إرهابيون فوق القانون
سيطرة الدول الداعمة لإسرائيل على النظام العالمى القائم ومنظومة العدالة الدولية جعلت الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ترى نفسها فوق القانون، وفوق المساءلة، وطليقة اليدين فى ممارسة هذا التوحش، غير المسبوق، الذى نراه، منذ سنة تقريبًا، فى قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، والذى يهدف، إجمالًا، إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وتصفية قضيتهم، سواء بتدمير القطاع، الذى تحقق تقريبًا، أو بالسطو المسلح على ما تبقى من أراضى الضفة، بما فيها القدس الشرقية.
دول أوروبية عديدة تتشارك مع الولايات المتحدة فى تقديم الدعم العسكرى والمالى لدولة الاحتلال، وتوفير الغطاء السياسى للإرهاب الذى تمارسه حكومتها، سواء داخل الأرض المحتلة أو خارجها. ومع ذلك، أعرب جوزيب بوريل، مسئول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، أمس الأول الجمعة، عن أسفه لعدم وجود أى قوة قادرة على وقف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، فى غزة أو الضفة أو لبنان، متجاهلًا أن الأخير يمثِّل، أو يقود، شبكة من العصابات الإرهابية، يتزعم بعضها وزراء فى حكومته، وبعضها الآخر يتزعمه قادة ما يوصف بالحراك اليهودى القومى، وسبق أن أكد رونين بار، رئيس جهاز الأمن الداخلى الإسرائيلى، «الشاباك»، نفسه، أن «ظاهرة الإرهاب اليهودى تتسع بسبب عدم الخوف من العقاب وحصول المنفذين على دعم من وزراء فى الحكومة وأعضاء فى الكنيست».
لم تمتثل الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، ولن تمتثل، لمقررات الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى وميثاق الأمم المتحدة، وقواعد «لاهاى» الخاصة بقانون وأعراف الحرب والمبادئ التى تحكم مشروعية استخدام القوة. بينما لا يزال المجتمع الدولى مكتوف الأيدى أمام إرهابها المستمر، الذى أودى، إلى الآن، بحياة أكثر من ٥٠ ألف فلسطينى ولبنانى، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى عشرات الآلاف من المصابين. وصار واضحًا أن هناك ازدواجية فى معايير التعامل مع الحروب والنزاعات المسلحة، نسفت مصداقية قواعد وآليات عمل المنظومة الدولية الراهنة، خاصة «مجلس الأمن» الموكل إليه مسئولية منع وتسوية النزاعات ووقف الحروب والحفاظ على استقرار العالم.
الرفض المصرى الكامل لوجود دولة فوق القانون ولا تخضع للمساءلة، أكده الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير خارجيتنا، مساء الجمعة، فى مؤتمر صحفى مشترك لأعضاء اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن فلسطين، على هامش جلسة طارئة عقدها «مجلس الأمن». وعلى ضوء تصعيد العدوان الإسرائيلى على لبنان واستمرار العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية، كررت مصر، بلسان وزير خارجيتها، التأكيد على ضرورة اضطلاع «مجلس الأمن» بمسئولياته واتخاذ الإجراءات اللازمة للوقف الفورى والشامل والدائم لإطلاق النار فى غزة ولبنان، وتجنيب المنطقة الانزلاق إلى حرب إقليمية مفتوحة.
فى الجلسة الطارئة التى عقدها «مجلس الأمن» بشأن الوضع فى فلسطين، ندّد وزير خارجيتنا بإمعان إسرائيل فى توسيع رقعة الصراع، وأدان عدوانها على لبنان، وقال، بمنتهى الوضوح، إن عليها، مثلها مثل باقى الدول، الالتزام بتنفيذ كل قرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية الصادرة منذ بداية الأزمة، وكذلك أحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى. وطالب الجميع بأن يعلنوا بوضوح عن رفضهم للمُبررات الواهية لاستمرار الحرب الحالية، أو الادعاءات الجوفاء التى تُكررها سلطة الاحتلال عن الإجراءات التى اتخذتها للتخفيف من وطأة التداعيات الإنسانية، والتى ثبُت مرارًا عدم مصداقيتها، و... و... وشدد على أن مجلس الأمن قادر على إحداث تغيير على الأرض إذا خلصت النوايا.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مسئول الشئون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، المنتهية ولايته، زعم أن الاتحاد «مارس كل الضغوط الدبلوماسية لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة»، ودعا إلى تنويع الجهود والضغوط، بعيدًا عن الولايات المتحدة، موضحًا أنه لا يراها على استعداد لبدء عملية تفاوضية جديدة يمكن أن تؤدى إلى كامب ديفيد أخرى. فى إشارة إلى المفاوضات، التى جرت، سنة ٢٠٠٠، وسعى فيها الرئيس الأمريكى الأسبق، بيل كلينتون، دون جدوى، إلى التوسط فى اتفاق ينهى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى.