إشكالية حزب الله
أثار وجود حزب الله الشيعى فى لبنان جدلًا كثيرًا، بين أوساط المثقفين فى الدول العربية، فقد كان رمزًا للمقاومة ضد الإسرائيلى المحتل، كما أنه قاوم الجماعات المتطرفة وتنظيم داعش، وتنظيم جبهة النصرة السورى ومنعها من دخول لبنان، ورغم هذا صنفته مجموعة الدول الغربية وأمريكا الموالية لإسرائيل بأنه تنظيم إرهابى.
أسسه عباس الموسوى عام 1982، على أيديولوجية آية الله الخمينى وولاية الفقيه، وبعد وفاة الموسوى فى عام 1992 تولى رئاسته حسن نصر الله.
من الناحية القانونية يعتبر حزب الله اللبنانى، أو المقاومة الإسلامية فى لبنان هو حزب سياسى إسلامى شيعى مسلح، مقره فى لبنان تأسس عام 1982م، وهو جزء من محور المقاومة الذى تقوده إيران ضد الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما فى الشرق الأوسط، يقوم الحزب على الأيديولوجية الخمينية وولاية الفقيه.
وبالرغم من بعض عملياته فى مصر، فإنها لا تصنف حزب الله كمنظمة إرهابية، وأعلن الرئيس السيسى أنه لن يتخذ أى إجراء ضد الحزب ورفض الحرب مع إيران، رغم قيام خلية مسلحة للحزب بالتخطيط لاغتيالات واعتداءات ضد مواقع سياحية مصرية وسفن تعبر قناة السويس، كما قام حزب الله باقتحام السجون خلال أحداث يناير 2011 لتهريب سجنائه فى القضية.
خرج حزب الله من عباءة حزب الله الشيعى اللبنانى، الذى يرأسه نبيه برى، وقد كشف أمين عام حزب الله عام 2021. عن أن الهيكل العسكرى التابع لحزب الله هو 100،000 مقاتل، كلهم تحت السلاح ومقاتلون على أعلى درجات الكفاءة القتالية.
وقد كانت إسرائيل سببًا فى تدريب جنود ومقاتلى حزب الله على المعارك الحقيقية.
ففى عام 1982 اقتحمت إسرائيل لبنان لطرد كل الفلسطينيين بقيادة ياسر عرفات منها، بعد ان طردهم الأردن فى أعقاب ما يعرف بأيلول الأسود عام1970. ويعرف أيضًا باسم الحرب الأهلية الأردنية، هو الصراع الذى نشب فى الأردن بين القوات المسلحة الأردنية بقيادة الملك حسين ومنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات فى المقام الأول بين 16 و27 سبتمبر 1970 مع استمرار بعض الأعمال حتى 17 يوليو 1971. ومن لبنان بدأ الفلسطينيون يشنون هجماتهم على إسرائيل، وهو ما خلق مبررًا لإسرائيل لاقتحام لبنان.
فى صيف عام 1982، شنت إسرائيل حربًا واسعة على لبنان، بقيادة الجنرال أريل شارون، الذى صار فيما بعد رئيسًا لوزراء إسرائيل. كان هذا الاجتياح لتحقيق أهداف عسكرية وسياسية استراتيجية، كانت تلك الحرب جزءًا من صراع أكبر بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية، التى كانت تستخدم الأراضى اللبنانية قاعدة لتنفيذ عملياتها ضد دولة الاحتلال.
فى عام 1982 أعلن حزب الله اللبنانى عن عزمه واستعداده لطرد القوات الإسرائيلية من لبنان. وبدأ يعد نفسه لتلك المواجهة، ونجح فى تحويل لبنان إلى بؤرة تنهك القوات الإسرائيلية فى لبنان، بالتعاون مع القوات السورية وبعض الدول العربية، وبعض الأحزاب اللبنانية الأخرى، وبحلول أواخر العام 1990 توسع دور الحزب سياسيًا وعسكريًا، وبدأ بشن حرب عصابات ضد الجيش الإسرائيلى فى منطقة الشريط الأمنى العازل.
