رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحالف حل الدولتين

تحالف دولى لتنفيذ حل الدولتين، أطلقته دول عربية وإسلامية وأوروبية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى والاتحاد الأوروبى، أمس الأول، الخميس، خلال اجتماع عنوانه «الوضع فى غزة وتنفيذ حل الدولتين كطريق إلى سلام عادل وشامل»، عقده وزراء خارجية تلك الدول، فى نيويورك، على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، حقٌ أصيل وأساسى للشعب الفلسطينى الشقيق. ومن واقع مسئوليتها التاريخية، والتزامها الدائم بالشرعية الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، أكدت الدولة المصرية، فى سياقات ومناسبات مختلفة، دعمها غير المحدود للشعب الفلسطينى فى الدفاع عن قضيته، باعتبارها القضية الأولى والمركزية للأمة العربية، وشدّدت، ولا تزال، على أن الاستقرار الإقليمى فى الشرق الأوسط لن يتحقق إلا من خلال تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.

مع تجديد رفض مصر أى ممارسات تستهدف الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية، ومع تكرار تحذيرها من اتساع دائرة الصراع وانزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية، شدّد الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير خارجيتنا، على ضرورة تنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، أيضًا، خلال اجتماع عقدته «اللجنة العربية الإسلامية»، الأربعاء الماضى، مع أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة.

من هذا المنطلق، شاركت مصر فى تأسيس وإطلاق «التحالف الدولى لتنفيذ حل الدولتين»، وخلال اجتماع الخميس أكد وزير خارجيتنا أن الأزمة الحالية ليست نتاج ما حدث فى ٧ أكتوبر الماضى، بل نتيجة سنوات طويلة من الممارسات الإسرائيلية لتكريس احتلال غير شرعى، وسلب الأراضى من أصحابها، وفرض واقع ديموغرافى جديد، مشدّدًا على أن ذلك يستدعى تلبية طموحات الشعب الفلسطينى وتطلعاته، وأبرزها حقه فى التحرر من الاحتلال وإقامة دولته المستقلة والمُتصلة جغرافيًا والقابلة للحياة على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، اتساقًا مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولى ومبادرة السلام العربية. ومجددًا، أكد الدكتور عبدالعاطى ضرورة اضطلاع المجتمع الدولى بمسئولياته وسرعة التحرك على صعيد تنفيذ حل الدولتين وتحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط.

استنادًا إلى «قرارات القمم العربية، وقوة الشرعية الدولية التى تجسدها قرارات الأمم المتحدة منذ عام ١٩٤٧»، انطلقت وثيقة الإعلان عن «قيام دولة فلسطين»، التى كتبها الشاعر محمود درويش، وقرأها ياسر عرفات، فى ١٥ نوفمبر ١٩٨٨، أمام الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطنى الفلسطينى. ومنذ تأسيسها سنة ١٩٩٤، بموجب اتفاقات أوسلو، تتفاوض السلطة الفلسطينية على إقامة دولة مستقلة على ٢٢٪ فقط من مساحة فلسطين التاريخية، أى نصف المساحة تقريبًا التى حددها قرار التقسيم، الصادر عن الأمم المتحدة سنة ١٩٤٧. ولعلك تعرف أن هناك، الآن، محاولات لجعل تلك المساحة أقل، أو محوها بالكامل وتصفية القضية الفلسطينية، بمخطط يستهدف تهجير سكان غزة من أرضهم، وعبر سياسات طاردة لسكان الضفة الغربية، تبدأ بالهدم والاقتحامات العسكرية، ولا تنتهى بإطلاق العنان لعنف المستوطنين.

فى مواجهة هذه السياسات وذلك المخطط، جدّد وزير خارجيتنا، خلال اجتماع اللجنة الوزارية لدول «حركة عدم الانحياز» بشأن فلسطين، تأكيد رفض مصر الكامل أى محاولات إسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية، مشدّدًا على ضرورة توحيد رسالة دول الحركة للمجتمع الدولى، لإبراز أن معاناة الشعب الفلسطينى فى كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، على مدار العقود الماضية، لن تتوقف سوى بالاعتراف بدولة فلسطين، ومنحها العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، والعمل على تنفيذ حل الدولتين.

.. وتبقى الإشارة إلى أن «التحالف الدولى لتنفيذ حل الدولتين» سيعقد اجتماعه الأول قريبًا، فى المملكة العربية السعودية، ونتمنى أن نشهد خلاله، أو قبل عقده، تحركًا جماعيًا قويًا من الدول الأعضاء لاتخاذ خطوات عملية، حقيقية، وذات أثر ملموس، لوقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، ودعم السلطة الفلسطينية ومساعدتها فى تطوير عمل مؤسساتها الوطنية، وبناء قدراتها، واستكمال مقومات الدولة الفلسطينية المستقلة، المُتصلة جغرافيًا، والقابلة للحياة.