رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تجارب الدول فى التحول إلى الدعم النقدى.. «نجاحات وتحديات»

يظل النقاش فيما يخص ملف الدعم العينى وحول الأفضلية إلى تحويله إلى دعم نقدى مطروحًا على طاولة المناقشات، سواء بين المواطنين أو الجهات الرسمية، وتابعت كغيرى من المواطنين، خلال الأيام القليلة الماضية الاجتماعات التحضيرية التى عقدها مجلس أمناء الحوار الوطنى لمناقشة هذا الملف خلال جلساته المستقبلية، والتى سيشارك فيها المتخصصون وأصحاب الشأن؛ ليضعوا أمام الحكومة مقترحاتهم وتوصياتهم لتطبيقها بما يخدم الصالح العام.

من هذا المنطلق أود أولًا أن أوضح أن الدعم العينى هو تقديم السلع والخدمات الأساسية المباشرةً إلى المواطنين المستحقين، مثل المواد الغذائية وغيرها، بينما الدعم النقدى يتضمن منح المواطنين مبالغ مالية تتيح لهم حرية شراء واختيار ما يحتاجونه.

ونظرًا لما يعانيه هذا الملف من فساد وتهرب وتربح البعض منه، فقد آن الأوان إلى التحول إلى الدعم النقدى تدريجيًا؛ للقضاء على هذا الفساد وضمان وصول الدعم لمستحقيه، خاصة فى ظل ما تتحمله الخزانة العامة للدولة من أموال ضخمة من أجل توفير السلع والخدمات التى يحصل عليها المستفيدون بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية، وبحسب ما أعلن عنه وزير التموين الدكتور شريف فاروق فإن الدولة المصرية تقدم دعمًا للمواطنين قيمته تفوق 636 مليار جنيه، ودعمًا سلعيًا وخبزًا يتخطى 135 مليار جنيه، كما أن هناك معضلة كبيرة تخص التلاعب بالدعم العينى، بتوجيه السلع إلى السوق السوداء، وسيطرة التجار والمحتكرين وضياع موارد الدولة، الأمر الذى يدفعنا المطالبة بأن نتجه وبسرعة إلى إلغاء الدعم العينى تدريجيًا وتطبيق نظام الدعم النقدى.

وهناك العديد من الدول التى يمكن دراسة تجاربها فى هذا الشأن، والتى أخذت خطوات جادة فى تحويل نظام الدعم من دعم عينى إلى دعم نقدى؛ بهدف تحسين كفاءة توزيع الموارد ومواجهة الفساد، منها على سبيل المثال البرازيل، والتى أطلقت برنامج «بولسا فاميليا»، وهو نظام دعم نقدى موجه للأسر الفقيرة، والذى ساهم فى تقليل الفقر بشكل ملحوظ وزيادة الإنفاق على التعليم والصحة، والمكسيك التى حولت أيضًا الدعم من عينى إلى نقدى مشروط، والذى ساهم فى تقليل الفقر، وهنا أؤكد بأن تطبيق نظام تحويل الدعم من عينى إلى نقدى يتطلب مواجهة التضخم وضبط الأسعار وضمان وصوله إلى الفقراء، خاصة فى الأماكن النائية، وإلا سيواجه ذلك بعض التحديات، كما حدث عند تطبيقه فى إيران، والذى كان سببًا فى تراجع قيمة العملة الإيرانية وأثر بالسلب على حياة المواطنين.

وعلينا أن ندرك جيدًا بأن نجاح تحول الدعم من عينى إلى نقدى يعتمد بشكل كبير على مدى فاعلية وعمل الأنظمة التنفيذية والرقابية بجانب ضمان وصوله للمستفيدين الحقيقيين، ويمكن ذلك من خلال استخدام الحوكمة والتحول الرقمى.