لبنانيون لـ«الدستور»: إيران لن تتحرك لنصرة حزب الله خوفًا من استهداف برنامجها النووى
رأى محللون سياسيون لبنانيون أن إيران تخلت عن حزب الله فى لحظاته الحرجة، مستبعدين أن تتحرك لنصرته بشكل مباشر، لأنها ستسعى للحفاظ على مصالحها فى ظل الظروف الحالية وحماية برنامجها النووى الوليد.
وقال عضو كتلة «المستقبل»، النائب اللبنانى السابق الدكتور محمد الحجار، إن هذا التصعيد كان متوقعًا فى ظل موقف دولى تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية وهو داعم لجرائم العدو الصهيونى ولوحشيته وتدميره لغزة على مدى عام.
وأوضح أن الولايات المتحدة تمد الاحتلال بالمال والسلاح والمعلومات الاستخباراتية والمعدات التكنولوجية الحديثة والمتطورة، مشيرًا إلى أن هذا الموقف كان ولا يزال يمنع مجلس الأمن الدولى ومعه المؤسسات الدولية المعنية من اتخاذ أى موقف يوقف المجازر التى يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين واللبنانيين.
وشدد أنه مع تدهور الأوضاع تدخل المنطقة ولبنان تحديدًا فى نفق معتم لا يمكن الآن تلمّس نهايته، ولكن على الأقل يجب القيام بواجب اللحظة، وهو إيواء أهلنا النازحين من الجنوب والبقاع والمناطق المستهدفة من هذا العدو.
وأكد أن فِعل هذا التضامن سيستمر وهو يترجم بدعوة جماعية لنبذ الفتن والتعبير عن أعلى درجات الوحدة الوطنية التى يسعى العدو إلى تفكيكها لتحقيق أهدافه العدوانية، قائلًا: «ننتظر من الإخوة فى الوطن العربى مد يد العون والمساعدة للدولة اللبنانية لتمكيننا من الصمود فى مواجهة كل ما يحصل».
من جهتها، قالت الدكتورة إيمان شويخ، الباحثة السياسية اللبنانية، إن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، يمثل ضربة كبيرة للحزب، وهو ما اعتبره رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو انتصارًا استراتيجيًا، مشيرة إلى أنه إذا ما تمكن الحزب من استيعاب هذه الخسارة وقبول التسويات، فقد نشهد تغييرًا فى كيفية إدارة المعركة، وفى حال استجاب للضغوط الداخلية والخارجية، فإن الفصل بين جبهتى غزة ولبنان قد يصبح واقعًا.
وتحدثت عن المساعى الجارية للتوصل إلى تسوية سياسية، مشيرة إلى زيارة وزير خارجية فرنسا إلى بيروت، وجهود رئيس الحكومة اللبنانية للضغط على حزب الله.
وأكدت أن هناك تسوية جاهزة منذ أشهر، يعمل عليها المبعوث الرئاسى الأمريكى، التى قد تقبلها معظم فصائل الحزب، ومع ذلك يبقى القلق من تعنت إسرائيل فى فرض شروط أعلى مما تم التفاوض عليه، ما قد يعقد الأمور.
وفيما يتعلق بموقف إيران، أوضحت أن العديد فى لبنان يعتبرون أن إيران تخلت عن حزب الله فى لحظاته الحرجة، لكنها استبعدت أن تتحرك إيران بشكل كبير، معتبرة أنها ستسعى للحفاظ على مصالحها فى ظل الظروف الحالية، مضيفة أن إيران تتفاوض مع القوى الغربية حول ملفها النووى، ما قد يجعلها أكثر حذرًا فى تصعيد الوضع.
وبينت أن الرد الإيرانى على الأحداث الأخيرة كان محدودًا، ما يشير إلى رغبتها فى عدم خروج المعركة عن نطاق السيطرة، وقد يكون ذلك مرتبطًا بالاتفاقات السابقة مع واشنطن بشأن إبقاء الصراع فى إطار محدود.
وأشارت إلى أن الوضع قد يشهد تغيرات كبيرة، ولكن يجب الحذر من أن «نتنياهو» قد يسعى لاستغلال الوضع لتحقيق مكاسب إضافية قبل الانتخابات الأمريكية، ورغم ذلك تظل هناك آمال فى الوصول إلى حل سلمى، خاصة بعد تغير هيكلية حزب الله.
وتابعت: «يبدو أن المشهد الإقليمى لا يزال فى حالة من الغموض، حيث تلعب التحولات السياسية والعسكرية دورًا حاسمًا فى تحديد مصير الصراع فى المنطقة».
وأشارت إلى أن حسن نصرالله قد نجح على مدار ثلاثة عقود فى تحويل حزب الله إلى قوة فاعلة لها تأثير كبير فى عدة صراعات، بدءًا من سوريا وصولًا إلى اليمن، ومع ذلك، يواجه الحزب ضغوطات شديدة، أبرزها العقوبات الأمريكية التى اعتبرته منظمة إرهابية، ومع كل ذلك، تمكن من تطوير قدراته العسكرية بفضل القيادة الفعالة لـ«نصر الله».
وتابعت «الآن مع تعيين هاشم صفى الدين المرتقب خلفًا لحسن نصرالله، تواجه قيادة الحزب تحديات جديدة. إذ يُعتقد أن صفى الدين قد يكون أكثر تشددًا، ما قد يؤثر على استراتيجية الحزب مستقبلًا. وفى ظل المخاوف من إمكانية اغتياله، قد يتعين على الحزب إعادة هيكلة نفسه وابتكار استراتيجيات جديدة».
