الحوسبة السحابية المصرية
السحب الحاسوبية، أو الحوسبة السحابية، تعنى ببساطة تأجير وحدات تخزين البيانات والتطبيقات وخدمات أخرى عديدة، مع تسعير التكلفة حسب الاستخدام، بدلًا من شرائها أو امتلاكها. وتتميز عن مراكز البيانات التقليدية بقدرتها على تطوير واستغلال البنية التحتية، على مستوى العالم، ومشاركة الموارد افتراضيًا، مع تقديم مزيد من الخدمات، وسعات تخزين أكثر مرونة، و... و... وأحدثت، بالفعل، تغييرًا رئيسيًا فى اقتصاديات واستدامة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
باختصار، فتحت الحوسبة السحابية آفاقًا جديدة لريادة الأعمال، فى جميع المجالات والصناعات، وخلقت فرصًا جديدة للجمع بين عدة مجالات فى بيئة عمل واحدة، وصارت جوهر التحول الرقمى، وأحد مرتكزات الاقتصاد العالمى. وذكر تقرير «جارتنر» المنشور فى ديسمبر ٢٠١٢، مثلًا، أن «الحكومات على مستوى العالم تواصل الاهتمام باستراتيجيات الحوسبة السحابية ويتنوع هذا الاهتمام ما بين تنمية الخدمات السحابية أو التوصية بها لتحفيز المنظمات على الاستفادة منها». ومنذ ذلك الوقت، أطلقت بعض الدول مثل الهند وأستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة استراتيجياتها الخاصة بنشر الحوسبة السحابية فى القطاع الحكومى.
فى هذا السياق، أطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فى نوفمبر ٢٠١٤، «استراتيجية الحوسبة السحابية المصرية»، EG Cloud Strategy، التى تسعى إلى تحسين الأداء الحكومى، وزيادة الكفاءة التشغيلية والاستجابة بشكل أسرع للاحتياجات المتكاملة. كما قدمت الوزارة خارطة طريق لتنفيذ هذه الاستراتيجية، إلى جانب ثلاثة توجهات استراتيجية رئيسية تمثلت فى تطوير النظام البيئى الإيكولوجى، أو البيئة المحيطة، وتطوير نموذج الحوكمة، ونشر الحوسبة السحابية المصرية.
تقع «استراتيجية الحوسبة السحابية المصرية»، ضمن المحور الأساسى للبنية التحتية اللازمة لتنفيذ «الاستراتيجية القومية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات»، التى تهدف إلى تأسيس المجتمع الرقمى، وتوفير خدمات اتصالات ذات كفاءة عالية، وتشجيع ريادة الأعمال، وتنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وزيادة الصادرات الرقمية، وخلق فرص عمل متميزة فى هذه المجالات. كما أن لدينا، أيضًا، «استراتيجية مصر الرقمية لصناعة التعهيد»، التى ترتكز على تطوير المهارات الرقمية والقدرات اللغوية للشباب وتعزيز مكانة مصر فى الأسواق المستهدفة. وصناعة التعهيد، تعنى ببساطة، تقديم الخدمات وإدارة نظم الأعمال عبر وسيط متخصص، تتوافر لديه القدرات والخبرات الفنية.
تأسيسًا على ذلك، واستكمالًا لتنفيذ محاور استراتيجية مصر الرقمية، وللبناء على افتتاح مراكز البيانات العملاقة، أواخر أبريل الماضى، وفى ظل ما توليه الدولة من أهمية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، اطّلع الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح أمس، الأربعاء، على تطورات إنشاء مراكز البيانات وإطلاق السحب الحاسوبية، خلال اجتماع عقده مع الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والفريق أحمد الشاذلى، رئيس هيئة الشئون المالية لقواتنا المسلحة، والمهندس بكر البيومى، نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، واللواء هانى منصور، مدير إدارة الإشارة للقوات المسلحة.
تابع الرئيس، أيضًا، خلال الاجتماع، الجهود الحكومية لتوفير بيئة مناسبة لتشجيع الاستثمارات العالمية، والاستفادة من التقدم الجارى فى البنية التحتية التكنولوجية والمعلوماتية، مُوجِّهًا بمواصلة وتكثيف هذه الجهود، لتعزيز قدرات الدولة، وزيادة الاستثمارات، فى مراكز البيانات والسحب الحاسوبية، تعظيمًا للمزايا النسبية، التى تتمتع بها مصر، سواء من حيث توافر البنية التحتية اللازمة، التى تم تشييدها على مدار السنوات الماضية، أو من حيث الموقع الجغرافى، الذى تتقاطع فيه كابلات البيانات والاتصالات بين إفريقيا وآسيا وأوروبا، إضافة إلى مرور الغالبية العظمى من إشارات الإنترنت فى آسيا وأوروبا عبر مصر. والأهم، هو أن الرئيس شدَّد على ضرورة الاستمرار فى الاهتمام المكثف ببناء القدرات التقنية للشباب المصرى، وإعداد كوادر رقمية قادرة على المنافسة بفاعلية فى سوقى العمل المحلية والدولية.
.. وأخيرًا، لعلك تعرف أن مبادرة «بناة مصر الرقمية»، التى تم إطلاقها فى بداية ٢٠٢١، تهدف إلى تخريج كوادر شابة متميزة فى أحدث مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من المهنيين المستقلين والعاملين فى مختلف المشروعات القومية من خلال تدريبهم وتنمية مهاراتهم وتأهيلهم للمشاركة، حاليًا ومستقبلًا، فى بناء مجتمع رقمى يتواكب مع مستحدثات العصر ومتطلبات المستقبل.