رئاسة مجلس أمن إفريقيا
اليوم، الثلاثاء، الأول من أكتوبر، تتولى مصر رئاسة «مجلس السلم والأمن الإفريقى»، المختص بإدارة وتسوية النزاعات فى القارة السمراء، الذى بدأ ممارسة أنشطته، فى ٢٥ مايو ٢٠٠٤، عبر أربعة هياكل رئيسية: القوة الإفريقية الجاهزة، صندوق السلم، نظام الإنذار المبكر، وهيئة الحكماء. وبالتناوب، تتولى الدول الأعضاء رئاسة المجلس، لمدة شهر، وفقًا لترتيب الحروف الهجائية، الإنجليزية.
تأتى الرئاسة المصرية للمجلس، كما لعلك ترى، فى سياق إقليمى ودولى معقد، تتزايد فيه التحديات الأمنية، ما يتطلب تضافر الجهود والتشاور بشفافية، حول سبل مواجهة تلك التحديات، عبر مقاربة شاملة، لإرساء الاستقرار والأمن فى القارة الإفريقية وتحقق أهداف أجندة الاتحاد الإفريقى للتنمية ٢٠٦٣. ومن هذا المنطلق، وتأسيسًا على جهودها السابقة، ستعمل مصر خلال رئاستها المجلس على تعزيز دوره كجهاز معنى بصون السلم والأمن والاستقرار ومعالجة التحديات الأمنية والتنموية التى تشهدها قارة إفريقيا.
فكرة تأسيس «مجلس السلم والأمن الإفريقى»، تم استلهامها، أو اقتباسها، من مجلس الأمن الدولى، التابع للأمم المتحدة، مع اختلاف غير بسيط، هو أن الأول، الذى يضم أيضًا خمسة عشر عضوًا، لا يوجد به أعضاء دائمون مسيطرون، لهم حق الاعتراض أو «الفيتو»، بل يقوم المجلس التنفيذى للاتحاد الإفريقى بانتخاب كل أعضائه: خمسة كل ثلاث سنوات، وعشرة كل سنتين، بناء على عدة معايير، تراعى التوازن الإقليمى وامتلاك الإرادة السياسية والقدرة على المساهمة العسكرية. وفى فبراير الماضى، جرى انتخاب مصر لعضوية المجلس، لمدة سنتين، ممثلة لإقليم شمال إفريقيا، ما عكس ثقة دول الإقليم، وكل الدول الإفريقية الشقيقة، فى جهود مصر والتزامها بتعزيز السلم والأمن والاستقرار فى القارة السمراء.
المهم، هو أن الرئاسة المصرية للمجلس، بحسب الدكتور محمد جاد، سفيرنا لدى إثيوبيا، مندوبنا الدائم لدى الاتحاد الإفريقى، ستشهد تنظيم العديد من الفعاليات، بدايةً من قيام ممثلى الدول الأعضاء فى المجلس بزيارة القاهرة، لعقد لقاء تفاعلى مع وزير خارجيتنا، حول قضايا السلم والأمن فى القارة، ثم مشاورات مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، وزيارة «المركز المصرى للتدريب على عمليات حفظ السلام» التابع لوزارة الداخلية، إضافة إلى جلسة على مستوى المندوبين الدائمين حول الرابط بين السلم والأمن والتنمية، اتساقًا مع ريادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات.
تتطلع مصر، كما أكد رئيسها، مرارًا، إلى العمل مع جميع الأشقاء الأفارقة، فى ضوء التحديات العديدة التى تواجهها القارة، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، والتى تتطلب مواجهتها تضافر كل جهود دول القارة، وتفعيل آليات الاتحاد الإفريقى. وعليه، سيقوم «مجلس السلم والأمن الإفريقى» تحت الرئاسة المصرية، بزيارة إلى بورسودان، ستكون هى الأولى منذ اندلاع الأزمة السودانية، منتصف أبريل ٢٠٢٣، فى إطار حرص مصر على تعزيز التضامن مع الشعب السودانى ودعم مؤسسات دولته، وتهيئة المجلس والاتحاد الإفريقى لمتابعة الأوضاع على الأرض، وتحمل مسئولياتهما فى دفع جهود التوصل إلى حل سلمى للأزمة.
يتضمن برنامج الرئاسة المصرية، أيضًا، عقد المشاورات السنوية بين «مجلس السلم والأمن الإفريقى» و«مجلس الأمن»، والثلاثى الإفريقى بالمجلس الأخير، ولجنة الأمم المُتحدة لبناء السلام، كما سيتم عقد جلسة مشتركة بين مجلس السلم والأمن ولجنة المندوبين الدائمين الفرعية للإشراف العام وتنسيق الميزانية والشئون المالية والإدارية، التى ترأسها مصر، بهدف دراسة تمويل عمليات السلام الإفريقية. وكذلك جلسة حول تطورات الأوضاع فى الصومال وترتيبات ما بعد خروج بعثة الاتحاد الإفريقى الانتقالية بهدف دعم مؤسسات الدولة الصومالية فى مكافحة الإرهاب وبناء واستدامة السلام. إضافة إلى جلسات أخرى حول الوضع الإنسانى فى القارة، وقضايا المرأة والسلم والأمن وتغير المناخ، ومكافحة الإرهاب.
.. وأخيرًا، لا نعتقد أننا فى حاجة إلى تأكيد، أو إعادة تأكيد، أن الجهود، التى قامت بها دولة ٣٠ يونيو، ولا تزال، خلال رئاستها الأجهزة والكيانات التابعة للاتحاد الإفريقى، أو الاتحاد نفسه، كان هدفها الأساسى هو تحقيق تطلعات دول القارة السمراء وطموحات شعوبها، فى الاستقرار والتنمية والحياة الكريمة.