رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نصر مهد الطريق للسلام.. هكذا أرغمت مصر العدو الإسرائيلي على التفاوض

الرئيس المصري الراحل
الرئيس المصري الراحل أنور السادات

لم تكن حرب أكتوبر 1973 مجرد صراعًا عسكريًا فقط، بل كانت نقطة تحول استراتيجية في العلاقات بين العرب وإسرائيل، حيث أجبرت مصر بقيادة الرئيس أنور السادات، العدو الإسرائيلي على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

إذ أنه وفي السنوات التي سبقت حرب 1973، كانت العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل متوترة بشكل كبير، وكان الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، والضفة الغربية، وقطاع غزة عقب حرب 1967، مسفرًا عن إحباطًا كبيرًا في العالم العربي، خاصة في مصر، لذا سعى السادات لاستعادة الأراضي المحتلة، ولكنه أدرك أيضًا أن الخيار العسكري وحده قد لا يكون كافيًا، إذ كان يتعين عليه استخدام القوة العسكرية كوسيلة لفتح الأبواب أمام الحوار والتفاوض.

وإلى جانب الناحية العسكرية التي قرر فيها السادات شن الهجوم على إسرائيل مستخدمًا عنصر المفاجأة، حيث بدأ بتجهيز القوات المصرية واستعادة الثقة في الجيش بعد الهزيمة في 1967، وبتعاون كل من مصر وسوريا لشن ذلك الهجوم المنسق على القوات الإسرائيلية في سيناء والجولان، واستخدام مصر كذلك في هذا تكتيكات جديدة وفعالة، بما في ذلك عبور قناة السويس التي كانت تعتبر عقبة كبيرة أمام القوات المصري، ما أدى في النهاية إلى تحقيق النصر.

إلا أنه وبعد أسبوعين من القتال، وبينما كانت القوات المصرية قد حققت نجاحات ملحوظة، كانت هناك خسائر كبيرة أيضًا، وهو ما جعل السادات يدرك أن استمرارية الحرب قد تؤدي إلى نتائج غير مضمونة، وفي الوقت نفسه، كانت إسرائيل تعاني من خسائر، وأصبح الضغط الدولي للبحث عن حل دبلوماسي واضحًا، وهنا جاء دور الرئيس الراحل أنور السادات الذي لقب ببطل الحرب والسلام الذي اتخذ خطوة جريئة في الاتجاه الصحيح.

التحول نحو التفاوض

دعوة للسلام

في 16 أكتوبر 1973، دعا إلى السلام، في خطاباته، وأكد على أهميته كخيار استراتيجي، وكانت هذه الدعوة مدعومة بنجاحات عسكرية، مما أعطاه موقفًا قويًا في أي مفاوضات مستقبلية، كما كان واضحًا أن السادات يريد أن يثبت للعالم أن مصر ليست مستعدة للمفاوضات من موقف ضعف، بل من موقع القوة.

 

بداية المفاوضات

وفي نهاية المطاف، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة، تلا ذلك سلسلة من المفاوضات التي أدت إلى اتفاقية فك الاشتباك عام 1974 مما مهد الطريق لعملية السلام التي استمرت لعقود.

 

جدير بالذكر أنه قد ترافق التصعيد العسكري مع أبعاد دولية معقدة حيث كانت الولايات المتحدة تدعم إسرائيل، بينما كانت الدول العربية، بما في ذلك مصر، تتلقى الدعم من الاتحاد السوفيتي، وكانت الولايات المتحدة تخشى من تداعيات الحرب على استقرار المنطقة، مما دفعها إلى البحث عن وسيلة لإنهاء النزاع، تلك التوترات بين القوتين العظمتين أوجدت بيئة كانت فيها فرص التفاوض أكثر وضوحًا.

 

وأثبتت حرب 1973 حسب آراء الخبراء أنها كانت درسا مهما في فن التفاوض، إضافة إلى إثباتها أن القوة العسكرية يمكن أن تكون وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، كما أكدت على ضرورة الاستفادة من النجاحات العسكرية كوسيلة لإطلاق الحوار الدبلوماسي، حيث استطاع السادات أن يحقق إنجازات كبيرة من خلال استخدامه الحرب كأداة للضغط على إسرائيل للجلوس إلى طاولة المفاوضات.