رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مناورة الممر الآمن!

صفقة جديدة لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، قدمتها الحكومة الإسرائيلية للإدارة الأمريكية، ملخصها إطلاق سراح كل المحتجزين الإسرائيليين فى القطاع، دفعة واحدة، مقابل «ممر آمن» لخروج يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس»، وكل من يريد الخروج معه، وتحرير أسرى فلسطينيين، ونزع سلاح القطاع، وتطبيق آلية حكم جديدة فى غزة. وقيل إن رئيس الوزراء الإسرائيلى يعتزم طرح هذه الصفقة، يوم الجمعة المقبل، فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

هذا الكلام، مصدره هيئة البث الإسرائيلية، التى ذكرت، أمس الأول، الخميس، أن جال هيرش، منسق شئون الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، طرحه، خلال لقاءات عقدها، الأسبوع الماضى، مع مسئولين فى البيت الأبيض والخارجية الأمريكية. ونقلت الهيئة الرسمية الإسرائيلية عن مصادر حضرت لقاءات «هيرش»، أن هذا العرض جرت تسميته بـ«صفقة الممر الآمن»، لافتة إلى أنه كان «خطة بديلة»، Plan B، للتغلب على الصعوبات التى يواجهها المفاوضون والوصول إلى اتفاق بشكل أسرع.

فى المقابل، قال حسام بدران، عضو المكتب السياسى لـ«حماس»، إن هذا العرض، سبق طرحه، واصفًا الحديث عن قبول السنوار بالرحيل عن الوطن بأنه «وهمٌ أحمق، ولن يجد له مستجيبًا». كما رأت عائلات المحتجزين الإسرائيليين أن البحث عن حلول جديدة، مختلف عليها، بعد الخطة التى سبق أن طرحتها الولايات المتحدة ووافق عليها الطرفان، هو «محاولة سادية» لتضييع المزيد من الوقت وزيادة معاناتها. فى إشارة إلى الصفقة، المبادرة، أو المبادئ، التى طرحها الرئيس الأمريكى أواخر مايو الماضى، وصادق عليها مجلس الأمن، ووافق عليها الطرفان، ثم انقلب عليها رئيس الوزراء الإسرائيلى.

الأرجح، هو أننا أمام مناورة إسرائيلية جديدة تستهدف إطالة أمد المفاوضات وتهدئة عائلات المحتجزين إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية، المقرر إجراؤها فى نوفمبر المقبل، والترجيح نفسه، نقلته جريدة «وول ستريت جورنال»، الخميس، عن مسئولين أمريكيين، رفيعى المستوى، فى البيت الأبيض ووزارتى الخارجية والدفاع، استبعدوا أن يتم التوصل إلى اتفاق، قبل أن يغادر الرئيس جو بايدن منصبه فى يناير المقبل، ولعلك تعرف أن رئيس الوزراء الإسرائيلى، المتهم، قضائيًا، بالفساد وخيانة الأمانة والرشوة والاحتيال، أضاع، أو أجهض، أكثر من فرصة، لتبادل الأسرى والمختطفين، وعرقل مساعى عديدة قام بها وسطاء التهدئة، مصر والولايات المتحدة وقطر، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

قبل ساعات من ظهور، أو تسريب، صفقة، أو مناورة، «الممر الآمن»، أكد أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، من القاهرة، أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس فى قطاع غزة هو أفضل وسيلة لمنع المزيد من التصعيد فى الشرق الأوسط، داعيًا «جميع الأطراف إلى التوقف عن اتخاذ أى خطوات تؤدى إلى تدهور الوضع بالمنطقة». كما كانت الخارجية الأمريكية، قد أعلنت، الإثنين الماضى، عن اعتزام الولايات المتحدة «تقديم اقتراح مُنقح قادر على دفع الأطراف إلى توقيع اتفاق نهائى»، وبينما كان من المتوقع أن يتم طرح هذا المقترح خلال الأسبوع المقبل، ذكرت جريدة «يديعوت أحرونوت»، العبرية، الخميس، أن «واشنطن لم تقرر بعد ما إذا كانت ستطرح مقترحها ومتى»، لافتة إلى أن إدارة بايدن «ربما تخشى أن يؤدى طرح الاقتراح فى هذه اللحظة إلى انفجار، لذلك تفضل ممارسة الضغط وإيجاد مقترح يسمح بتقدم المفاوضات، بدلًا من رفضه من أحد الطرفين أو كليهما». 

.. وتبقى الإشارة إلى أن «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، نشرت مقطع فيديو، الأربعاء الماضى، توعدت فيه دولة الاحتلال بـ«طوفان من الاستشهاديين»، ما يعنى أننا بصدد تصعيد جديد من جانب «حماس» بالتوازى مع اشتعال الجبهة اللبنانية. وقد تكون الإشارة مهمة، أيضًا، إلى أن عددًا كبيرًا من الإسرائيليين تلقَّى رسائل نصية، مجهولة المصدر، على تليفوناتهم المحمولة، تتوعّدهم بـ«الموت»، بحلول الأسبوع المقبل، وتدعوهم إلى مغادرة أماكنهم، والبحث عن «منطقة مَحمية». وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هذه الرسائل أحدثت حالة من الهلع فى صفوف الإسرائيليين.