مصر.. إريتريا والصومال
لقاء ثلاثى مشترك جمع وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا، فى نيويورك، أمس الأول الإثنين، على هامش مشاركتهم فى أعمال الشق رفيع المستوى للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وفى اليوم نفسه، وصلت إلى العاصمة الصومالية مقديشو شحنة من المساعدات العسكرية المصرية للجيش الصومالى، دعمًا وبناءً لقدراته فى مواجهة الإرهاب، وتعزيزًا لجهود دولة الصومال الشقيقة فى الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، بموجب بروتوكول التعاون العسكرى الموقّع بين البلدين.
الدعم المصرى للصومال ووحدته وسيطرته على جميع أراضيه كان أيضًا أحد محاور كلمة مصر فى اجتماع وزراء خارجية دول عدم الانحياز. وكان، كذلك، من بين الملفات التى ناقشها وزير خارجيتنا خلال اجتماعه مع فيليمون يانج، رئيس الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذى تناول أبرز التطورات الإقليمية، وفى مقدمتها العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، والأوضاع فى ليبيا وسوريا واليمن والقرن الإفريقى، إضافة إلى عددٍ من الموضوعات ذات الأولوية لدى مصر، مثل إصلاح مجلس الأمن، وعمليات حفظ وبناء السلام، وسبل تقديم الدعم للدول النامية.
التطورات الإيجابية التى شهدتها دولة الصومال، خلال الفترة الأخيرة، سياسيًا واقتصاديًا وعلى صعيد مكافحة الإرهاب، تُوجب على كل الدول العربية والإفريقية دعم جهود الدولة الشقيقة فى الحفاظ على سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، خاصة بعد «مذكرة التفاهم»، غير القانونية، التى وقّعتها الحكومة الإثيوبية مع ولاية «أرض الصومال» الانفصالية، التى تمنح إثيوبيا ميناءً بحريًا وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر، مقابل اعترافها بانفصال هذه الولاية، التى تعد جزءًا من الدولة الصومالية.
إلى الآن، لم تتراجع الحكومة الإثيوبية عن هذه الخطوة، التى انتهكت سيادة الصومال، ولم تحترم القانون الدولى ومبادئ الاتحاد الإفريقى. كما لم تستجب لكل نداءات الوساطة، الإفريقية، العربية والدولية. بالضبط، كما فعلت، ولا تزال، فى قضية ذلك السد، الذى تبنيه على النيل الأزرق، أو بشأن مجمل ممارساتها العدائية التى قد تؤدى إلى مواجهات عسكرية تهدد مصالح دول القارة السمراء. وفى هذا السياق، قام اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة، والدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، بزيارة العاصمة الإريترية أسمرة، منتصف الشهر الجارى، واتفقا مع الرئيس أسياس أفورقى على أهمية تكثيف الجهود لتحقيق الاستقرار فى الصومال والحفاظ على وحدته وسيادته على كامل أراضيه.
كان الرئيس الإريترى قد زار مصر فى ٢٤ فبراير الماضى، وتناول معه الرئيس السيسى التطورات الأمنية الخطيرة التى تشهدها منطقة القرن الإفريقى والبحر الأحمر، وتوافق الرئيسان على ضرورة احترام سيادة دولة الصومال، ودعمها فى رفض كل الإجراءات التى من شأنها الانتقاص من هذه السيادة. والشهر الماضى، زار وزير الخارجية الإريترى القاهرة، مجددًا، واستقبله الرئيس السيسى، ووزير الخارجية، وخلال اللقاءين جرى تأكيد حرص الدولتين على دعم أمن واستقرار المنطقة.
أيضًا، حلّ الرئيس الصومالى، حسن شيخ محمود، ضيفًا على القاهرة فى ٢١ يناير، ثم فى ١٣ أغسطس، واستقبله الرئيس السيسى، مشدّدًا، ومكررًا تشديده، على أن مصر تدعم الصومال، وترفض التدخل فى شئونه والمساس بسيادته، ولن تسمح بأى تهديد لأمنه واستقراره. وفى المرتين ثمّن الرئيس الصومالى دعم الرئيس السيسى الفورى لبلاده فى مواجهة محاولة إثيوبيا، غير القانونية، تقويض سيادتها وسلامة أراضيها، كما أعرب عن تقديره وامتنانه لدعم مصر المتواصل للصومال، مشيدًا بدور «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية»، والهيئات المصرية المختلفة، فى بناء قدرات الكوادر الصومالية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الاجتماع الثلاثى المصرى الصومالى الإريترى، فى نيويورك، عكس التنسيق المشترك على أعلى مستوى، والإرادة السياسية لتحقيق الأهداف والمصالح المشتركة والحفاظ على استقرار المنطقة واحترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضى الصومالية. كما أكد الوزراء الثلاثة، خلال الاجتماع، مواصلة التنسيق والتعاون بشكل وثيق فى القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يصب فى مصلحة الدول الثلاث، على ضوء تناغم رؤى ومواقف حكوماتها، وما يربط شعوبها من صلات أخوة وصداقة.