هذا هو يوم النصر
هذا هو يوم السادس من أكتوبر، الذى تحل فيه الذكرى الحادية والخمسون، لانتصار مصر الأعظم فى التاريخ الحديث، وانتصار العرب الوحيد على إسرائيل، والتى استبقناها، كما أشرنا، أمس، بتخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية، لأول مرة، من الـ«أوكتاجون»، مقر وزارة الدفاع الجديد، مركز القيادة الاستراتيجية للدولة، واستعاد معنا الرئيس عبدالفتاح السيسى، أو ذكّرنا، بما حققناه، بالتماسك وتحمل الصعاب، من أجل بناء قواتنا المسلحة، للحفاظ على سلامة هذا الوطن، وتبديد أى أوهام لدى أى طرف.
كنا، وما زلنا، نطلب السلام، ولم نكن، ولن نكون مغامرى حرب. وعليه، «لم نحارب لكى نعتدى على أرض غيرنا، بل لنحرر أرضنا التى كانت محتلة، ولإيجاد السبل، لاستعادة الحقوق المشروعة لشعب فلسطين»، وما بين التنصيص ننقله من خطاب النصر، خطاب ١٦ أكتوبر ١٩٧٣، الذى أشار فيه الرئيس محمد أنور السادات إلى أن الخيلاء والكبرياء الفارغة أوهمت أعداءنا بأكثر مما يقدرون على تحمل تبعاته، قبل أن يستند إلى القاعدة التوراتية، ثم القرآنية، ويطلق ذلك التحذير، الذى لا نرى، اليوم، ما يمنعنا من تكراره: «العين بالعين.. والسن بالسن.. والعمق بالعمق»، واضعين نصب أعيننا وفى أعماق قلوبنا، أن قواتنا المسلحة، بعد الطفرة النوعية، تنظيمًا وتدريبًا وتسليحًا، التى شهدتها خلال السنوات العشر الماضية، ستجعل التاريخ يسجّل، مجدّدًا، لهذه الأمة، أن حركتها لم تكن فورانًا وإنما كانت ارتفاعًا شاهقًا.
فى مثل هذا اليوم منذ ٥١ سنة، قامت قواتنا المسلحة بـ«معجزة على أعلى مقياس عسكرى واستوعبت العصر كله تدريبًا وسلاحا، بل علمًا واقتدارًا»، وأتاحت لنا أن نجلس، أمس واليوم وغدًا، لنقص ونروى «كيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ساد فيها الظلام، ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء»، و... و... وأثبتوا للعالم، وما زالوا يثبتون، أنه لا تهاون مع معتدٍ، ولا تفريط فى حبة رمل من أرض مصر المقدسة.
بهذه المعجزة، أو بانتصارنا الأعظم فى التاريخ الحديث، ثم بالسلام القائم على القوة، قمنا بتحرير كامل ترابنا الوطنى، ودخل الرئيس السادات التاريخ من أوسع أبوابه، بصفته قائدًا منتصرًا، وبطلًا للحرب والسلام. وهنا قد تكون الإشارة مهمة إلى أن الرئيس الإسرائيلى الحالى، إسحق هرتسوج، الذى يجلس على مقعده منذ ٧ يوليو ٢٠٢١، هو ابن الرئيس الأسبق حاييم هرتسوج، الذى أقر بأن الإسرائيليين كانوا يتحدثون أكثر من اللازم، قبل أكتوبر ١٩٧٣، بينما كان المصريون صبورين ويتعلمون كيف يقاتلون.
لم يكن «هرتسوج» الأب يتولى رئاسة ذلك الكيان وقت الحرب، بل إفرايم كاتسير، الذى لن تجد له غير تصريح واحد ووحيد، نعتقد أنه الدرس الذى استخلصه من الهزيمة القاسية: «إذا كنا نأمل فى بناء عالم أفضل، يجب أن نسترشد بالقيم الإنسانية العالمية، التى تؤكد قدسية الحياة والحرية والسلام بين الأمم». ولعلك لاحظت، أو أدركت، أن الرئيس الحالى، ورئيس الوزراء المزمن، بنيامين نتنياهو، ووزراء حكومته المتطرفة، لم يستوعبوا هذا الدرس، وضربوا عرض الحائط بكل القيم الإنسانية، ومارسوا توحشًا، غير مسبوق، وصل ذروته خلال العدوان، المستمر منذ سنة، على قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان.
لم يستوعب الذاهبون بهذا الكيان إلى حتفه، أيضًا، دروسًا أخرى، سابقة وحالية، أكثر أهمية، وأطلقوا سيلًا من الأكاذيب، فى محاولة بائسة، أو يائسة، لاستفزازنا، لاستفزاز مصر، ردًا على مواقفها المبدئية الثابتة تجاه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وفى مقدمتها حقه فى التحرر من الاحتلال، وإقامة دولته المستقلة والمُتصلة جغرافيًا والقابلة للحياة على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن منطقة العرض المكشوف لبانوراما حرب أكتوبر، وكل المتاحف العسكرية، مفتوحة اليوم، الأحد، لاستقبال المواطنين، مجانًا، بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين لنصر أكتوبر المجيد، انطلاقًا من حرص قواتنا المسلحة على نشر الوعى والثقافة العسكرية والوطنية لدى الشباب وتعريفهم بأمجاد وبطولات أبناء مصر وتضحياتهم، فداءً لعزة الوطن وصون قدسيته.