رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأخطار التى على حدودنا المصرية

دائمًا ما ننظر إلى حدودنا المصرية بقلق، الشرقية والغربية والجنوبية، الغليان هائل على الحدود الشرقية، الصراع الإسرائيلى الفلسطينى الذى يتفاقم ويبدو بلا نهاية، وهو أجلى صورة للصراع بين العرب على وجه العموم والكيان الغاصب المحتل، كما أن تصدير الجهاديين إلى سيناء مشكلة عويصة من هذه الجهة، وكثيرًا ما يحاول الأعداء استغلالها للنفاذ إلينا منها من خلال محاولة السيطرة على بواباتنا الحدودية، ومن أخطار الحدود الغربية أنها منفلتة، لا تقوى الحكومة الليبية على التحكم فيها حتى الساعة؛ ومن ثم فهى من أكبر منابع تجارة السلاح وتهريبه، ما يهدد أمننا القومى فى الصميم، وأما الحدود الجنوبية فخربة بخراب السودان الذى لم يعد واحدًا قط، غمره التمزق، وملأته الحروب الأهلية والانتهاكات الشنيعة، وأرهقه الجوع والعطش، وصار ممرًا للسلاح وتسلل الأفارقة أكثر من ذى قبل.
حدودنا محمية طبعًا، قواتنا المسلحة هناك فى غاية اليقظة والاستعداد، غير أن الأمر لا يخلو من الشعور بتحالف هذه الحدود الثلاثة ضدنا، أعنى كأنها كذلك، وإنما هى الظروف المعقدة أظهرت الحكاية على هذا النحو، وهو ما يمثل ضغوطًا جبارة على الدولة المسئولة عن الحفاظ على الوطن والمواطنين طرًا، وبينما كثيرون من الناس لا يدركون أبعاد ما يجرى على هذه الحدود من الأحداث بالغة الصعوبة، إلا ما يقرأونه فى الصحف أو يشاهدونه على الشاشات، وقد لا يكون دقيقًا كالواقع الفعلى، فإن دولتنا تتوسع فى تنبيه أهاليها إلى أزماتها الحدودية؛ لأنه من المهم أن تكون القوة البشرية ظهيرًا للجيش، وأن يعرف كلٌ دوره المنوط به، وألا تستسلم الآذان إلى مروجى الشائعات وصناع الفتن؛ فيضاعف ذلك العبء العام ويخلق التوتر، وقد يفضى «لا قدر الله» إلى فتح ثغرات قاتلة تتسبب فى حدوث أعمال سلبية مؤثرة ثقيلة الأصداء.
علينا أن نكون إنسانًا واحدًا فى مواجهة ما يمس وطننا العبقرى الحبيب، ونحن لا نكون هكذا البتة للأسف، ننقسم دومًا حتى حيال هذا الشأن الحساس، ومعنى الإنسان الواحد الذى أحب أن نكونه، أى العقل الواحد والوجدان الواحد، بكل شكل لا يفرق جمعنا ولا يبدد طاقتنا.
تزداد الأوضاع فى منطقتنا ترديًا، يحتاج منا هذا إلى تفكير طويل وحاسم فى كيفية النجاة من الانحدار، تريد دول أن نسقط بالفعل، روحها الاستعمارية القديمة ما زالت حية بظلال ألوانها السوداء، ولا تتمنى لبلدنا الحضارى الخالد أن يدوم صامدًا، تريد أن يستولى علينا الإحباط العظيم؛ ولذا تتعاون على إضعافنا، ومهما أظهرت أنها معنا فإنها ترتب لعداوتنا فى الخفاء.
إصلاح أحوالنا الداخلية، بصورة جادة وكاملة، يساعدنا تمامًا على الاتحاد، ويعيد الثقة إلى من فقدوا الثقة فى الإدارات الحكومية المتعاقبة وفى أنفسهم؛ ومن ثم يمنح الأمل فى الغد الجميل.
إن كانت الحدود حواجز رملية بين البلدان، يمكن اختراقها فى غفلة فادحة، فإنها لا بد أن تدعم حواجزها المادية بأخرى معنوية لا تسمح بالاختراق البتة، هكذا لو فهمنا معادلة إمدادها بالتحصين المكين.