هل يتحقق التوازن المالى؟
مؤشرات الأداء المالى للموازنة العامة، وجهود الحكومة لتحقيق التوازن المالى، وتحسين أداء الاقتصاد الوطنى، تابعها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اجتماع عقده، أمس الإثنين، مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، وأحمد كجوك، وزير المالية، على ضوء التحديات الإقليمية المتزايدة؛ بما لها من تداعيات اقتصادية. ولعلك تعرف أن التوازن المالى لا يتحقق إلا بتساوى النفقات العامة مع إيرادات الدولة.
تحقيق التوازن المالى، ليس سهلًا، بل يكاد يكون مستحيلًا، مع استمرار تنامى ميزانية النفقات وتراجع الإيرادات وتواضع القطاع الخاص فى الأداء والنمو والتوسع والتوظيف، وتزايد التحديات الاقتصادية الدولية والإقليمية، التى تتشابك فيها تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، والعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ولبنان، والتوترات فى منطقة البحر الأحمر. وعليه، وجّه الرئيس، خلال الاجتماع، بمواصلة مسار الإصلاح المؤسسى الشامل، الذى يهدف إلى ضمان الانضباط المالى، والحوكمة السليمة، من خلال ترشيد الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات العامة وخفض المديونية الحكومية، على النحو الذى يعزز قدرة الاقتصاد على الصمود فى وجه التحديات المختلفة، ويوفر بيئة استثمارية وتنموية تنافسية.
فى سياقات ومناسبات مختلفة، شدّد الرئيس، على أن الهدف الأساسى من كل الجهود التى تقوم بها الدولة، هو تحسين أحوال المواطنين، ورفع مستوى معيشتهم، وبناء دولة قادرة على توفير حياة لائقة وكريمة، بشكل مستدام، لجميع مواطنيها. ومن هذا المنطلق، وجّه الرئيس، أيضًا، بإتاحة مزيد من الإيرادات العامة للدولة لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة فى قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن أكثر من نصف إيرادات الدولة بموازنة السنة المالية الحالية، ٢٠٢٤/٢٠٢٥، تم تخصيصه، للإنفاق الاجتماعى على الدعم والحماية الاجتماعية، والتنمية البشرية، و... و... والتوسع فى مبادرات وبرامج أكثر فاعلية واستهدافًا وتأثيرًا على حياة المواطنين.
مقارنة بـ٥٣٢.٨ مليار جنيه، خصصتها السنة المالية الماضية، للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، جرى تخصيص ٦٣٥.٩ مليار جنيه، خلال هذه السنة، لتعزيز الجهود والبرامج الأكثر استهدافًا لتخفيف الأعباء عن الأسر متوسطة ومنخفضة الدخل، والفئات الأولى بالرعاية والمناطق الأكثر احتياجًا، فى إطار حرص الدولة على تحمّل العبء الأكبر من الآثار السلبية للأزمات الدولية والإقليمية. وبلغ إجمالى الدعم السلعى ٢٩٨ مليار جنيه، منها ١٣٤.٢ مليار جنيه لدعم السلع التموينية، و١٥٤.٥ لدعم المواد البترولية، و٢.٥ مليار جنيه لدعم الكهرباء، ومليار جنيه لدعم شركات المياه، ودعم المزارعين بنحو ٦٥٧ مليون جنيه.
مع تخصيص ٤٧.٢ مليار جنيه لمساندة الأنشطة الاقتصادية وتعميق الإنتاج المحلى وتنشيط الصادرات ودعم الأنشطة الصناعية والزراعية، تم توجيه ٢١٤.٢ مليار جنيه بالموازنة الحالية، للتأمينات الاجتماعية تنفيذًا لاتفاق فض التشابكات، بما يضمن توفير السيولة المالية اللازمة لخدمة أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم والمؤمن عليهم والوفاء بكامل الالتزامات تجاههم، إضافة إلى تخصيص ٤٠ مليار جنيه لبرنامجى «تكافل وكرامة» و«معاش الضمان الاجتماعى»، وزيادة دعم برامج الإسكان الاجتماعى ليصبح ١١.٩ مليار جنيه، ودعم توصيل الغاز الطبيعى للمنازل بحوالى ٣.٥ مليار جنيه.
اتساقًا مع أولويات العمل الوطنى، والمسار الاقتصادى الجديد للدولة، جرى، أيضًا، فى موازنة السنة الجارية، استيفاء نسب الاستحقاق الدستورى للصحة بـ٤٩٦ مليار جنيه، والتعليم قبل الجامعى بـ٥٦٥ مليار جنيه، والتعليم العالى والجامعى بـ٢٩٣ مليار جنيه، والبحث العلمى بأكثر من ١٤٠ مليار جنيه، لاستكمال استراتيجية بناء الإنسان المصرى، واستهدافًا لخفض معدلات الفقر، سواء من خلال زيادة الاستثمار فى التنمية البشرية، بشكل أكبر، أو بدفع جهود التوسع التدريجى فى تطبيق نظام التأمين الصحى الشامل، وتحقيق حلم كل المصريين فى الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة، ذات الجودة، لكل أفراد الأسرة.
.. أخيرًا، ولأن تحقيق التوازن المالى يعتمد، بدرجة كبيرة، على مشاركة القطاع الخاص فى الإنتاج والتنمية والتوظيف والمسئولية الاجتماعية، شهد اجتماع، أمس، استعراض الإجراءات الحكومية، التى تستهدف توفير بيئة
استثمارية وتنموية تنافسية، وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، التى كان من بينها حزمة الحوافز والتسهيلات الضريبية، التى تم الإعلان عنها مؤخرًا.