حرب بلا ميادين
وصلت الحرب بين إسرائيل وغزة وحماس وحزب الله والحوثيين إلى درجة بالغة الخطورة فى استغلال العلم والتكنولوجيا، الحوثيون دخلوا على خط القتال بجانب حماس، دون أن تكون لهم حدود مباشرة مع إسرائيل، عن طريق الطائرات الشبحية أو دون طيار، والصواريخ العابرة للقارات. التى زودتهم بها إيران، وأصبحوا يرسلون صواريخها لتضرب فى عمق إسرائيل.
أما حزب الله فقد اتبعت معه إسرائيل حروبًا فى غاية التقدم. وهى التفجير عن بعد. وإن كان كانت قد فعلتها من قبل مع قادة فلسطين وحماس، وقامت بتفجيرهم عن بعد باستخدام خط تليفونى يتتبع الضحية حتى يتم تحديد موقعه ويتم قصفه، أو تفجيره.
إسرائيل التى قتلت فى غزة أكثر من أربعين ألف عربى ومواطن فلسطينى لا تتورع عن استخدام أى آلة حرب يمكنها أن تحدث الدمار.
وفى حربها مع حزب الله استخدمت وسائل الاتصالات، وقامت الوحدة 8200 التابعة للجيش الإسرائيلى كقوة رئيسية محتملة وراء هذا الهجوم. بتفخيخ نحو أربعة آلاف عنصر من حزب الله بكميات صغيرة من المتفجرات وأن يجرى تفجيرهم بلحظة واحدة وعن بعد، بعد أن قام حزب الله بتوزيع الآلاف من أجهزة بيجر على أعضائه. والمعروف أن الوحدة 8200، هى وحدة عسكرية متخصصة فى جمع المعلومات الاستخباراتية وتطوير التكنولوجيا العسكرية، كانت إحدى الأذرع الرئيسية فى التخطيط والتنفيذ لهذه العملية.
و«بيجر» هو جهاز إلكترونى صغير، لاسلكى ومحمول، النسخة الأولى للتليفون المحمول، يسهل حمله ويُستخدم لاستقبال الرسائل القصيرة أو رقم الشخص الذى يحاول الاتصال بالجهاز. تُسمَى عملية استعمال الجهاز بالمناداة.
وقد استطاع جهاز الاستخبارات الإسرائيلى «الموساد» الوصول إلى أجهزة اتصال حزب الله «بيجر»، قبل تسليمها لأعضائه. استطاع اعتراض شحنات أجهزة «بيجر» قبل أن تصل إلى حزب الله.
كان حزب الله اشترى أجهزة اللاسلكى المحمولة من شركة تايوانية تقوم بتصنيعها فى المجر، قبل 5 أشهر بالتزامن مع شرائه أجهزة «بيجر» تقريبًا.
الانفجارات أدت إلى اندلاع حرائق فى عدد من الشقق السكنية والمحلات التجارية.
كما انفجرت أجهزة اتصالات من نوع «بيجر» فى العديد من المناطق التى تعتبر معاقل لحزب الله اللبنانى، بما فى ذلك الضاحية الجنوبية لبيروت، ومناطق جنوب لبنان، والبقاع الشرقى، ما أسفر عن مقتل 12 شخصًا بينهم طفلان وإصابة نحو 2800 آخرين. وكميات صغيرة منها تكفى لإحداث تفجير. هذه المادة زرعت قرب بطاريات أجهزة بيجر، وتم بعد ذلك إرسالها لتصل إلى المستهدفين من رجال حزب الله.
كما وردت الأنباء عن انفجارات فى سوريا والعراق وإيران. فى أنصار حزب الله.
المعروف أن إسرائيل بدأت عملية تتبع قادة أعدائها من منظمة حماس عن طريق تتبع مساراتهم.
كانت أول عملية اغتيال بطريقة التتبع عن طريق وسائل الاتصال، هى عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين. فقد حاولت إسرائيل اغتياله عدة مرات، وتمكنت من ذلك يوم 22 مارس 2004 حين كان عائدًا من صلاة الفجر فى المسجد القريب من منزله فى حى صبرا فى غزة.
فقد أطلقت مروحية إسرائيلية من طراز أباتشى صواريخ عليه وهو على كرسيه المتحرك، فاستُشهد مع 7 من مرافقيه وجُرح اثنان من أبنائه، وكان عمره حينها 68 عامًا.
وبعده اغتالت إسرائيل عدنان الغول 2004 بصاروخ من طائرة استطلاع استهدف سيارته، وهو من الجيل الأول والمؤسس لكتائب القسام.
كان الغول قد نجح فى قيادة عملية التصنيع العسكرى فى كتائب القسام بإحداث نقطة تحول فى تاريخ المقاومة والصراع مع إسرائيل من خلال بصماته فى صناعة أول صواريخ القسام والقذائف رغم الحصار الإسرائيلى لقطاع غزة.
وفى عام 2009 اغتالت إسرائيل سعيد صيام خلال الحرب على قطاع غزة عام 2009. وكان صيام قد تولى وزارة الداخلية بعد فوز حركة حماس بأغلب مقاعد المجلس التشريعى فى انتخابات عام 2006، وشكل القوة التنفيذية المساندة للأجهزة الأمنية نزار ريان 2009.
وفى نفس العام قُتل نزار ريان، قائد سياسى وعسكرى بارز فى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وعالم متخصص فى الحديث النبوى الشريف، اغتالته إسرائيل فى أول أيام عام 2009 مع 15 من أفراد أسرته، بقصف جوى على منزله بمخيم جباليا فى قطاع غزة.
أيضًا أحمد الجعبرى 2012 الذى بدأ حياته السياسية ضمن حركة فتح، وبعد أن تعرف على الشيخ أحمد ياسين، وعبدالعزيز الرنتيسى انضم إلى حركة حماس وترقى فيها سياسيًا وعسكريًا حتى صار «نائب القائد العام» لذراعها العسكرية كتائب القسام. أعلنته إسرائيل «المطلوب الأول» لديها فلاحقته حتى اغتالته فى عدوانها على قطاع غزة عام 2012.
كما تم استهداف رائد العطار الذى شغل منصبًا قياديًا فى المجلس العسكرى لكتائب القسام، وكان مهندس اختطاف الجندى جلعاد شاليط. وقد اُغتيل فى غارة جوية على منزل فى رفح بقطاع غزة عام 2014.
كما قامت أمريكا باستهداف علماء وقادة إيرانيين، ومن أشهر من تم استهدافهم. الجنرال قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى، فى الثالث من يناير 2020، بطائرة مسيرة فى بغداد.