رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقنا نحتفل بـ"أكتوبر".. لماذا؟

هل من حقنا أن نحتفل بانتصارات حرب أكتوبر  1973، ونعيد الاحتفال بها كل عام رغم مرور 51 عامًا عليها؟ 
الإجابة بالتأكيد نعم، لأنه ببساطة هذه الحرب وهذه الانتصارات لم تتوقف عند يوم السادس من أكتوبر عام 73، بل لأنها أكدت على عدة حقائق أولاها أن الإرادة المصرية لا يمكن كسرها، وأن إرادتنا ملكنا وحدنا. 
وحقنا نحتفل لأننا أثبتنا للعدو ومن يقف خلفه أننا شعب لا يهزم وأننا نتخذ من هزائمنا دافعًا للانتصار ومن أخطاء الماضى وسيلة للعبور للمستقبل.
وحقنا أن نحتفل لأننا حققنا النصر بعقول مصرية خالصة وسواعد وجنود وأبطال مصريين من شباب وطن واحد، خرج من كل شبر فى مصر، فى القرى والمدن والمحافظات، مسلمين ومسيحيين، أغنياء وفقراء ومن متعلمين وأميين، كل أبناء مصر هم جنودها لا فرق بينهم فى حب الوطن والدفاع عنه بالروح والدم.
حقنا نحتفل بما حققه جيشنا على أرض المعركة، منذ وقوعها يوم 5 يونيو غدرًا، وقد اعتبرناها بداية لمعركة وليست نهايتها، وبعد أن رفضنا الهزيمة وأسميناها نكسة، أى أزمة عابرة ولا بد أن نتجاوزها، وحقنا أن نحتفل لأننا حرمنا العدو من فرحته، ولم نمكنه من تحقيق أهدافه ولم نهنئه يومًا واحدًا بانتصاره.
حقنا أن نحتفل لأننا حققنا تنميتنا بما خططنا وبما نطمح، بنينا السد العالى، وأعدنا بناء قواتنا المسلحة وجيشنا القوى القادر على العبور وتحقيق الانتصار. 
ومن حقنا أن نحتفل  لأننا لم نتخل عن عروبتنا كما كان يحلم العدو ويطالب به طول الوقت،  ولم نتخل عن فلسطين، وكانت الحرب سببًا فى اللحمة العربية وتجلت وحدتنا فى حرب الكرامة بمشاركة كل الدول العربية منها 9 دول كان لها قوات على الأرض، ولعب سلاح البترول لأول مرة دورًا مهمًا فى حسم المعركة.
وحقنا أن نحتفل لأننا بعد أيام من الحرب استطعنا تدمير وحدات للعدو فى معركة رأس العش بوحدة صاعقة تسليحها خفيف لتكون بداية للمعارك الكبرى التى تلتها، وبعد أيام أخرى دمرنا لهم أهم قطعة بحرية يمتلكها العدو، وهيأت له سطحية عقليته وغروره أنه قادر على الاستعراض أمام سواحلنا ليتباهى بنصر زائف فأغرقناها أمام عينيه، وسمحنا له بأخلاقنا أن يلملم أشلاء قتلاه وإخلاء جرحاهم ليكونوا شهودًا على مذلتهم وإهانتهم.
حقنا أن نحتفل لأننا كبدنا العدو خسائر ستظل عالقة فى أذهان أجياله فى خلال حرب الاستزاف التى تسمى بـ«حرب الـ 1000 يوم».   
لم يتوقف صراخ العدو طوالها على ضحاياه وقتلاه وخسائره التى يكبدها له أبطال الجيش  المصرى العظيم  كل يوم.
وجن جنون العدو من أجل إيقاف حرب الاستنزاف،  حتى إنه طلب الانسحاب من كامل أراضينا مقابل وقف هذه الحرب فلم نقبل وأعلناها «ما أُخذ بالقوة لا يسترد بغيرها»، لتتحول سيناء إلى مقبرة للعدو وتجربة مريرة سيندم عليها العمر كله ويفكر ألف مرة قبل أن يحاول تكرارها.
وحقنا أن نحتفل لأن العدو بحقارته ووحشيته حاول إجبارنا على وقف الحرب بضرب الأهداف المدنية فى العمق بالعدوان  على نجع حمادى وبحر البقر وأبى زعبل، وفشل حتى حققنا النصر العظيم فى أكتوبر 73.
حقنا أن نحتفل لأن العدو فشل وسيفشل فى الانصهار بيننا، بالرفض الشعبى لكل محاولات التطبيع، وظل العدو كيانًا شيطانيًا محتلًا لا يمكن قبوله بيننا طالما بقيت أرضنا العربية محتلة. 
حقنا أن نحتفل لأننا استطعنا فى سنوات السلم أن نبنى جيشًا قويًا قادرًا على حماية حدودنا ومصالحنا فى كل مكان وأى زمان.
وحقنا أن نحتفل لأننا استطعنا أن نبنى بلدنا ونعبر به من هجمات الإرهاب الأسود الذى اختار سيناء لينتقم للعدو من جيشنا وخاض حربًا بالإنابه عنه، فقضينا عليه وعلى أحلام من دعموه وخططوا له.
حقنا أن نحتفل بأكتوبر العظيم لأننا نجحنا فى إسقاط كل المؤامرات التى تآمرت علينا بمسميات شرق أوسط جديد أو كبير أو حقير، فكلها مؤامرات استهدفت النيل من وحدة أرضنا وتماسك شعبنا.
وحقنا أن نحتفل وحقنا أن نفرح برئيسنا الوطنى الذى حقق لنا الانتصار فى حروب الإرهاب والتنمية والاستقرار وأعطى للجيش المصرى القدرة ليكون أكبر قوة ردع فى الشرق الأوسط كله ويتفوق فى كل التصنيفات العسكرية على دولة العدو لأول مرة.. عاش جيش مصر العظيم وحمى الله بلدنا ونصرنا على أعدائنا.