وما زال الرئيس يحذّر
فى قراءة متأنية لحديث الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حفل تخريج دفعة من أكاديمية الشرطة يوم الأحد الماضى، نجد أن هناك عدة رسائل بالغة الأهمية يؤكدها. وهذه الرسائل كلها تجزم بأن المنطقة فى حالة خطر شديد، وأن الظروف الحالية بالغة القسوة بشكل لم يسبق له مثيل.
وهذا يؤكد أن على مصر توخى الحذر الشديد والحكمة فى كل ما تخطو من خطوات. وكما عودنا الرئيس السيسى فى حديثه أنه يخاطب المصريين بلغة واضحة وصريحة لا لبس فيها ولا اعوجاج، حتى يعلم الجميع كل الأمور ويتفهمونها. لقد تحدث الرئيس عن الأخطار التى تحيط بالمنطقة، خاصة مصر من الناحية الشرقية والغربية والجنوبية، ولذلك فإن سياسة القاهرة تتسم بالاعتدال والتوازن، كما يقول الرئيس، بما يحفظ أمن واستقرار الدولة المصرية، من خلال اتباع الحكمة والرشادة التى تعتبر المنهج السديد الذى تقوم به مصر منذ ثورة ٣٠ يونيو حتى الآن. وكم تحدثنا مرارًا وتكرارًا عن أن مصر دائمًا ما تتعرض إلى الأخطار، لكن هذه المرة الأمر مختلف كلية عما سبق. فجميع الحدود معرضة للخطر، وهذا يستوجب من المصريين أمرًا بالغ الأهمية، هو أن يتفهموا طبيعة الأخطار التى تحيط بنا من كل حدب وصوب.
وفى هذا وجه الرئيس حديثه مباشرة إلى جموع المصريين بأن يتكاتفوا ويتماسكوا وينأوا بأنفسهم عن كل الأكاذيب والشائعات التى تروجها جماعات كثيرة، بل دول من أجل إصابتهم باليأس والإحباط. هذا التحذير دائمًا ما يتناوله الرئيس السيسى بكل شفافية، ويطالب المصريين بأن يكونوا يدًا واحدة وعلى قلب رجل واحد، لا تحركهم شائعات ولا أكاذيب، ولا تصيبهم بيأس ولا إحباط. وطمأن الرئيس الجميع بأن مصر دولة قوية لا تؤثر فيها كل هذه الأمور قيد أنملة. طالما أن الجميع متحدون ومتمسكون بوطنيتهم، بعيدًا عن كل الأكاذيب والشائعات. ومن أجل هذا نجد أن مصر الدولة القوية سياستها متوازنة ومعتدلة، كما قال الرئيس بشكل لا يخطر على بال أحد، وهذا ما جعلها لا تقع فى كل الفخاخ المنصوبة، ولا تنزلق فى أمور تؤدى بها إلى ما لا تحمد عقباه.
ولم يكتف الرئيس السيسى بهذا فقط، بل إنه تحدث عن حالة الاضطراب التى تحدث فى المنطقة، بشكل يؤدى إلى كوارث خطيرة وعواقب وخيمة، وهذا ليس جديدًا على الرئيس، ومنذ ما يقرب من العام وهو يحذر من هذه العواقب الوخيمة التى تتعرض لها المنطقة. ودائمًا الرؤية المصرية، كما تحدثت بالأمس، هى الصائبة التى تحتكم إلى الحكمة والتعقل، وفيها النجاة لجميع الأطراف بلا استثناء. لكن مع الأسف الشديد لا نجد من يسمع أو يستجيب لها، سواء من الولايات المتحدة الأمريكية، أو من إسرائيل، أو من المجتمع الدولى الذى يتحدث بلغة وينفذ أخرى على أرض الواقع، وتلك هى الطامة الكبرى التى لا تحمد عقباها. الرؤية المصرية تتسم بالاعتدال والتوازن فى كل الأمور، ما يجعلها تتجنب الكثير من المخاطر التى وقع فيها العديد من الدول الآن، إضافة إلى وعى الشعب المصرى والتفافه حول قيادته السياسية فى أداء المهمة الوطنية، من أجل الحفاظ على الأمن القومى المصرى، واستقرار المنطقة وعودة الهدوء إليها مرة أخرى.
بل إن الرئيس أعلن صراحة عن أن المهمة والخطر واضحان أمام المفكرين والمثقفين ووسائل الإعلام. وفى هذا ما يدعو إلى ضرورة الوعى بكل هذه المخاطر، والتنبيه إليها بكل السبل والطرق، منها التصدى بكل قوة للأكاذيب والشائعات، خاصة أنها كثرت خلال الآونة الأخيرة بشكل لم يسبق له مثيل. وفى واقع الأمر فإن هؤلاء جميعًا عليهم مسئولية وطنية كبرى، هى التصدى لكل الشائعات والأكاذيب من أجل النهوض بوعى المواطنين إلى أكبر درجات الوعى، حتى يكونوا حائط صد لكل من يتقول، أو يثير فتنة، أو ينشر شائعة، أو ينادى بفكرة مغلوطة. فهذا هو دور كل من بيده التنوير من المثقفين والمفكرين ووسائل الإعلام المختلفة بكل أنواعها، مرئية ومسموعة ومقروءة. وأعتقد بهذا الشكل تكون رسائل الرئيس السيسى واضحة. وتؤكد مرارًا وتكرارًا أن الخطر قائم بالمنطقة، وأن آثاره فى حالة الانفجار لا تبقى ولا تذر، وستؤثر على الجميع. لكن من نعمة الله علينا أن القيادة السياسية المصرية تتمتع بحكمة ورشادة مع شعب يتصف بالوعى ويكتسى به. وبذلك نضمن تفويت الفرصة على جرجرة البلاد إلى ما لا تحمد نتائجه.