تعيشى يا فرحة مصر
يأتى شهر أكتوبر من كل عام ليُذكّرنا بواحدة من أعظم اللحظات فى تاريخنا العربى الحديث، حيث شهد السادس من أكتوبر ١٩٧٣ انتصارًا تاريخيًا للجيش المصرى، وحقق من خلاله العرب نصرًا عظيمًا على العدو الإسرائيلى فى معركة استرداد الكرامة والأرض والذكرى الـ٥١ لنصر أكتوبر تحمل فى طياتها العديد من الدروس والعبر التى تجعلنا نفخر بإرثنا الوطنى، ونستلهم منها روح العزيمة والقوة.
بعد نكسة ١٩٦٧، التى فقدت فيها مصر وسوريا أجزاء كبيرة من أراضيها، منها شبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية، كانت الأمة العربية تعيش حالة من الإحباط واليأس. استغل العدو الإسرائيلى تلك اللحظة لبناء خطوط دفاعية قوية مثل خط بارليف، معتقدًا أن بإمكانه السيطرة على هذه الأراضى إلى الأبد. ولكن، فى الجانب الآخر، كانت القيادة المصرية بقيادة الرئيس الراحل أنور السادات تخطط لشىء أكبر، شىء يغير موازين القوى ويعيد للعرب هيبتهم. تزامنت التحضيرات للحرب مع جهود دبلوماسية مكثفة، حيث تمكنت مصر وسوريا من تنسيق هجوم مشترك على إسرائيل وفى السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣، وهو اليوم الذى وافق العاشر من رمضان، بدأ الهجوم المفاجئ كانت القوات الجوية المصرية هى البادئة، حيث شنت غارات مكثفة على مواقع العدو فى سيناء، مما أحدث صدمة كبيرة فى صفوف الجيش الإسرائيلى الذى لم يكن مستعدًا لهذا الهجوم المباغت.
كانت لحظة عبور قناة السويس واحدة من أهم اللحظات فى تاريخ العسكرية المصرية. تم عبور القناة بنجاح على الرغم من وجود خط بارليف الحصين، الذى اعتقد الإسرائيليون أنه لا يمكن اختراقه وبهذه العملية المذهلة، تمكنت القوات المصرية من تحطيم أسطورة هذا الخط الدفاعى القوى فى غضون ساعات قليلة فقط، ليبدأ بعدها الجيش المصرى تقدمه على أرض سيناء وسط ذهول العالم بأسره. لم تكن مصر وحدها فى هذه المعركة. فقد شاركت سوريا فى هجوم على الجبهة الشمالية لاستعادة الجولان، بينما دعمت العديد من الدول العربية المجهود الحربى عبر تقديم الموارد المالية والنفط، ولا يمكن نسيان القرار التاريخى الذى اتخذته الدول العربية المنتجة للنفط بقطع إمدادات النفط عن الدول الداعمة لإسرائيل، ما زاد الضغط على القوى الكبرى لدعم جهود السلام لاحقًا. استطاع الجيش المصرى خلال الأيام الأولى من الحرب تحقيق مكاسب كبيرة، مما أربك حسابات القيادة الإسرائيلية. رغم المحاولات الإسرائيلية للرد، إلا أن القوات المصرية أظهرت تفوقًا واضحًا فى الميدان. وبعد انتهاء القتال، كانت نتائج الحرب واضحة: انتصار عسكرى ونفسى كبير للعرب، واستعادة جزء كبير من الأراضى المحتلة.