رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة «أسمرة» الثلاثية

إلى العاصمة الإريترية أسمرة، توجَّه الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح أمس، الخميس، تلبيةً لدعوة أخيه الرئيس الإريترى أسياس أفورقى، الذى كان على رأس مستقبليه، وتناول الرئيسان سبل تعزيز العلاقات الثنائية فى مختلف المجالات، بالإضافة إلى الأوضاع الإقليمية وجهود ترسيخ الاستقرار والأمن فى القرن الإفريقى والبحر الأحمر، على النحو الذى يدعم عملية التنمية ويحقق مصالح شعوب المنطقة. 

استقبلت العاصمة الإريترية، أيضًا، الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود، مساء أمس الأول، الأربعاء، الذى أجرى محادثات موسعة مع نظيره الإريترى بشأن تعزيز علاقات التعاون القائمة بين البلدين، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، قبل أن يعقد رؤساء مصر وإريتريا والصومال، قمة ثلاثية، ركزت على المصالح المشتركة للدول الثلاث، وسبل دعم الاستقرار فى منطقة القرن الإفريقى.

تربطنا علاقات قوية بالدولتين الإفريقيتين الشقيقتين، الواقعتين عند المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، وعلى مقربة من مضيق باب المندب، ذى الأهمية الاستراتيجية البالغة. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن لقاءً ثلاثيًا جمع وزراء الخارجية المصرى والصومالى والإريترى، بمدينة نيويورك، فى ٢٣ سبتمبر الماضى، على هامش مشاركتهم فى الشق رفيع المستوى للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وفى اليوم نفسه، وصلت إلى العاصمة الصومالية مقديشو شحنة من المساعدات العسكرية المصرية للجيش الصومالى، دعمًا وبناءً لقدراته فى مواجهة الإرهاب، وتعزيزًا لجهود دولة الصومال الشقيقة فى الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، بموجب بروتوكول التعاون العسكرى الموقع بين البلدين.

ليس لدى مصر «أى أجندة للتدخل فى شئون منطقة القرن الإفريقى»، بتأكيد الرئاسة الإريترية، التى سبق أن وصفت «التصريحات التى تصدر عن بعض الأطراف والتشويه المتعمد»، بأنها «محاولة للتغطية على الأخطاء الاستراتيجية التى ارتكبتها هذه الأطراف»، فى إشارة إلى إثيوبيا، التى كانت حكومتها قد وقعت «مذكرة التفاهم» مع ولاية «أرض الصومال» الانفصالية، تمنحها ميناءً بحريًا وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر، مقابل اعترافها بانفصال هذه الولاية، التى تعد جزءًا من الدولة الصومالية.

الخطوة الإثيوبية، غير المحسوبة، التى انتهكت سيادة الصومال، ولم تحترم القانون الدولى ومبادئ الاتحاد الإفريقى، قد تقود إلى مواجهة عسكرية تهدد مصالح دول القارة السمراء وأمنها القومى. ومع تأثيرها السلبى على الاستقرار الإقليمى والدولى، وحركة التجارة العالمية، ستكون الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر هى الأكثر تضررًا من هذه الخطوة. وعليه، لم تتوقف محاولات القاهرة وأسمرة لكبح جماح أديس أبابا، التى تصر على اختلاق صدامات واضطرابات فى محيطها الإقليمى. ولعلك تعرف أن إريتريا كانت قد استقلت عن إثيوبيا أوائل تسعينيات القرن الماضى، ثم دخل البلدان فى عداء طويل، تخللته عدة حروب، قبل أن يقوم الرئيس أفورقى ورئيس الوزراء الإثيوبى، فى يوليو ٢٠١٨، بتوقيع اتفاق السلام والمصالحة، الذى رحبت به مصر وأعربت عن تطلعها إلى تكثيف التعاون مع البلدين، ومع كل دول القرن الإفريقى الشقيقة، من أجل تعزيز الاستقرار وتحقيق أهداف التنمية ورفع معدلات النمو.

مفتاح المقاربة المصرية لكل أزمات المنطقة، من ليبيا إلى سوريا ومن السودان إلى الصومال، هو الحفاظ على وحدة الدولة الوطنية وسلامتها الإقليمية ودعم مؤسساتها. ومن هذا المنطلق، قام الوزير عباس كامل، رئيس المخابرات العامة، والدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، منذ شهر تقريبًا، تحديدًا فى ١٤ سبتمبر الماضى، بزيارة العاصمة الإريترية، والتقيا الرئيس أفورقى، ونقلا له رسالة من الرئيس السيسى، تناولت سبل دعم وتطوير العلاقات الثنائية، واستمعا إلى رؤيته بشأن تطورات الأوضاع فى البحر الأحمر والقرن الإفريقى والتحديات التى تشهدها المنطقة. واتفق الطرفان على أهمية تكثيف الجهود ومواصلة التشاور لتحقيق الاستقرار فى السودان، والحفاظ على وحدة الصومال وسيادته على كامل أراضيه. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن برنامج الرئاسة المصرية الحالية، لـ«مجلس السلم والأمن الإفريقى»، يتضمن عقد جلسة حول تطورات الأوضاع فى الصومال، وترتيبات ما بعد خروج بعثة الاتحاد الإفريقى الانتقالية، بهدف دعم مؤسسات الدولة الصومالية فى مكافحة الإرهاب وبناء واستدامة السلام.