لبنان الشعب المقاومة الكرامة
إن ما ارتكبته حكومة الكيان الصهيونى اليمينية المتطرفة من قتل وإصابة أكثر من 3000 مواطن فى لبنان يعتبر جريمة حرب ضد البشرية، تهتز لها الإنسانية وتقشعر لها الأبدان، ويعتبر هذا العدوان الوحشى السافر اعتداءً على سيادة الدولة اللبنانية.
كل المساندة للشعب اللبنانى الذى قاسى كثيرًا من ويلات الحروب، الشعب البطل الذى هب وهرع لإنقاذ المصابين، وأعلن الاستنفار والتبرع بالدم والوقوف يدًا بيد وكتفًا بكتف فى وجه العدو الصهيونى والإمبريالية الأمريكية.
قال وزير دفاع الكيان الصهيونى المجرم: «إن محور التركيز يتحرك شمالًا حيث نقوم بنقل القوات والموارد والطاقة صوب الشمال»، وأضاف: «إن أهداف إسرائيل واضحة وبسيطة؛ إعادة سكان مدن الشمال إلى منازلهم بأمان».
وتأتى الانفجارات التى وقعت بأجهزة الاتصال «بيجر»، التى يستخدمها عاملون فى وحدات، ومؤسسات حزب الله اللبنانى، وما أسفرت عنه من سقوط شهداء وجرحى فى الضاحية الجنوبية وفى البقاع بشرق لبنان وفى الجنوب- لتزيد من الحرب الدائرة بين المقاومة والعدو الصهيونى، ولتزيد كذلك من الاحتمالات، التى راجت خلال الأيام الماضية، بتوسيع الكيان عمليته العسكرية ضد الحزب فى لبنان، وما يحمله ذلك من مخاطر اتساع نطاق الحرب فى المنطقة، لتصبح حربًا إقليمية.
وكان وزير الصحة اللبنانى، فراس الأبيض، قد أعلن، فى مؤتمر صحفى يوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024، عن مقتل 9 أشخاص بينهم طفلة عمرها ثمانى سنوات، وإصابة نحو 2800 آخرين، أغلبهم من عناصر حزب الله فى جنوبى لبنان والضاحية الجنوبية فى بيروت، بعد انفجار أجهزة الاتصال اللا سلكية التى يستخدمونها.
وفى موجة جديدة من تفجيرات الأجهزة اللا سلكية «ووكى توكى» فى يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024 ارتقى عشرون شهيدًا وأصيب ما يقرب من 450 من مختلف أنحاء البلاد. إن الهجوم السيبرانى الصهيونى لم يكن الأول من نوعه، حيث تم استخدامه من قبل فى اغتيال عدد من كوادر وقادة حزب الله.
وتجدر الإشارة إلى إعادة النظر فى المناقشة حول ما إذا كانت التحركات التكنولوجية المتقدمة تشكل قوة الواقع فى ساحة الحروب الجديدة التالية، لأن استخدام سلاح التكنولوجيا يشكل نقلة نوعية تسبب أضرارًا كبيرة وارتباكًا فى صفوف القوات.
إننا فى عصر الذكاء الاصطناعى واستخدامه كسلاح جديد يستخدمه الكيان الصهيونى لـ«القتل عن بُعد» دون خسائر فى صفوفه. ولقد أعلنت «هيومان رايتس ووتش»، فى تقرير لها صدر فى شهر سبتمبر الحالى، عن أن استخدام الجيش الإسرائيلى تقنيات الذكاء الاصطناعى لتعقب أهداف هجماته فى غزة يُلحق أضرارًا بالغة بالمدنيين ويثير مخاوف أخلاقية وقانونية خطيرة.
لقد فشل رئيس الحكومة الصهيونية المتطرفة، بنيامين نتنياهو، على مدى 11 شهرًا فى تحقيق أهداف عدوانه على غزة، والتى أعلنها، وهى القضاء على المقاومة «حماس»، واستعادة الرهائن، ثم حكم غزة بعد انتهاء الحرب. وحفاظًا على مصلحته وأمنه الشخصى أطال أمد الحرب، ويريد الآن توسيعها لحرب إقليمية قد تتسع لأكبر من ذلك. ويجىء العدوان الأخير على لبنان بتفجير أجهزة اللا سلكى فى إطار توسيع الحرب، والوصول لإنشاء حلف «أمريكى صهيونى رجعى عربى» ضد إيران، وللقضاء على جبهات المقاومة فى فلسطين ولبنان والعراق واليمن.
ومن المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية هى الشريك الأول فى العدوان الصهيونى على الشعب الفلسطينى بمده بالسلاح والعتاد والأموال، وباستخدام حق النقض «الفيتو» فى مجلس الأمن لإيقاف أى قرار يتعلق بوقف الحرب فورًا، وأيضًا بالتصريح الدائم عن «حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها». ولكن فى الفترة الأخيرة، ومع اقتراب إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد أقل من شهرين، لا تريد الإدارة الأمريكية الدخول فى حرب مباشرة وواسعة تؤثر عليها، وعلى دول العالم، وتسبب مزيدًا من انتفاضات الشعوب ضد أنظمتها المستبدة التابعة الفاسدة، وضد الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيونى العنصرى الاستيطانى المجرم.
هل تستمر حكومات العالم الاستعمارى فى أوروبا وأمريكا فى غض البصر عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى يرتكبها العدو الوحشى ضد المدنيين العزّل؟ وليس آخرها قتل وإصابة ما يقرب من 3250 مدنيًا، منهم أطفال، فى الهجوم السيبرانى على دولة لبنان فى أقل من يومين.
إن الولايات المتحدة الأمريكية فى إطار مصالحها كقطب واحد يهيمن، وينهب ثروات الدول، ويعاقب الدول التى لا تتبعه وتتبع سياساته، وأيضًا مصالح معظم دول أوروبا للهيمنة على دول العالم الثالث، كل هذه المصالح تتفق مع استمرار وجود الكيان الصهيونى مزروعًا فى منطقتنا، لمزيد من إضعافنا وانهيار بلداننا حتى لا يستقر وطننا العربى وينمو وينهض.
إننا ندعم ونساند المقاومة الشاملة فى كل الجبهات ضد الكيان الصهيونى، وضد جرائمه، ونتمنى للشعب اللبنانى السلامة والاستقرار، ونطالب بوقف العدوان الصهيونى فورًا، ووقف التطبيع والعلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية والتجارية مع العدو الصهيونى، وإغلاق سفارات العدو، وسحب سفرائنا من الكيان الصهيونى، ومحاكمة مجرمى الحرب الصهاينة أمام المحاكم الدولية، والمطالبة بإسقاط عضوية الكيان الصهيونى فى الأمم المتحدة باعتباره كيانًا عنصريًا مجرمًا.
ولا بد من استمرار سلاح المقاطعة فى يد الشعوب العربية والشعوب الحرة فى كل أنحاء العالم.
المجد والخلود للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للأسرى، والنصر للمقاومة، والبقاء للشعوب، والزوال للاحتلال.