هجمات "الموساد" السيبرانية رسالة حرب مفتوحة هدفها إرباك "حزب الله" والعالم ينتظر كلمة "نصرالله"
لم تكن الحرب «السيبرانية» المتهم فيها الموساد الإسرائيلى، والتى استهدفت عناصر من حزب الله فى الجنوب اللبنانى هدفًا فى حد ذاتها، إنما هى بداية لحرب شاملة مفتوحة.. المرحلة الأولى استهدفت 20 قتيلاً، و1343 مصابًا نتيجة انفجار أجهزة الـ«بيجر» المستخدمة فى التواصل بين مقاتلى حزب الله.. المرحلة الثانية جاءت صباح اليوم بالرد من جانب «حزب الله» بإطلاق صاروخين تجاه الشمال الإسرائيلى ورفع المواجهة بين الطرفين. رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» أعلن من قبل أنه بعد الانتهاء من تحقيق أهدافه فى قطاع غزة سيتجه إلى لبنان وتحديدًا التعامل مع حزب الله، فكانت الحرب السيبرانية فى أقوى ضربة عرفتها المنطقة العربية، ولأن الحرب خدعة ومباغتة استخدم الموساد الإسرائيلى ضربات سيبرانية موجهة لحزب الله.. وهكذا بدأت الحرب المفتوحة بتبادل الضربات، لا نعرف متى تتوقف، وماذا تريد إسرائيل من هذه الحرب الموسعة، هل النيل من هيبة حزب الله، أم ستذهب بـ«نصرالله» إلى المفاوضات وخضوعه لمطالب «نتنياهو»، فى الوقت الذى لم تنته الحرب فى غزة أو وصلت المقاومة إلى حل لإنهاء نزيف الحرب.. كما أن الجميع فى انتظار كلمة نصرالله، خلال ساعات، كيف يكون رد حزب الله، الذى يحمل على عاتقه حماية لبنان بأكمله.. الحرب على الجنوب اللبنانى تكلفتها باهظة وفاتورة تسددها بيروت قبل الجنوب اللبنانى.
تحذيرات «حسن نصرالله»، الأمين العام لحزب الله، من استخدام الهواتف المحمولة لم تحقق الحماية الكافية لأعضاء حزبه من تعرضهم لهجمات سيبرانية، أو تتبع مواقعهم، ومن ثم استهداف إسرائيل بعض العناصر، قال نصرالله فى تصريحات سابقة: «هيدا الخليوى هو العميل، هيدا بدو جدية عالية بالمواجهة، أغلب الحالات اللى عم تصير هى نتيجة الخليوى، ونحن نعمل على إجراءات داخلية، وأن هذه الأجهزة تقدم معلومات بالمجان للعدو الصهيونى».
يبدو أن هذه التصريحات والتحذيرات جاءت بنتيجة عكسية نبهت العدو أن حزب الله يفكر فى استخدام منظومة اتصالات أخرى غير الهواتف الأرضية أو المحمولة «السلكية واللاسلكية، ومن هنا تم رصد وتتبع تصريحات «نصرالله»، والتفكير عن ما هى وسيلة الاتصال الجديدة بين أعضاء «حزب الله»، وبسهولة توصل العدو إلى أن «حزب نصرالله» يستقدم أحدث شحنات لاسلكية من أجهزة الـ«بيجر» تعمل على تغطية مساحات اتصال محدودة داخل نطاق انتشار أعضاء حزب الله، والتى تتراوح مساحة انتشارها من 3 كيلومترات إلى 250 كيلومترًا فقط، وفقًا لنظام جهاز الـ«بيجر» اللاسلكى، الذى يستخدم لأرسال إشارات أو رسائل نصية قصيرة إلى مستلم محدد، حيث ظهرت فكرة جهاز نداء لاسلكى لأول مرة فى السبعينيات، وكانت تستخدم بشكل أساسى فى المجالين الطبى والعسكرى. تطورت تقنية جهاز نداء لاسلكى مع مرور الوقت لتشمل استخدامه فى مجالات متعددة مثل الأعمال والاتصالات الشخصية.
تقارير إخبارية لوكالات دولية أشارت إلى أن إسرائيل أنشأت شركة وهمية، أو بالفعل تمتلك أكثر من شركة توزيع جهاز الـ«بيجر»، أو أنها شركة عميلة للموساد الإسرائيلى، وأن مقر هذه الشركة «بلغاريا»، حيث نشاطها استيراد وتصدير الأجهزة اللاسلكية، وهى ذات الشركة التى استجلب منها حزب الله شحنة الـ«بيجر» الملغمة.. أصابع الاتهام تشير مرة أخرى إلى شركة إنتاج برمجيات كبرى فى «تايوان»، التى بدورها أصدرت بيانًا نفت فيه علاقتها بهذه الجريمة قائله: «أجهزة البيجر المستخدمة فى تفجيرات لبنان، صنعت فى شركة بى إى سى للاستشارات ومقرها العاصمة المجرية بودابست.. وتصميم وتصنيع المنتجات يجرى بالكامل بواسطة شركة بى إى سى»، فى وقت يؤكد فيه البعض أن من قام بدفع ثمن الشحنة التى استقدمت من بلغاريا الجانب اللإيرانى الداعم لحزب الله.
يبدو أن «حزب الله»- كما فسرالعلماء- لم يقم باختبار 500 جهاز استوردها «البيجر»، التى انفجرت خلال اليومين الماضيين راح ضحيتها- وفقًا لما أعلنه مؤخرًا وزير الصحة اللبنانى- 20 قتيلاً و1343 جريحًا.. وتابع المختصون أن هذه الأجهزة تعرضت لهجمات سيبرانية بعد أن تم تزويدها بمواد متفجرة يتراوح وزنها من 2 إلى 3 جرامات، كما تم إعادة برمجة «سوفت وير» الأجهزة حتى يتسنى للطرف الآخر «العدو» من توجيه هجمات سيبرانية على الأجهزة فى توقيت معين أدت إلى انفجارها فى أيادى حامليها داخل المنازل؛ مما تسبب فى حرائق وسقوط قتلى وجرجى.
الهجوم السيبرانى ينقل الحرب فى لبنان إلى مرحلة جديدة من الحرب إلى أن كل الاحتمالات واردة فيما يتعلق بإمكانية الذهاب إلى هجوم أوسع أو الاكتفاء بالمستوى الحالى من التصعيد. إن الضربة الإسرائيلية هدفها إحداث ارتباك وفوضى فى صفوف حزب الله، من خلال قطع الاتصال بين قواعده على الأرض، بضرب شبكة الاتصالات.
هذا باختصار ما تم خلال اليومين الماضيين، بما يؤكد أن الهواتف المحمول لا تنفجر ذاتيًا كما يعتقد البعض، إنما الأجهزة التى انفجرت كانت مزودة بمواد متفجرة، وتم تغيير السوفت وير وربطها بأجهزة كمبيوتر عن بعد، وتوجيه ضربات سيبرانية، أو ما تعرف بحروب الجيل الخامس، وتتمثل الحروب السيبرانية فى عمل هجمات على البنية التحتية لتعطيل مرافق الدولة، أو الحصول على معلومات مهمة، وتنقسم الحروب السيبرانية إلى 3 درجات، هى: الهجمات للحصول على معلومات، هجمات لتعطيل المرافق، هجمات لتدمير مرافق وهى المرحلة الأخطر والأصعب.
تأتى الحرب السيبرانية على حزب الله بهدف إضعاف البنية التحتية لحزب الله، وبالتالى جرجرة نصر الله والنيل من هيبته أمام حزبه وإيصال رسالة للحرب المفتوحة.