ذكرى نصر حرب أكتوبر وكيف خدع الرئيس السادات العدو الإسرائيلى؟
تعتبر حرب أكتوبر 1973 واحدًا من أبرز الأحداث التاريخية التى شهدتها المنطقة العربية فى القرن العشرين. فهذه الحرب التى وقعت فى السادس من أكتوبر كانت نقطة تحول كبرى فى الصراع العربى الإسرائيلى، حيث تمكنت القوات المصرية والسورية من تحقيق نصر تاريخى على الجيش الإسرائيلى، الذى كان يُعتقد أنه لا يُقهر بعد حرب 1967.
الرئيس المصرى محمد أنور السادات قاد هذا الانتصار العظيم بأسلوب فريد من نوعه، مستخدمًا عنصرًا أساسيًا فى الحروب: «الخداع». كان السادات يعلم أن الجيش الإسرائيلى يعتمد على المعلومات الاستخباراتية بشكل كبير، وكان يتوقع أن إسرائيل ستفترض أنه من المستحيل أن تشن مصر حربًا فى ظل الظروف الاقتصادية والعسكرية المتردية بعد الهزيمة فى 1967. ولذلك، عمل السادات على خلق صورة مضللة.
خداع السادات فى حرب أكتوبر
بدأ الخداع الاستراتيجى للسادات بتسريب معلومات مضللة عن عدم استعداد مصر للحرب، واستمرت التمويهات حتى اللحظة الأخيرة. كانت القوات المسلحة المصرية تقوم بتمارين عسكرية مكثفة، تبدو وكأنها روتينية، مما جعل الإسرائيليين يعتقدون أن مصر لا تنوى شن أى هجوم.
فى نفس الوقت، كانت هناك تحركات دبلوماسية على مستوى العالم، حيث بدا وكأن السادات يسعى لحل سلمى للنزاع. هذه التحركات جعلت إسرائيل تشعر بالأمان الزائف، لكن فى الواقع، كانت مصر تستعد لأكبر هجوم عسكرى مفاجئ فى تاريخها الحديث.
فى يوم السادس من أكتوبر، اندلعت الحرب عندما عبرت القوات المصرية قناة السويس فى هجوم مفاجئ ومنسق مع الجبهة السورية. تزامن الهجوم مع يوم «كيبور» «عيد الغفران اليهودى»، وهو اليوم الذى كانت فيه إسرائيل فى حالة استعداد منخفضة. هذه المفاجأة الكاملة أدت إلى انتصار مبدئى سريع وفعال للقوات المصرية والسورية.
فى حرب أكتوبر 1973، لعب وزيرا الدفاع المصرى دورًا محوريًا فى تحقيق الانتصار الكبير على إسرائيل واستعادة الكرامة الوطنية. قاد هذا الجهد كل من الفريق أول محمد أحمد صادق، الذى كان وزيرًا للدفاع خلال الفترة التحضيرية للحرب، والفريق أول أحمد إسماعيل على، الذى تولى وزارة الدفاع قبل بدء الحرب بوقت قصير وأشرف على التخطيط النهائى والتنفيذ.
الفريق أول محمد أحمد صادق:
محمد أحمد صادق كان وزيرًا للدفاع قبل الحرب، وكان له دور كبير فى إعداد القوات المسلحة المصرية وتطوير استراتيجياتها. كان مسئولًا عن تعزيز جاهزية الجيش المصرى وتحديث قدراته العسكرية، كما سعى إلى تطوير العلاقة مع القوى الدولية المؤيدة للقضية المصرية. رغم أنه لم يكن وزيرًا للدفاع أثناء بدء العمليات العسكرية، إلا أن إسهاماته كانت حاسمة فى الفترة التحضيرية.
الفريق أول أحمد إسماعيل على:
عُيّن أحمد إسماعيل على وزيرًا للدفاع قبل بدء الحرب فى مارس 1973، ونجح فى قيادة القوات المصرية خلال المعركة. أحد أبرز إنجازاته كان التوافق مع الرئيس أنور السادات ورئيس الأركان سعدالدين الشاذلى حول الخطة الاستراتيجية للحرب، والتى تركزت على تحقيق عنصر المفاجأة من خلال عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف. كما تولى التنسيق بين القيادات المختلفة للجيوش، وعمل على تحقيق التعاون مع سوريا فى الجبهة الشمالية لتحقيق هدف تحرير الأراضى المحتلة.
إسماعيل أظهر قدرة استثنائية فى إدارة الحرب على المستويين العسكرى والسياسى، حيث كان عليه أن يتعامل مع تعقيدات الصراع الدولى والتوازنات السياسية فى الشرق الأوسط. كما أشرف على الجهود اللوجستية الضخمة المطلوبة للحفاظ على تدفق الإمدادات والأسلحة إلى الجبهات القتالية، بالتعاون مع حلفاء مصر، مثل الاتحاد السوفيتى.
دور وزير الدفاع فى إدارة الحرب:
الوزيران ساهما فى تكوين استراتيجية فعالة حققت مفاجأة استراتيجية على الجبهة الإسرائيلية، حيث تمكن الجيش المصرى من تنفيذ عملية عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف الذى كان يُعد أحد أكثر الخطوط الدفاعية تحصينًا فى التاريخ العسكرى. هذه الحرب غيرت وجه الصراع العربى الإسرائيلى وأكدت قدرة الجيش المصرى على استعادة زمام المبادرة العسكرية بعد هزيمة 1967.
مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسى: «إذا كان الجيش المصرى عملها مرة فهو قادر يعملها كل مرة»
فى أكثر من مناسبة، عبّر الرئيس عبدالفتاح السيسى عن فخره بحرب أكتوبر وبالجيش المصرى. وأكد أن مصر قادرة على تحقيق المعجزات كما فعلت فى حرب أكتوبر. من أشهر مقولاته فى هذا السياق هى: «إذا كان الجيش المصرى عملها مرة فهو قادر يعملها كل مرة»، فى إشارة إلى قدرة مصر على استعادة قوتها ومكانتها فى أى وقت.
تأتى هذه العبارة كتأكيد على روح العزيمة والإصرار التى يتمتع بها الشعب المصرى والجيش المصرى، وأن ما تحقق فى أكتوبر ليس مجرد ذكرى بل درس دائم بأن مصر قادرة على الانتصار حتى فى أحلك الظروف. وفى سياق هذه المقولة، يُفهم أن مصر ما زالت تحتفظ بروح أكتوبر التى تعتمد على التخطيط الدقيق، الخداع الاستراتيجى، والعمل الجاد لتحقيق الأهداف الوطنية.
وأخيرًا وليس آخرًا
سوف تظل حرب أكتوبر 1973 علامة مضيئة فى تاريخ مصر والعالم العربى، ليس فقط بسبب الانتصار العسكرى، ولكن أيضًا بسبب الدروس القيمة التى تعلمها الجميع من هذه الحرب. الخداع الاستراتيجى للرئيس أنور السادات كان أحد أهم الأسباب فى تحقيق النصر، بينما تظل مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسى تذكيرًا دائمًا بأن مصر قادرة على تحقيق المستحيل.