60 عامًا من الرخام.. حكاية العم مصطفى في ورشة الدرب الأحمر (صور)
بأحد أزقة الدرب الأحمر يجلس الحاج مصطفى أبو العزب أمام دكانه الصغير الخاص بـ الرخام، وورثه عن والده كما ورث المهنة عنه إثر حبه لها، ينتظر الزبائن كل يوم بالرغم من ركود السوق.
يقول الحاج مصطفى لـ"الدستور" إنه يعمل في هذه المهنة منذ 60 عامًا، بعد أن تعلمتها منذ نعومة أظافره من أبيه وورثها عنه، وأحبها، مما جعله يتمسك بها كل هذه السنوات، دون أن يُفكر في العمل بمهنة أخرى غيرها.
وبدأ العم مصطفى في استعادة ذكرياته مع والده قائلًا: قديمًا قبل ظهور الآلات الحديثة كالصاروخ وآلات التقطيع والحفر، كنا نفعل كل ذلك يدويًا، ما كان يجعل المهنة صعبة وتحتاج لكثير من الصبر والدقة.
وقال لـ"الدستور": “كنا لا نستطيع رؤية العابرين بالشارع بسبب كثرة العمل وغبار الأتربة الناتج عن التقطيع والحفر، حيث كانت الأسعار أرخص من الآن، فكان معظم الأشخاص من جميع طبقات المجتمع يستطيعون تركيب الرخام، وبسبب ارتفاع أسعار الرخام الآن اقتصر على طبقة معينة”.
وأضاف أن الأشخاص ذوي المكانة المرموقة "البشوات" كانوا يأتون لصناعة أفخم التصاميم للدفايات، وكانت تكلفهم الأموال الطائلة، ولكن الآن لا أحد يهتم بهذا المنتج كثيرًا إلا من يملكون القصور أو الفيلل يضعونها كـ"أنتيكة"، ولكن لا تكون بفخامة الزمن القديم.
وأوضح صاحب ورشة الرخام، أن هذه الدفايات لم تعد تُصنع كثيرًا، لأنها تأخذ 3 شهور عمل على الأقل، وأن الشباب العاملين الجدد ليس لديهم الصبر للعمل على دفاية كل هذه المدة، حيث يستسهلون الأشكال الأخرى. فهم جيل أخذ على السرعة لم يعتد الصبر مثلهم قديمًا.
وأضاف أن هناك حالة ركود كبيرة في السوق بسبب ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى أن الأجيال الجديدة لم تعد تأتي لتعلم هذه الحرفة، ولم يعد هناك من لديه الصبر لتعليم أحد بسبب حالة الإحباط الناتجة عن قلة العمل، كما أن أكبر الحرفيين بهذه المهنة توفوا ما جعلها على حافة الإندثار.
مراحل تشكيل الرخام
كشف صانع الرخام أنهم يأتون بالصخور من عِدة أماكن "سملوط، الجبل الأحمر، سوهاج، سيناء، الغردقة" ويُرسلونها لمصنع في منطقة مصانع "شق الثعبان" في وسط القاهرة، لتقطيعه وتشكيله على شكل "طاولات" ثم يأتي لهم ليقطعونه عن طريق ماكينات التقطيع، ليأخذ شكله الأخير. وبالنسبة للدفايات، فتأتي كتلة من الرخام ويبدأون بحفرها يدويًا لتصبح بشكلها الأخير، وتأخذ الكثير من الوقت والجهد.