بل هى "سكة" حياة
فى إطار احتفالات مصر بالذكرى الحادية والخمسين لنصر أكتوبر العظيم، وكما هى عادة الحكومة المصرية منذ تولى السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى سدة الحكم فى البلاد، فاجأتنا الدولة المصرية بنبأ عظيم لم نشعر به إلا بعد أن اكتمل وصار واقعًا وليس مجرد حلم أو أمنية. إنه عودة الحياة لسكك حديد سيناء بعد توقف إجبارى استمر لنحو 57 سنة. بالفعل أسعدنا إعلان بدء التشغيل التجريبى للمسافة بين الفردان وبئر العبد بطول 100 كيلومتر، وسط سعادة بالغة تابعناها على وجوه أبناء سيناء الذين أتيحت لهم مشاهدة بدء التشغيل بحضور نائب رئيس الوزراء وزير الصناعة والنقل الفريق كامل الوزير. وقد تابعنا احتفال أهلنا فى سيناء بعودة حركة القطارات، إذ وقفوا بالأعلام وباقات الورود صغارًا وكبارًا على محطات القطار فى انتظار أول قطارات الركاب التى عادت تقطع الصحراء لتقطر خلفها مزيدًا من الخير والرزق الوفير.
جاء هذا المشروع الضخم ليمثل دليلًا جديدًا على حرص الدولة المصرية على دعم سيناء واعتبارها رقمًا مهمًا فى خريطة المشروعات التنموية التى تقوم بها فى كل ربوع الوطن. بالطبع هو أكبر من مجرد طريق حديدى قديم- جديد يربط سيناء بالوادى والدلتا، إنه شريان حياة يؤكد للقاصى والدانى أن سيناء هى جزء من قلب مصر لا ينال فقط اهتمام ورعاية القيادة بل إنها تعتبره أحد أهم أبواب الخير والرفاه الاقتصادية بما تستهدفه الدولة من مشاريع جادة وعملاقة فى عمق سيناء مدنًا وصحراء، حضرًا وبادية. مشروع يسهم فى إنجاح خطة الدولة لتحقيق التنمية العمرانية بسيناء وزراعتها بالبشر، تنمية عمرانية تضمن لنا استمرار ما حققناه من استقرار لشبه جزيرة سيناء بعد مسيرة أعوام طويلة حققنا فيها الاستقلال ثم القضاء على الإرهاب سعيًا نحو التنمية الشاملة.
خطوة أراها فى غاية الأهمية تتحقق بها كامل الاستفادة من خيرات سيناء كالرمال البيضاء ومصانع الأسمنت بما يعظم الاستفادة من الموارد الطبيعية والمواد الخام وإنشاء مشروعات صناعات قيمة مضافة بما ينتهى إلى تحقيق التنمية المستدامة لهذه المنطقة الأقرب إلى قلوب كل المصريين. وأنا لا أبالغ فى وصفى هذا، ففى كل عائلة من أقصى شمال مصر إلى أقصى الجنوب هناك شهيد أو محارب ضحى على أرض سيناء وبذل جهدًا وعرقًا وربما الدم أيضًا دفاعًا عنها، بل هو الدفاع عن كرامة مصر كلها وأمنها القومى، ولهذا فهى المنطقة الأقرب إلى قلوب كل أبناء مصر.
وما تم افتتاحه مؤخرًا هو خطوة أولى ننتظر بعدها وبشغف شديد توصيل خط السكك الحديدية من بئر العبد إلى العريش، وهو ما يُتوقع الانتهاء منه خلال عام أو عام ونصف العام من الآن، ثم العمل بعد ذلك ليصل الخط الحديدى إلى طول إجمالى حوالى 500 كم، محققًا الربط الحديدى بين العريش وطابا، وما أدراكم ما طابا، فتلك ملحمة مصرية أخرى استخدمت مصر فى معركة استعادتها سلاحًا من نوع آخر هو سلاح التفاوض المبنى على العلم والوثيقة وقوة الحجة القانونية.
تحية تقدير لكل يد طاهرة دافعت عن تراب سيناء وكل المحبة لهؤلاء الرجال الذين أعادوا الحياة لمشروع سكك حديد سيناء بجهد كبير وبتكلفة غير قليلة، لكن كل جهد يهون وكل مال يرخص أمام الحفاظ على تراب الوطن وحسن استغلال مقدراته. أحيى كذلك وفاء السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى للقيادة التى استعادت سيناء بقرار الحرب قبل 51 عامًا، فلم يترك سيادته مناسبة إلا وأقر بالفضل لأصحاب الفضل من قادة وضباط وجنود بل ومدنيين. ونحن بدورنا ندين بالشكر لسيادته وللحكومة المصرية التى تؤكد سيادة مصر على كل شبر فيها وتحمى مقدراتها بالغالى والنفيس. وقد أكد السيد الرئيس، خلال متابعة سيادته اليوم لتفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثانى الميدانى، أن «الحرب استثناء ولكن الحالة العامة هى السلام».