مهرجان الموسيقى العربية نغم بلا توقف
تزامنت بداياتنا الصحفية مع البدايات الأولى لمهرجان الموسيقى العربية، الذى بدأ اليوم دورة جديدة على مسرح الأوبرا المصرية العريق، عرفنا المهرجان وكنا نفضله ونسعى لحضور حفلاته، التى اعتاد على إحيائها كبار نجوم الغناء فى الوطن العربى من محيطه لخليجه.
وانسجم ذلك مع متطبلات سن الشباب وما تحتويه من طاقة ورغبة فى تفريغ هذه الطاقة، وتزامنها مع صعود جيل المطربين الشبان، ممن كسروا قواعد الغناء العربى التقليدى، الذى بدأت ملامح اختفائه برحيل عبدالحليم حافظ، ومحاصرة الجيل الصاعد الواعد المعنى بالحفاظ على قيم الغناء والفن المصرى من جيل هانى شاكر ومحمد ثروت ومحمد الحلو وعلى الحجار ومدحت صالح وأحمد إبراهيم وسوزان عطية ونادية مصطفى، لتسيطر على ساحات الغناء أجيال جديدة تميزت أغانيها بالرتم والحركة السريعة على خشبة المسرح وبين الجماهير.
وسط ذلك ينجح كل عام مهرجان الموسيقى العربية فى جذب اهتمام أجيال من الشباب، لم يمنعهم تمسك دار الأوبرا المصرية بتقاليدها المعروفة من ضرورة ارتداء الزى الرسمى، البدلة والكرافت أو الببيونة للرجال والسواريه للسيدات لحضور حفلاتها، خاصة فى القاعة الكبرى التى يفخر بالوقوف على خشبتها ألمع نجوم الغناء فى الوطن العربى.
مهرجان الموسيقى العربية وضع أهدافًا محددة منذ بدايته، هى الحفاظ على الغناء العربى الأصيل وإحياء تراث الغناء القديم والحفاظ عليه من الاندثار باعتباره جزءًا من تاريخ الشعب المصرى والعربى وجزءًا أصيلًا من ثقافته، وحرص المهرجان على تقديم الأصوات الجديدة المتميزة والموهوبة من جميع الأقطار العربية، وطوال السنوات الـ31 الماضية نجح المهرجان فى تقديم عشرات الأصوات التى تتصدر الآن ساحة الغناء فى سائر أرجاء الوطن العربى.
وإذا كان من الصعب أن يسعى مهرجان الموسيقى العربية للحفاظ على تراثنا الغنائى دون إعادة أغانى العظماء من موشحات قديمة وأغان وقصائد، فتصدرت لها فرقة الموسيقى العربية للتراث التابعة للمركز الثقافى القومى لإحياء تراث الموسيقى العربية.
وتبرز أيضًا أسماء سطعت فى سماء القاهرة، منها المايسترو سليم سحاب الفلسطينى الأصل المصرى- اللبنانى الجنسية، مؤسس مؤسسة المبدع العربى بهدف اكتشاف ورعاية المواهب الواعدة فى مجالات الغناء والعزف على الآلات الشرقية والتلحين وقيادة الأوركسترا، ونشر الوعى الموسيقى لدى الجمهور العربى، ونجح المايسترو سليم سحاب من قلب القاهرة فى اكتشاف عشرات الأصوات والمواهب منذ طفولتهم، فكانت المطربات شيرين عبدالوهاب وغادة رجب وأنغام وريهام عبدالحكيم وغيرهن الكثير.
وبالتوزاى مع ما سبق يتصدر مطربون عرب للحفاظ على تراثنا الغنائى، فكان المغربى فؤاد زبادى حافظًا لتراث الراحل محمد عبدالمطلب، والسورى صفوان بهلوان حافظًا لتراث موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، والمغربى الراحل عبدة شريف الحافظ لتراث عبدالحليم حافظ، والذى وافته المنية فى مارس الماضى شابًا فى بداية الخمسينات من عمرة؛ ليثبت قربه من حليم حتى فى رحيلة المبكر، ولجميع هذه الأصوات كانت تقام الحفلات بشكل دورى وبرغبة متكررة من جمهور مهرجان الموسيقى مع تقديم الأصوات الشابة والواعدة، أمثال وائل جسار وقبله غنت أصالة، وكاظم الساهر ليستمر المهرجان فى عطائه هذا العام بالاحتفال بسيد الأغنية العربية الشيخ سيد درويش وبمشاركة 70 صوتًا عربيًا ومصريًا، وتكريم 19 شخصية ممن ساهموا فى إثراء الحياة الفنية فى مصر والوطن العربى بتسليمهم درع المهرجان وشهادات التقدير، منهم تكريم أسماء الشعراء حسين السيد ومأمون الشناوى، وتكريم اسم المطرب والملحن الراحل أحمد الحجار، إلى جانب تكريم فنانى الخط العربى الدكتور خليفة الشيمى ومحمد حسن أحمد، وتكريم الموسيقار السعودى ممدوح سيف، الموسيقار العمانى خالد بن حمد البوسعيدى، والموسيقار صلاح الشرنوبى، والمطرب فؤاد زبادى، المطرب التونسى لطفى بوشناق، والموسيقار اللبنانى زياد الرحبانى، والنجم محمد منير. وغيرهم ممن أعطوا للموسيقى العربية ومهرجان القاهرة؛ ليستمر العطاء والإبداع من أرض الكنانة مصرنا الغالية.