مواهب ذوى الهمم فى «بكرة أحلى بينا»
إن متابعة التطور الذى يحدث فى أحوال الأطفال والنشء من ذوى الهمم، خلال السنوات العشر الأخيرة، تجعلنى أتفاءل بمستقبل أفضل لهم وأسرهم، وتجعلنى بشكل خاص أتوقف عند أمرين:
- أولهما أن الاهتمام الذى أبداه الرئيس عبدالفتاح السيسى بتحسين أحوالهم ودعمهم، وتوجيهه الدولة إلى تخصيص دعم مادى لهم والاهتمام بهم ودمجهم فى المجتمع، قد أسفر عن الاهتمام بتقديم منح مالية لهم، وخدمات عديدة تقدم لهم من وزارة التضامن الاجتماعى، واهتمام بهم أيضًا من المجتمع المدنى وجهات معنية فى الدولة.
- الأمر الثانى هو الاهتمام بإقامة أنشطة وفعاليات عديدة لهم، وانطلاقًا من هذا الاهتمام والدعم نجد أننا نشهد تطورًا فى أحوالهم وتفتحًا لقدراتهم المختلفة، وبشكل خاص تفتح وتطور مواهبهم الفنية، وأبلغ دليل على تفتح مواهبهم الفنية والحياتية ما شاهدناه مؤخرًا منذ بضعة أيام فى ملتقى «أولادنا»، حيث تجىء رعاية الرئيس لملتقى «أولادنا» لفنون ذوى القدرات الخاصة دليلًا على اهتمام الرئيس برعاية مواهب ذوى القدرات الخاصة وأهمية دمجهم فى المجتمع.
وانطلاقًا من اهتمامى بمتابعة أحوال ذوى القدرات الخاصة فلقد حرصت على تلبية دعوة جميلة للافتتاح، ومتابعة ورش عمل وسوق لمصنوعات يدوية للأطفال والشباب والنشء من ذوى القدرات الخاصة، الذين تتولى رعايتهم وتدريبهم مؤسسة «أولادنا» برئاسة سهير عبدالقادر، وبشكل عام فإن ذوى الاحتياجات الخاصة عددهم كبير، وهم يشكلون حتى الآن نسبة ١٥ فى المائة من تعداد سكان مصر، حيث يبلغ عددهم ١٢ مليون شخص من إجمالى السكان، أما على المستوى العالمى فعددهم كبير أيضًا، حيث يعيش مليار شخص فى العالم أو ما يقرب من ١٥ فى المائة من عدد سكان العالم مع شكل من أشكال الإعاقة، وتتواجد نسبة ٨٠ فى المائة منهم فى البلدان النامية.
وفى الدورة الثامنة لملتقى «أولادنا» الدولى تألقت فى حفل الافتتاح مواهبهم بالغناء والمشاركة فى التابلوهات الفنية المبهجة، التى تطوع بالمشاركة فيها بعض الفنانين المصريين، كما قدمت بعض الفرق العالمية تابلوهات فنية شارك فيها فنانون من ذوى الإعاقات المختلفة.
وجاء شعار حفل الافتتاح «بكرة أحلى بينا» فى تقديرى انعكاسًا لحالة من التفاؤل التى يعيشها الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة، وليؤكد بشكل خاص فكرة الأمل فى غدٍ أفضل لهم فى مصر، خاصة فى ظل دعم القيادة السياسية لهم، وشاركت فى إقامة الملتقى الدولى مؤسسة الفنون الأفروصينية، برئاسة هانى يان، الذى حرص على حضور الافتتاح، كما شاركت وفود من ٥٠ دولة، وكان فى مقدمة حضور الافتتاح د. أحمد هنو، وزير الثقافة، الذى قال فى كلمته خلال افتتاح الملتقى: «إن كلماتى تعجز عن وصف شعورى الرائع وأنا وسط أولادنا من المبدعين ذوى الهمم، فمواهبهم وإبداعاتهم جديرة بأن تلامس أعماق الروح وقادرة على أن تلهمنا جميعًا».
واستهلت فعاليات الحفل بالسلام الوطنى، وتضمن الحفل تقديم أعضاء لجان التحكيم، كما عُرض بالحفل فيلم افتتاح الملتقى، وهو فيلم رسوم متحركة مبهجة ومتميزة بعنوان «إيسو»، فكرة وإنتاج ريم حمودة، ويقدم الفيلم ظاهرة «التنمر»، وهو دعوة للحب والخير والسلام بين أفراد المجتمع، كما يقدم الفيلم رسالة مهمة بشكل جذاب للأطفال، وهى انتقاد التنمر «ضد ذوى الاحتياجات الخاصة» مصحوبًا بالدعوة لدمجهم فى المجتمع، وأتمنى ضرورة عرضه على القنوات الفضائية ليشاهده أكبر عدد من أفراد المجتمع.
كما تضمن الحفل مجموعة متنوعة من الفقرات الإبداعية، تمثلت فى فقرة غنائية «بكرة أحلى بينا»، غناء الفنانة نيفين رجب والفنان طارق صبرى، كلمات الشاعر عبدالله حسن، وألحان شريف حمدان، بالاشتراك مع أولادنا: أميرة وجنا وفيفيان وخالد. وكذلك استعراضات «ألف ليلة وليلة»، أداء الفنانة رانيا فريد شوقى والفنان طارق صبرى والفنان ميدو عادل، كما شارك الفنان حجاج عبدالعظيم بالاشتراك مع أولادنا.