وتم إخراج آلاف المقاتلين الفلسطينيين بحرًا من لبنان، بعد حصار دموى استمر 10 أسابيع للعاصمة اللبنانية، شمل قصفًا إسرائيليًا مكثفًا لغرب بيروت، ومقتل مئات المدنيين فى مخيمى صابرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين على أيدى ميليشيات مسيحية لبنانية يتزعمها حزب الكتائب اللبنانى، سمحت لهم القوات الإسرائيلية بالدخول بعد مقتل رئيس لبنانى مارونى منتخب حديثًا فى انفجار سيارة ملغومة.
وبعد عشر سنوات، أى فى عام 2000، اتخذت إسرائيل، قرارًا بسحب قواتها من جنوب لبنان، منهية بذلك سيطرتها التى دامت هناك ثمانية عشر عامًا.
عام 2006 كان فارقًا، حيث التصعيد الأهم فيما عرف بحرب تموز واستمرت حينها الحرب بينهما أربعة وثلاثين يومًا ولم تنته إلا بالقرار الأممى 1701.
ودمرت الحرب الإسرائيلية- اللبنانية فى 2006، أجزاء كبيرة من لبنان. وفى ذلك الوقت، قُتل أكثر من 1100 لبنانى فى الضربات الإسرائيلية، بما فى ذلك حوالى 250 من مقاتلى حزب الله، بينما قُتل 121 جنديًا و43 مدنيًا على الجانب الإسرائيلى بهجمات صاروخية شنها حزب الله. وقد عقدت هدنة بين لبنان وإسرائيل فى السنوات التى تلت حرب 2006، حتى بداية الصراع الحدودى بين حزب الله وإسرائيل فى 8 أكتوبر2023 الماضى.
ولقد مر الصراع الحالى، الذى امتد فى الغالب على محيط يبلغ حوالى 4 كيلومترات على جانبى الحدود، بتصعيد كبير بعد أن أعطت حكومة الحرب الإسرائيلية الأولوية رسميًا لإعادة سكان إسرائيل النازحين من أقصى شمالها، الثلاثاء الماضى. ومنذ ذلك الحين، أسفرت الهجمات المكثفة على أهداف لحزب الله، والتى كان العديد منها فى مناطق مدنية مكتظة بالسكان، عن ارتفاع عدد القتلى بشكل كبير، وكان من بين الضحايا مسلحون ومدنيون.
وقد قامت إسرائيل بممارسة حرب الاغتيالات ضد قادة حزب الله، وكان أبرز القادة الذين تم اغتيالهم: حسن نصر الله، وأعلن الجيش الإسرائيلى عن اغتيال الأمين العام لحزب الله فى غارات على العاصمة اللبنانية بيروت الجمعة، 28 سبتمبر 2024. وإبراهيم قبيسى اغتالوه فى 24 سبتمبر إلى مقتل قبيسى، وهو قائد وشخصية بارزة فى فرقة الصواريخ فى «حزب الله». وإبراهيم عقيل: هو قائد عمليات «حزب الله»، خدم فى أعلى هيئة عسكرية للحزب، وقتل خلال غارة إسرائيلية فى الضاحية الجنوبية لبيروت يوم 20 سبتمبر.. وأحمد وهبى: قُتل فى غارة إسرائيلية فى ضاحية بيروت يوم 20 سبتمبر. وفؤاد شكر قتل فى غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية فى 30 يوليو الماضى.
ولا يمكن إنكار الدور الذى قام به حزب الله لإنقاذ سوريا ونظام الأسد من القبضة الإرهابية لمجموعات داعش السنية، وبعض الفصائل الإرهابية، ومنها جبهة النصرة، وجيش محمد التى استولت فى منتصف بعد 2011 على نصف العراق ونصف سوريا، ولولا تدخل حزب الله لصالح سوريا والتحالف الدولى لصالح العراق لظل داعش حتى الآن.