سلاح البترول فى حرب أكتوبر.. "البطل الصامت" فى المعركة
خاضت مصر في حرب أكتوبر 1973 واحدة من أعظم معاركها الوطنية لتحرير أراضيها واستعادة كرامتها، وكان البترول سلاحًا حاسمًا في هذه المعركة ودعم الجنود والمعدات العسكرية، وكذلك دعم الاقتصاد الوطني وتأمين احتياجات البلاد من الوقود في ظروف استثنائية.
وينشر «الدستور» دور سلاح البترول فى تحقيق النصر
أظهر قطاع البترول المصري قدرات استثنائية في تأمين احتياجات الجيش المصري أثناء الحرب بفضل قيادته الحكيمة وتخطيطه المسبق، إضافة إلى التعاون العربي الذي شكل رافعة قوية للجهد العسكري المصري.
قطاع البترول وسيناء: المعركة المزدوجة
وقبل حرب أكتوبر 1973، كانت قوات الاحتلال تسيطر على سيناء، بما في ذلك حقول البترول المصرية الغنية بالموارد، كان هذا يعني أن مصر كانت محرومة من جزء كبير من ثرواتها النفطية، ومن هنا، كانت استعادة هذه الحقول هدفًا استراتيجيًا بالغ الأهمية لمصر لأهميتها الاقتصادية، وأنها تمثل جزءًا من استعادة السيادة الوطنية على كامل الأرض المصرية.
لكن المعركة لم تقتصر على استعادة الحقول البترولية فقط، بل كانت هناك معركة أخرى خاضها رجال قطاع البترول المصري بقيادة المهندس أحمد عز الدين هلال، وزير البترول في تلك الفترة.
كان التحدي الأساسي هو تأمين إمدادات الوقود للجيش المصري الذي كان يخوض معارك ضارية على جبهات القتال، فضلًا عن الاحتفاظ بمخزون استراتيجي يكفي لتحمل استمرار العمليات العسكرية لأسابيع دون حدوث أي نقص في الوقود.
تأمين إمدادات الوقود: دور سلاح البترول في دعم القوات المسلحة
كما لعب قطاع البترول المصري دورًا أساسيًا في إمداد الجيش المصري بجميع أنواع الوقود اللازمة لتشغيل الطائرات، المدرعات، الدبابات، والمعدات العسكرية الثقيلة، إضافة إلى أسطول السيارات الذي كان يعتمد عليه الجيش في تحريك القوات والإمدادات.
ووفقًا للتقارير، استطاع قطاع البترول تأمين إمدادات الوقود لمدة شهر كامل، حتى في حال استمرار الحرب لأسابيع، ما يعكس التخطيط الاستراتيجي الدقيق الذي تم اتباعه.
كانت إمدادات الوقود تشمل وقود الطائرات الذي كان له دور محوري في نجاح الطلعات الجوية المصرية التي بدأت يوم 6 أكتوبر بقصف مراكز القيادة والسيطرة الإسرائيلية، إضافة إلى ذلك، تم تأمين وقود الدبابات والمعدات الثقيلة التي ساهمت في نجاح عمليات العبور وتحطيم خط بارليف، وهو ما ساهم في تحقيق التفوق العسكري المصري في الأيام الأولى من الحرب.
التخطيط الاستراتيجي لمواجهة الطوارئ
في ظل التحضير لمعركة طويلة الأمد، حرصت وزارة البترول بقيادة المهندس أحمد عز الدين هلال على تأمين مخزون استراتيجي من الوقود يكفي لتلبية احتياجات البلاد العسكرية والمدنية على حد سواء.
تم إنشاء مخازن طوارئ تحسبًا لانقطاع إمدادات الوقود بسبب العمليات العسكرية أو أي تطورات غير متوقعة، هذا المخزون ساعد على الحفاظ على استقرار السوق المحلي ولم تشهد مصر أي نقص في المنتجات البترولية طوال فترة الحرب.
ويشمل التخطيط تأمين خطوط الإمداد وتوفير مسارات بديلة في حال تعرضت البنية التحتية للهجوم، وهو ما تم بنجاح حيث لم تشهد العمليات أي عوائق تُذكر في تدفق الوقود إلى جبهات القتال.
كما أنه لم يقتصر دور قطاع البترول على الدعم اللوجستي للقوات المسلحة فقط، بل امتد ليشمل توفير إمدادات الوقود للاستخدامات المدنية الحيوية، مما ساهم في استمرار الحياة اليومية في مصر دون أن تتأثر بالحرب.
الدعم العربى فى تعزيز سلاح البترول
لا يمكن الحديث عن دور البترول في حرب أكتوبر دون الإشارة إلى الدعم العربي الذي تلقته مصر، في إطار التضامن العربي، قدمت الدول العربية المنتجة للنفط دعمًا كبيرًا لمصر وسوريا من خلال وقف تصدير النفط إلى الدول الداعمة لإسرائيل، هذه الخطوة كانت دعما سياسيا، وسلاحًا اقتصاديًا قويًا استخدمته الدول العربية لزيادة الضغط على الدول الغربية التي كانت تدعم إسرائيل، مما أجبر بعضها على تغيير مواقفها تجاه الحرب.
وبفضل هذا الدعم، لم تواجه مصر أي نقص في إمدادات البترول، حيث تلقت مساعدات بترولية ضخمة من الدول العربية الشقيقة، مما ساعد في تعزيز استمرارية العمليات العسكرية وتخفيف الضغط على قطاع البترول المصري.
أبطال سيناء والمساهمة الشعبية فى سلاح البترول
كان لأهالي سيناء دور مهم في دعم الجهود الحربية، حيث كان سكان سيناء يمدون الجنود المصريين بالمعلومات والوقود والغذاء في ساحات القتال، ويساعدون في نقل الإمدادات إلى الجبهات الأمامية، هؤلاء الرجال والنساء كانوا جزءًا من المقاومة الشعبية التي دعمت المجهود الحربي المصري بطرق متعددة، حيث كانوا بمثابة حلقة الوصل بين القوات المسلحة والسكان المحليين.
ما بعد الحرب واستعادة حقول البترول واستمرار الدعم
بعد الانتصار في حرب أكتوبر، وبحلول عام 1975، استردت مصر كامل ثرواتها البترولية في سيناء، كان استرجاع هذه الحقول بمثابة استرداد للعزة والكرامة المصرية، فضلًا عن أنه أعاد لمصر السيطرة على جزء مهم من اقتصادها الذي كان قد وقع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم مرور 51 عامًا على ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، إلا أن قطاع البترول المصري ما زال يولي اهتمامًا بالغًا بتطوير سيناء ومدن القناة، وقد أكدت وزارة البترول والثروة المعدنية أن أهالي سيناء ومدن القناة يتلقون الآن دعمًا كاملًا ضمن خطط الدولة، خاصة في ما يتعلق بالمشروع القومي لتوصيل الغاز الطبيعي والمشروعات البترولية التي تهدف إلى تحسين حياة المواطنين وتعزيز التنمية الاقتصادية في تلك المناطق.