واختتم الحفل بفقرة غنائية بعنوان «هنا مصر»، كلمات الشاعر عبدالله حسن، ألحان الموسيقار شريف حمدان، غناء الفنانة القديرة صفاء أبوالسعود، بمشاركة عدد من أولادنا، وأخرج الحفل أحمد فؤاد. كما شهد الحفل د. إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، والسفير نبيل حبشى، نائب وزير الخارجية لشئون الهجرة، ويمنى البحار، نائب وزير الشباب والرياضة، ود. مارجريت صاروفيم، نائب وزيرة التضامن الاجتماعى، ود. لمياء زايد، رئيسة دار الأوبرا المصرية، والإعلامية سناء منصور، والفنان التشكيلى أشرف رضا، نائب رئيس مؤسسة «أولادنا».
وأقيم الحفل على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، كما قام بتصميم أزياء الفنانات مصمم الأزياء المصرى هانى البحيرى، وقامت بتصميم أزياء استعراضات «أولادنا»، واستعراض «ألف ليلة وليلة» مصممة الأزياء إيمان النشرتى، كما قام وزير الثقافة بتكريم مجموعة من الفنانين وأصحاب البصمة المتميزة فى مجال ذوى القدرات الخاصة والخدمة المجتمعية، حيث اشتملت قائمة المكرمين على أسرة مسلسل «حالة خاصة»، والدكتورة نوال الدجوى، والناشطة أبرار من السعودية، واسم الشيخ سلطان القاسمى، وناشط من اليمن، وناشط من جنوب إفريقيا.
وقالت سهير عبدالقادر، رئيسة ومؤسسة ملتقى «أولادنا»، إنه على مدار ٨ سنوات من فعاليات الملتقى أصبح خلالها بمثابة رحلة من الإبداع والتحدى الحقيقى، ومنصة رائدة تجمع بين المواهب والإبداعات الشابة من مختلف الأرجاء، وجسد خلالها الكثير من رسائل الإنسانية والسلام لمختلف أنحاء العالم، فأثمر هذا الملتقى عن نتائج مبهرة فى دعم وتنمية قدرات أولادنا من ذوى الهمم وإدماجهم فى المجتمع بشكل طبيعى، بما يمتلكونه من مواهب متميزة فى مجالات الثقافة والفنون، ما أسهم فى تعزيز ثقافة الابتكار.
ووجهت سهير عبدالقادر الشكر لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، على دعمه ورعايته الكبيرة لقضايا ذوى الهمم، وأكدت أن الأطفال يتمنون أن يقوم بتشريف الملتقى بافتتاح فخامته الدورة المقبلة للملتقى، قائلة: حضور فخامتكم سيكون دافعًا قويًا لهؤلاء الشباب ويجسد المزيد من دعم الدولة المستمر لهم.
وفى تقديرى أن الملتقى، الذى اختتم، أمس مساءً، فعاليات دورته الثامنة إنما هو انعكاس واضح يؤكد أن الاهتمام برعاية مواهب ذوى القدرات الخاصة يثمر بلا شك تطورًا لافتًا للنظر فى قدرات ومواهب الأطفال والنشء الفنية والحياتية، ما يؤكد أن الاهتمام بهم وبرعاية مواهبهم يثمر تطويرًا كبيرًا فى حالتهم المعنوية، وأيضًا قدرتهم على العمل والإنتاج والحصول على دخل مادى مناسب، وينمى شخصياتهم بشكل واضح، حيث قدموا منتجات يدوية ومشغولات متطورة فى السوق المصاحبة لفعاليات الملتقى. وهنا أتوقف للإشادة بكل المشاركين فى إنجاح هذا الملتقى فى دورته الثامنة، وفى مقدمتهم الأطفال والنشء، الذين اجتهدوا فى تقديم الفنون بشكل متميز، ومؤسسة ورئيسة الملتقى سهير عبدالقادر، وجميع المتطوعين من المشاركين والعاملين والفنانين الذين أسهموا فى إنجاح الدورة الثامنة للملتقى.
وفى رأيى أن الالتقاء والاهتمام ودعم ورعاية ذوى القدرات الخاصة هى سعادة فى حد ذاتها، فهم يمتلكون قلوبًا صافية كقلوب الملائكة، فلقد ذهبت إلى الملتقى لدعم الأطفال والنشء ذوى الهمم، ولتشجيعهم، ودعم من يتطوعون لرعايتهم ومساعدتهم، فإذا بى أشعر بسعادة تدخل قلبى بابتسامة واحدة أو بحوار صغير مع أى شخص منهم، ومن المؤكد أن من يعطيهم بعض الاهتمام يجد نفسه يستمد الإلهام والقدرة على تخطى الصعاب والمحن منهم، ويشعر بالرضا والتفاؤل بالحياة منهم، فإن ابتسامة واحدة فقط منهم تمنحنا حالة خاصة جدًا من الأمل فى أن «بكرة أحلى بينا كلنا معًا».