وتساءلت عن مستقبل العلاقة بين حزب الله وإيران، مشيرة إلى أنه إذا كانت إيران تسعى لإنهاء دور الحزب فى المنطقة، فهذا قد يعنى تغيرًا جذريًا فى الاستراتيجية، لكن إذا كانت لا تزال تعول على دوره، فإنه سيكون من الضرورى دعم هذا الدور بوسائل سياسية وعسكرية، خاصة فى ظل التغيرات المتوقعة بعد وفاة «نصر الله».
وتابعت: «على الصعيد الداخلى، يظل لحزب الله جناح سياسى مؤثر داخل الحكومة والبرلمان، وقد كانت له اليد العليا فى تشكيل الحكومة والتأثير على قرارات الدولة، إلا أن الظروف الراهنة قد تؤدى إلى تغيرات فى التركيبة السياسية اللبنانية، خاصة مع وجود قوى معارضة، مثل قوى الرابع عشر من آذار، التى لطالما اتهمت الحزب بالسيطرة على الدولة».
وتوقعت أن التغيرات السياسية قد تؤدى إلى تغييرات جذرية فى الواقع اللبنانى، ما قد يزيد من التوترات الداخلية، منتقدة تدخل «نتنياهو» فى تحديد مستقبل لبنان، مشيرة إلى أنه قد يسعى لاستغلال الفرصة للضغط على حزب الله وإفشال أى تسويات سياسية قد تُنجز، وفى هذا السياق، قد يكون مصير لبنان شبيهًا بمصير غزة، خصوصًا مع بدء التحركات العسكرية الإسرائيلية فى الجنوب.
وأضافت: «تبقى الأمور مرهونة بما ستسفر عنه الأيام المقبلة، وما إذا كان الحل السياسى سيتمكن من وقف الدماء، أم أن التصعيد العسكرى سيستمر، ما قد يؤدى إلى فترات أطول من العنف وعدم الاستقرار».
وأشارت إلى أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى نوفمبر المقبل قد تلعب دورًا مهمًا فى تحديد مستقبل المنطقة. حيث تفضل الإدارتان الديمقراطية والجمهورية تجنب التصعيد فى الشرق الأوسط، وهو ما قد يؤثر على قرارات «نتنياهو» وأى تحركات عسكرية مستقبلية.
وتوقعت أن المشهد فى لبنان يتجه نحو مرحلة مفصلية قد تُعيد تشكيل ملامح السياسة الإقليمية، مع ضرورة مراقبة ردود الفعل على المستويات المحلية والدولية.
.. والاحتلال يواصل حشد قواته استعدادًا لبدء «الاجتياح البرى»
ألمح وزير الدفاع الإسرائيلى، يوآف جالانت، إلى شن عملية برية ضد «حزب الله» فى لبنان. ونقلت عدة وسائل إعلام إسرائيلية عن «جالانت»، الإثنين، قوله لقوات من سلاح المدرعات بالقرب من الحدود اللبنانية: «القضاء على أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، خطوة مهمة لكنها ليست النهاية. لإعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم، سنقوم بتفعيل كل قدراتنا، بما فى ذلك أنتم».
فيما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مصادر- وصفتها بالمطلعة- قولها إن «قوات إسرائيلية خاصة نفذت عمليات صغيرة ومحددة فى جنوب لبنان».
ولفتت المصادر إلى أن «العمليات الإسرائيلية فى جنوب لبنان تهدف لجمع معلومات استخباراتية استعدادًا لعملية برية».
وأضافت أن «العمليات الإسرائيلية فى جنوب لبنان شملت دخول أنفاق حزب الله الموجودة على الحدود».
ويواصل الجيش الإسرائيلى حشد قواته على طول حدود البلاد مع لبنان، استعدادًا لغزو محتمل، بينما يستعد لأى رد من «حزب الله» بعد «الهجوم الضخم» من الطائرات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية فى بيروت مساء الجمعة الماضى.
وأكدت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلى كلام «جالانت» مع سلاح المدرعات عند الحدود الشمالية، فى إشارة واضحة إلى أن إسرائيل فى طريقها إلى عملية برية فى جنوب لبنان.
من جهته، أكد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم أن عمليات الحزب استمرت بالوتيرة نفسها وأكثر، منذ مقتل الأمين العام للحزب، مضيفًا: «قواتنا مستعدة لأى توغل برى للجيش الإسرائيلى، وهى جاهزة للالتحام البرى معه».
وقال إن «(حزب الله) فقد أخًا عزيزًا وقائدًا»، مشددًا على أن «عناصر الحزب تابعوا عملهم حسب الخطط البديلة التى وضعها زعيم الحزب (نصر الله) بما فى ذلك للأفراد وللقادة البدائل»، مؤكدًا أن «الجميع حاضر فى الميدان».
وتابع: «رغم الاعتداءات على المدنيين ومحاولات الإرباك، فإننا لن نتزحزح قيد أنملة عن مواقفنا»، مضيفًا أن «الحزب سيستمر فى مساندة غزة وفلسطين».
وأشار إلى ضرب هدف على بعد ١٥٠ كيلومترًا من حدود لبنان، وضرب حيفا بصاروخ؛ لكنه قال إن العمليات مرتبطة بكيفية «إدارة المعركة».
واختتم: «ما نقوم به هو الحد الأدنى، بوصفه جزءًا من خطة متابعة المعركة، وما يتطلبه الميدان لمعركة قد تكون طويلة، والخيارات مفتوحة أمامنا».