هل يفرِّق الإلحاد بين الرجل وزوجته؟.. علماء الدين يجيبون
أثارت قضية الإلحاد حالة من الخوف والقلق بين أفراد المجتمع، خلال الفترة الأخيرة، ما جعل العديد من الأشخاص يتساءلون عن هل يفرق هذا الأمر بين الرجل وزوجته؟ ولذلك تواصلت "الدستور" مع عدد من علماء الدين للوقوف على الجواب الصحيح ورأى الدين فى هذه المسألة، حيث تعد قضية الإلحاد من القضايا الشائكة فى المجتمع المصرى.
هل يحرم الزواج من ملحد؟
الدكتور بدرى المدانى الباحث فى الفكر الإسلامى، يقول في تصريح خاص لـ"الدستور"، إن انعكاسات الإلحاد خطيرة جدًا بدءًا من فساد العقائد وصولًا إلى انخرام الحياة الاجتماعية وتحطيم نظام الأسرة، فالزواج هو لبنة المنظومة العائلية ولا يمكن لهذه اللبنة الاستقامة والتأسيس طالما دخل الإلحاد والكفر بين طرفي المعادلة، فالمعلوم أنّ المسلم يحرم عليه أن يتزوّج من مشركة لا كتاب لها من الكفّار، وكذلك المسلمة يحرم عليها الزواج من ملحد ووجب الفصل بينهما في حالة زواجها منه وهو على الإسلام ثمّ غيّر عقيدته في اتجاه الإلحاد باتفاق الفقهاء لقول الله تعالى: "وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ"، والملحدة التي لا تدين بدين سماوي كالمشركة في ذلك.
الإلحاد يؤدى إلى انهيار الأسرة
وفي السياق، قال الدكتور أحمد الطرهونى، من علماء الأزهر الشريف، إن قضية الإلحاد مسألة كبيرة ومقلقة جدًا، خاصة أن هناك من يكون مسلمًا ثم يصبح ملحدًا، وهذا من الممكن أن يؤدى إلى انهيار الأسرة والبيت المسلم، فهذا الملحد لا يؤمن بأى دين، وإذا كان هذا الرجل لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرم ما حرم الله ورسوله، ولا يدين دين الحق، وكان عاقلًا مختارًا فإنه يعتبر مرتدًا شرعًا باتفاق أهل العلم، والنكاح الذي بينه وبين زوجته قد انفسخ فلا يحل لها تمكينه من نفسها، ويجب عليها بذل الحيلة في مفارقته.
وأضاف الطرهونى في تصريح خاص لـ"الدستور": "ولو لم يكن بإمكانها فعل ذلك إلا بالهروب منه والعودة إلى أهلها فلتفعل، فإن لم يتحقق ذلك فيمكن اللجوء إلى القاضي الشرعي، ثم إنه لا حق لهذا الرجل في حضانة من هو في سن الحضانة من هؤلاء الأولاد لأن في ذلك خطرًا على عقيدتهم وأخلاقهم، فلا يجوز أن يمكن من حضانتهم".
الإلحاد يفرق بين الرجل وزوجته
وقال عبدالباسط هارون من علماء الأزهر الشريف، إن الإنسان الملحد الذى لا يؤمن بأى دين، لا تجوز مصادقته ولا مودته ولا موالاته وإن كان من ذوي الأرحام، فقد قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" {التوبة:23}، وقال أيضًا: "وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" {المائدة:51}، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" {المائدة:57}، وقال أيضًا: "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ" {المجادلة:22}، وقال تعالى: "وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ" {هود:113}، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ" {التوبة:73}.
وتابع "هارون" أن الإلحاد سبب رئيسى فى التفريق بين الرجل وزوجته، لأن هذا الملحد لا يؤمن بالإسلام فكيف سيصون زوجته أو يخاف عليها أو يحميها من الآخرين، فلذلك وجبت التفرقة بينهما ما دام ترك دين الإسلام، وإذا تاب وأناب ورجع عن فعلته هذه واستغفر الله والتزم بدين الإسلام تعود إليه زوجته كأن شيئًا لم يكن.