ذكريات النصر مع طفلى الصغير
قبل أيام من حلول الذكرى الـ51 لانتصار أكتوبر، فاجأني طفلي الصغير "حازم" البالغ من العمر 5 سنوات بسؤال عن ذكرى انتصار 6 أكتوبر، قائلا: "عاملين حفلة في المدرسة عن 6 أكتوبر... يعني إيه 6 أكتوبر؟".
بدأت معه الحكاية وكلي فخر وعزة بما حققه آباؤنا وأجدادنا من نصر عظيم ما زلنا نتحدث عنه ونفخر به، وقلت له: "حرب أكتوبر جزء من تاريخنا، وهي واحدة من أعظم المعارك التي خاضها المصريون وقواتنا المسلحة.. في هذا اليوم، منذ 51 عامًا، نجح المصريون في استرداد الأرض، وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي كان يزعم أنه لا يُقهر. قام الجيش المصري بعبور قناة السويس وتمكن من تدمير خط بارليف، وكانت هذه الحرب رمزًا للشجاعة والتضحية".
ثم فاجأني بسؤال آخر: "أيوه يعني ليه كان في حرب؟ وهل فعلًا ضربنا الإسرائيليين؟".
فأجبته: "زمان، قبل 6 أكتوبر 1973، احتلت إسرائيل سيناء، وكان المصريون يشعرون بالحزن والغضب بعد هزيمة 1967 واحتلال الأرض، عملت مصر لعدة سنوات على بناء جيش قوي وخططت بعناية لاستعادة أرضها، وكانت حرب أكتوبر هي اللحظة التي قرر فيها الجيش والشعب كسر كل الحواجز واستعادة كرامتهم وأرضهم".
ثم سألني مرة أخرى: "طب وإحنا كسبنا الحرب دي ولا لا؟".
فقلت له بكل فخر: "نعم، انتصرنا وحققنا المستحيل، ونجح المصريون في تحرير الأرض، وفي هذه الحرب توجد بطولات وتضحيات للعديد من الشخصيات والأبطال، سأحكي لك كل يوم قصة بطل من هؤلاء الأبطال، وسنقوم بمشاهدة العديد من الأفلام حول الحرب".
قال لي بصوت مليء بالفرحة: "أنا مبسوط أوي إننا كسبنا.. وهروح الحفلة في المدرسة ونحتفل كلنا بـ 6 أكتوبر".
وبعد انتهاء حديثنا عن نصر أكتوبر العظيم، فوجئت به يرتدي ملابس تشبه ملابس أبطالنا، ويحمل سلاحًا لعبة، ويتحدث وكأنه ضابط في الجيش المصري العظيم، وقال لي: "عارف يا بابا، لو شفت حد إسرائيلي أنا هضربه بالمسدس زي ما عملنا زمان وضربناهم وكسبنا".
في تلك اللحظة أدركت أن الكنز الحقيقي يكمن في ضرورة معرفة أولادنا بتاريخنا العريق الذي يدعو للفخر، كما أن معرفة الحقيقة وتضحيات وبطولات المصريين على مر التاريخ تعد جزءًا أساسيًا لفهم أهمية استعادة الأرض والكرامة، كما أدركت أيضًا أن التاريخ ليس مجرد أحداث ماضية، بل هو جزء من هويتنا التي نفخر بها ونتعلم منها، وأن الحقيقة التي يجب أن نعرفها ونتوارثها جيلًا بعد جيل هي أن إسرائيل كانت ولا تزال العدو.