خيانة أمانة.. سيارات المعاقين بين تحريم الإفتاء وقلق السماسرة بسبب إجراءات الحكومة
خلال الفترة الأخيرة انتشرت ظاهرة استغلال سيارات المعاقين لغير المستحقين وهو ما حذرت منه دار الإفتاء المصرية.
وأصدرت دار الإفتاء اليوم بيانًا بشأن استغلال سيارات المعاقين، قالت فيه إنَّ من مظاهر تكريم الشريعة الإسلامية للإنسان أنْ خصَّت الشريعة ذوي الهمم بخصائص ترفع عنهم الحرج وتعينهم على شئون الحياة، وإلى هذا أشار القرآن الكريم بقوله: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ…} [النور: 61].
وأضافت: "كما ورد في السُّنة النبوية ما يدلُّ على رفع الحرج عن أصحاب الأعذار جميعًا؛ فقد أخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن عمران بن حصين، رضي الله عنه- وكان له عذر يحول دون صلاته قائمًا- قال: فسألت النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، عن الصلاة، فقال: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ»".
وأشادت الدار- من هذا المنطلق- بتخصيص الدولة ذوي الهمم ببعض الاختصاصات؛ للاستعانة بها في شئونهم، ولاستثمار طاقاتهم في الحياة؛ للسعي بهم نحو حياة أفضل لهم، ومن ذلك تخصيص الدولة سياراتهم بإعفائها من الضرائب الجمركية أو من بعض المستحقات المالية.
وأضافت الدار أنَّ أي احتيال أو تلاعب غير قانوني بجانب كونه عملًا غير شرعي ولا أخلاقي، فإنه يذهب بهدف هذا التخصيص، بل يؤدي إلى الإضرار بالرعاية بذوي الهمم أنفسهم من ناحية، ويعود على الدولة بالإضرار من ناحية.
وتابعت الدار: الاحتيال والتلاعب مخالف للوفاء بالعقد والوعد، وقد قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" [المائدة: 1]، وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ مَا وَافَقَ الْحَقَّ مِنْهَا»، رواه ابن حبَّان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك".
وأضافت: كما أنَّه من خيانة الأمانة، وقد قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [الأنفال: 27].
وختمت دار الإفتاء بيانها بدعوة المجتمع إلى التعاون والتكافل لحفظ حقوق ذوي الهمم، ولإيصالها لمن يستحقها، ودعوة مؤسسات الدولة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لوصول التخصيص لمستحقيه.
وفي السطور التالية يكشف "الدستور" العالم السري الخاص بما يعرف سيارات المعاقين، خاصةً بعد رصد مخالفات عديدة تم فيها الكشف عن استغلال بعض الأفراد للتسهيلات المقدمة لذوي الهمم، بهدف الحصول على سيارات بطرق غير قانونية.
البحث عن جواب سيارة المعاقين
بات محمود سالم، موظف بإحدى الجهات الحكومية، يتحرك بسيارة المعاقين يوميًا ويتنقل هنا وهناك ومن محافظة لمحافظة دون أدنى مشكلة، إلى أن استوقفه كمين وهو عائد من سفره وطلب منه "جواب سيارة المعاقين"، هنا صُعق "سالم" من هذه الإجراءات وأنه لأول مرة يُسأل عن جواب المعاقين وبطاقة الخدمات، وأكد للكمين أن السيارة باسم أخيه وهو من ذوي الإعاقة، لكنه دائمًا ما يتحرك بسيارته.
كان الوضع سيزداد سوءًا مع "سالم" لولا أن أحضر صورة من البطاقة الشخصية لأخيه وبطاقة الخدمات الخاصة بأخيه، ولكن أكد عليه الضابط بألا يتحرك بها نهائيًا وإلا ستتم مصادرتها واتخاذ الإجراءات القانونية معه ومع السيارة.
من 70% إلى 80% من السيارات المستوردة لم تصل إلى المستفيدين الأصليين
وفي السياق، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن هناك تجاوزات خطيرة تم اكتشافها في استيراد سيارات ذوي الهمم خلال العامين الماضيين.
وأشار “مدبولي” إلى أن حوالي من 70% إلى 80% من السيارات المستوردة لم تصل إلى المستفيدين الأصليين، بل استولى عليها آخرون، لدرجة أن العديد من ذوي الهمم لا يعلمون نوع السيارة التي سجلت بأسمائهم.
"الدستور" تخوض مغامرة شراء جواب سيارة المعاقين
وخاض موقع "الدستور" مغامرة الحصول على جواب سيارة المعاقين ومن ثم شراء سيارة للمعاقين بسعر مخفض والاستفادة من خدمات أشخاص ذوي الإعاقة الخاصة بالسيارات.
بدأت المغامرة بمحاولة شراء جواب، حيث تواصلت محررة الدستور مع أحد سماسرة الجوابات من خلال إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لشراء جواب وبدء إجراءات الحصول على سيارة معاقين بسعر مخفض.
وقال السمسار الذي يُدعى محمد حسن إن بيع وشراء سيارات المعاقين متوقف تمامًا تقريبًا منذ شهر مايو الماضي، نظرًا للتشديد على إجراءات الحصول على سيارات المعاقين والاستفادة من تلك الخدمات.
وأضاف: "أنا كان ممكن أجيبلك الجواب قبل القرار لكن دلوقتي صعب مش هتعرفي تشتري بيه حاجة، لأن في لجنة صحية وكشوفات وفحوصات طبية لتحديد نوع الإعاقة واستلام بطاقة الخدمات ومن ثم تبدأ إجراءات تخليص الجمارك".
وتابع: "الوضع دلوقتي قلق مش هعرف أشتغل وأجيبلك الجواب، من الممكن أقدر أوفرلك الجواب والأوراق الأخرى حين تستقر الأوضاع قليلًا، لكن حاليًا صعب".
واستكمل: "دلوقتي العربية اللي بتتمسك وتكون معاقين لغير المستحقين بيتعمل لها قضية ويتم تتبع الموضوع من أوله وكل الناس اللي اشتركت فيه وسهلت الإجراءات هتتعرض للمسائلة، لذا معظم السماسرة في هذا الموضوع متوقفون تمامًا عن تسهيل الإجراءات".
وهنا توقفت "الدستور" عندما علمت أن تسهيل إجراءات الحصول على جواب المعاقين لغير المستحقين متوقف نظرًا للمراقبة والمتابعة الجيدة من قبل الجهات المعنية.
حوكمة "سيارات المعاقين"
وعن مقترح حوكمة "سيارات المعاقين" قال خليل محمد، مدير إدارة التأهيل بوزارة التضامن، أن هناك خطة محكمة للانتهاء من قوائم الانتظار في تظلمات بطاقة الخدمات المتكاملة، وذلك عن تدخلات عاجلة تمت بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان.
وأوضح مدير إدارة التأهيل بوزارة التضامن أنه تم استقبال 280 تظلمًا خلال 3 أشهر ووفقًا للخطة تعقد اللجنة يوميًا في كل محافظة، وكتبت اللجنة قرارا لما يقرب من 80 إلى 100 حالة للجنة الواحدة، موضحًا أن التظلمات وفق هذه الإجراءات قلت حتى وصلت إلى 30 ألف حالة وفق السابق تجاوزت 80 ألف حالة تظلم في قائمة الانتظار.
