فشل جديد لمجلس الأمن
تطورات الأزمة اللبنانية، ناقشها «مجلس الأمن» فى جلسة طارئة عقدها أمس الأول، الأربعاء، أرجع فيها الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير خارجيتنا، المأساة التى يعيشها لبنان، الآن، إلى عجز هذا المجلس المخزى عن الاضطلاع بمسئوليته لوقف الحرب الدائرة فى قطاع غزة، مذكرًا بأن مصر حذرت، مرارًا، من أن استمرار هذه الحرب، ينذر باتساعها إلى ساحات إقليمية أخرى، ويهدد السلم والأمن الدوليين.
الدول المشاركة فى الجلسة الطارئة دعت أطراف النزاع، ومن يدعمونهم، إلى وقف التصعيد وتجنب اندلاع «حريق إقليمى» سيكون مدمرًا للجميع. وفى كلمته الافتتاحية، أكد أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أن «الجحيم بدأ يندلع فى لبنان»، لافتًا إلى أن الغارات الإسرائيلية قتلت مئات المدنيين والأطفال. كما أشار، فى الوقت نفسه، إلى أن إسرائيل تعانى أيضًا «من الاعتداءات المتكررة لحزب الله»، ودعا إلى ضرورة «تجنب الحرب الشاملة بأى ثمن»، وألا يتحول لبنان إلى غزة أخرى.
غدًا أو بعد غد، أو خلال أيام قليلة، يتوجه جان نويل بارو، وزير الخارجية الفرنسى، إلى العاصمة اللبنانية بيروت، «لمنح الدبلوماسية فرصة للنجاح وتجنب مزيد من التصعيد عبر الحدود» اللبنانية الإسرائيلية. وفى كلمته أمام مجلس الأمن، قال إن «الوضع فى لبنان قد يصل إلى نقطة اللا عودة»، وأعرب عن تضامن بلاده مع «المدنيين اللبنانيين الذين يتعرضون للضربات الإسرائيلية». كما أكد وزير الخارجية الفرنسى أن «الحرب بين إسرائيل وحزب الله ليست حتمية»، مشيرًا إلى وجود خطة، أو مبادرة، فرنسية أمريكية، سيتم الإعلان عنها قريبًا، تهدف إلى وقف إطلاق النار فى لبنان، لمدة ٢١ يومًا.
الخطة أو المبادرة الفرنسية الأمريكية كانت تستهدف إصدار قرار أممى يضع آلية تنفيذية جديدة لقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١، الصادر فى ١٢ أغسطس ٢٠٠٦، الذى أوقف العدوان الإسرائيلى على لبنان، وأرسى وضعًا قانونيًا على الحدود، انتهكته دولة الاحتلال مئات المرات، حسب ٥٢ تقريرًا للأمم المتحدة. غير أن عدم قبول «حزب الله» وإسرائيل هذه الخطة، دفع فرنسا والولايات المتحدة إلى طرح خطة بديلة، تقضى بوقف مؤقت لإطلاق النار لمدة ثلاثة أسابيع، تتخللها عملية تفاوض، للتوصل إلى اتفاق بين «حزب الله» وإسرائيل، يقوم بها أموس هوكستين، المبعوث الأمريكى إلى لبنان.
مشدّدًا على ضرورة «الخروج من دائرة الهدن المؤقتة، التى لا تلبث أن تنهار»، طالب وزير خارجيتنا، بأن يتم الوقف الفورى وغير المشروط للانتهاكات المستمرة لسيادة الأراضى والأجواء اللبنانية، وأكد أن عودة الاستقرار الكامل للمنطقة مرهون أساسًا بوقف إراقة الدماء، المستمرة منذ سنة، فى قطاع غزة، واضعًا المجتمع الدولى أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الوقف الشامل لكل أشكال القتال فى كل الساحات، أو المزيد من الانهيارات وتوسيع مضطرد للصراع فى منطقة لم تعد تحتمل المزيد من الدمار.
ما يحدث الآن فى لبنان، بوصف وزير خارجيتنا، هو عدوان مكتمل الأركان، وانتهاك صارخ لسيادة دولة، هى عضو مؤسس للأمم المتحدة، أزهق أرواح المئات وتسبب فى إصابة الآلاف، وفرض نزوحًا قسريًا على عشرات الآلاف من المواطنين اللبنانيين، فى إهدار كامل لميثاق الأمم المتحدة وبالمخالفة لأحكام القانون الدولى والإنسانى. وشدّد الدكتور عبدالعاطى على ضرورة التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١، بشكل شامل وغير انتقائى، وبدون تمييز، واختتم كلمته بالتشديد على ضرورة أن يضطلع مجلس الأمن بمسئولياته وأن يضع حدًا للكارثة غير المبررة وغير المقبولة التى يعيشها لبنان.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الخطة، أو المبادرة، الفرنسية الأمريكية، جاءت بعد لقاء ثنائى بين الرئيس الأمريكى جو بايدن ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، انتهى ببيان مشترك دعا «إلى موافقة واسعة النطاق، ودعم فورى من حكومتى إسرائيل ولبنان»، لمنع حرب أوسع نطاقًا. ونقل موقع «بوليتيكو»، عن مسئولين أمريكيين أن هدف الولايات المتحدة، الآن، هو ردع إيران عن التدخل لدعم «حزب الله»، ومنع الغزو البرى الإسرائيلى للبنان!