى طاولة المفاوضات. إلا أن هذه الجهود لم تُسفر عن تغييرات ملموسة فى السياسات الإسرائيلية، التى تستمر فى تنفيذ عمليات عسكرية دورية فى لبنان بحجة «الدفاع عن النفس» أو «ملاحقة عناصر مسلحة».
وخلاصة القول إن التعديات الإسرائيلية فى لبنان تمثل خرقًا واضحًا لحقوق الإنسان وانتهاكًا للقوانين الدولية، حيث تستمر القوات الإسرائيلية فى استخدام القوة المفرطة تجاه المدنيين والبنية التحتية. رغم الانتقادات الواسعة والمطالبات الدولية بوقف هذه الانتهاكات، فإن غياب رد دولى حاسم يظل يشكل تحديًا أمام حماية حقوق الإنسان فى لبنان والمنطقة بأكملها. والتعديات الإسرائيلية فى لبنان وسلسلة الاغتيالات تمثل جزءًا من استراتيجية أوسع لضرب المقاومة اللبنانية وزعزعة استقرار المنطقة. فى ظل غياب موقف دولى حاسم، تستمر إسرائيل فى تنفيذ هذه العمليات التى تنتهك حقوق الإنسان والقوانين الدولية، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الصراع فى المنطقة وسبل تحقيق العدالة للضحايا.
 

محمد عبدالمنعم 
الأمين العام لاتحاد الناشرين المصريين
عضو مجلس أمناء كتلة الحوار