عام دراسى مبشر
كتبت من قبل عشرات المقالات عن الفوضى التى تسود العملية التعليمية، وضرورة القيام بمهمة وطنية صعبة للنهوض بالتعليم.. لكننى هذه المرة أتحدث بمنطق آخر هو أن البداية الحقيقية لانتشال التعليم من حالة الخراب التى حلّت به قد بدأت بالفعل على يد محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم، ومن الضرورى أن نعطى الفرصة للرجل لنرى ماذا سيفعل فى هذا الملف الشائك الذى يؤرق بالفعل المصريين والدولة على حد سواء.
مع بداية العام الدراسى وقبله وجدنا عدة قرارات صدرت عن الوزير بهدف ضبط العملية التعليمية. فقد رأينا أمرًا مهمًا لم نشهده منذ زمن طويل، وهو حالة انضباط شديدة بدأت تدب داخل المدارس، لدرجة أنه لفت نظرى إحدى المدارس الصناعية تبدأ العام الدراسى بجدية وحسم لم نره منذ سنوات عديدة. هذا يعنى أن الانضباط يسود فى المدارس، وكلنا يعلم أن هذه المدارس لا ينتظم بداخلها الطلاب على الإطلاق سواء فى بداية الدراسة أو حتى آخرها. وتعانى البلاد من هذا التعليم معاناة شديدة. والسؤال الذى يطرح نفسه: هل فعلًا البداية الحقيقية هى عودة الانضباط إلى المدرسة؟. الإجابة بكل تأكيد نعم، فعودة الانضباط إلى المدارس هى البداية لتعليم صحيح.
ولفت انتباهى أمر بالغ الأهمية قام به الوزير، وهو التخفيف من تكدس الفصول من خلال عودة الفترة المسائية لعدد كبير من المدارس، ما يعنى أن هناك إصرارًا شديدًا على قيام الوزارة بعملية انضباط حقيقية داخل الفصول، لأنه منذ غير المقبول أو المعقول أن يقوم المدرس بأداء رسالته داخل فصل تزداد كثافته على ١٠٠ تلميذ.
أعاد الوزير أيضًا الكتاب الورقى المدرسى. وهذا فى حد ذاته خطوة مهمة جدًا تتصدى للكتاب الخارجى، بل صدرت تعليمات واضحة وصريحة إلى المديريات التعليمية بوضع كل الامتحانات، سواء الشهرية أو آخر العام، من الكتاب المدرسى. وبالتالى هناك ضربة قوية إلى الكتاب الخارجى الذى كان يؤثر تأثيرًا سلبيًا على أداء المعلمين فى المدارس. كما تم تعيين ٣٠ ألف معلم خلال الفترة الماضية. إضافة إلى أن الوزير أصدر قرارات أخرى بتعيين عدد ليس بقليل من الحاصلين على مؤهلات عليا فى تخصصات مختلفة من الإداريين بشرط الحصول على مؤهل تربوى. والوزير بهذا يتعامل مع أرض الواقع بما هو متاح ولا يضع يده على خده حتى تتم الاعتمادات لتعيين المعلمين. كل هذه خطوات مهمة تعنى أن هناك أملًا فى إحداث التغيير المطلوب، سواء فى المناهج التعليمية أو فى أداء المعلمين أو فى عملية الانضباط الحقيقى لانتظام المدارس. وهناك أمر آخر بالغ الأهمية انتبه إليه الوزير، وهو تحديد المواد الدراسية، خاصة فى الثانوية العامة، فقد تم إلغاء بعض المواد بما لا يؤثر على العملية التعليمية، بشكل يتسبب فى تقليل التحصيل الدراسى وخلافه. وهناك تعليمات مشددة إلى كل مدارس الجمهورية بلا استثناء باحتساب نسبة حضور واختبارات دورية ٤٠٪ من الامتحانات، ما يعنى أن هناك ضرورة ملحة لانتظام الطلاب داخل الفصول. وهذا فى حد ذاته يعد معولًا مهمًا لضبط العملية التعليمية. ورغم أن المدة الزمنية التى تقلّد فيها الوزير منصبه قليلة حتى الآن، إلا أن هذا يعنى وجود خطة محكمة يعتزم الوزير تطبيقها لعودة العملية التعليمية إلى سابق طبيعتها. وبالتالى لا بد ألا نستعجل الحكم على الوزير حتى يتم كل ما يريد. وأعتقد أن الوزير من خلال خبرته فى إدارة المدارس يعلم كل الخبايا التى تعرقل المعلمين، إضافة إلى المشاكل الحياتية اليومية داخل المدارس. وبالتالى هذا يبشر بخير، ولذلك مع بداية عودة الدراسة فإن لدىّ أملًا كبيرًا فى أن يحدث التغيير المطلوب وسيكون سريعًا.