رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لبنانيون لـ"الدستور": هجوم أجهزة بيجر يفاقم التصعيد بين حزب الله وإسرائيل

لبنان
لبنان

أكد خبراء وسياسيون لبنانيون أن اختراق الاحتلال الإسرائيلي لأجهزة بيجر الخاصة بـ حزب الله، حادث غير مسبوق وسيؤثر على مسار التصعيد بالمنطقة، فقد أسفر الحادث عن إصابة أكثر من 2800 عنصر ووفاة 11 آخرين.

وقال الدكتور على دربج الخبير السياسي اللبناني، إن ما حصل سيفاقم الأوضاع وستزداد حدة المواجهة الميدانية بين حزب الله وإسرائيل، مع زيادة وتيرة التصعيد، لكن الأمور لن تتطور إلى حرب شاملة، ما حدث  عمل أمني يمكن لحزب الله أن يرد بعمل أمني مماثل، وسيبقي الأمور ضمن مساحة ورقعة العمل الأمني.

وأضاف "دربج" في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه لا يمكن فصل أي ملف مرتبط بغزة عن مسألة المفاوضات، ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، يسعي بكل جهده لتخريب المفاوضات، ويمكن وضع هذا الأمر مرتبط بشكل أو بآخر بملف غزة، والأساس كان توجيه ضربة أمنية لحزب الله وهو ما حدث فعلًا، مؤكدًا أن المفاوضات ستتعقد أكثر فأكثر، ولكن الرد لن يمر مرور الكرام عن محور المقاومة.

وتابع: "عايشت في المستشفيات بين بيروت والجنوب، ورأيت الأمر عن كثب أن حجم التعاطف وحجم الأعداد التي جاءت وكانت غاضبة وعلى استعداد على استكمال الطريق يفوق الخيال خصوصًا من فئة الشباب، مؤكدًا أن إصابة 1000 أو 2000، لن تؤثر على طبيعة المعركة لأن المعركة لها رجالها والكل الآن في وضع تأهب وتجهز والأمور في الجبهة على استعداد ومستمرة في القصف ولم تتأثر، وهناك جاهزية عالية تحسبًا لأى عدوان كبير".

وقال "دربج" إنه لا يمكن التقليل من آثار الهجوم ولكن تأثيره قابل للاحتواء والامتصاص.

على دربج

وأكد أن حزب الله لم يصرح بعد ولم يحرك ساكنًا ولم يكشف معلومة واحدة حول مصدر هذه الأجهزة، وكل ما يحكي عبارة عن تكهنات وتحليلات من هنا وهناك. بعض الصحف تحدثت عن إبرام صفقة مع تايوان، ولكن دون ذلك حزب الله لم يصدر أي معلومة وليس هناك ارتباط بين ما حدث وبين إيران.

تصعيد خطير يُهدد باشتعال حرب إقليمية

من جانبه، قال الإعلامي اللبناني حسين شعيتو، إن الهجوم السيبراني الذى نفذه العدو الإسرائيلي على أجهزة بيجر، يعتبر تصعيدًا خطيرًا من قبل العدو على طريق توسيع العمليات التي صادق عليها مجلس الأمن المصغر لدى كيان العدو قبل يومين، ولكن ما زال التخبط بين الجنرالات والضباط هو ما يقف عائقًا بسبب كلفة الحرب التي قد يتكبدها العدو الإسرائيلي في حال أقدم على خطوة كهذه مع لبنان، لذلك يبني الآن على رد المقاومة على هذا الاعتداء وحسب الرد سنعرف إذا كانت المنطقة ستذهب إلى انفجار أم لا.

وأضاف شعيتو في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الحادث لا يرتبط بشكل مباشر بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، لأن جبهة لبنان أصبحت جبهة مستقلة على الرغم من أنها جبهة إسناد لغزة، ولكن بالنسبة للحسابات الإسرائيلية بأن المستوطنين في الشمال يجب أن يحصلوا على الأمان حتى وإن وقفت الحرب مع غزة، ووصلت الأمور لاتفاقية تبادل أسري، ولذلك هذه رسالة للمقاومة اللبنانية تصعيدية وبنفس الوقت رسالة للمستوطنين بأن جيش الاحتلال سيوسع العمليات على حزب الله من أجل إعادة الأمان لهم، ولذلك حادثة الهجوم السيبراني ليست مرتبطة بشكل أساسي في التأثير على اتفاقية وقف إطلاق النار التي يكذب بها العدو الإسرائيلي دائمًا، إنما هي جبهة مستقلة. 

كيف سيرد حزب الله؟

وحول رد حزب الله، قال إن الأمر لا يحتمل التكهنات، فالرد على الهجوم الإسرائيلي حتمي، وحول الجاهزية فلا شك أن عدد الجرحي كبير، ولكن هذا لن يؤثر على جاهزية المقاومة، إذا كان هناك 2000 مصاب من المقاومة، هناك أكثر من مائة ألف مقاتل لدى حزب الله يغطون هذه الفجوة، مؤكدًا أنها ضربة صعبة للغاية ولكن يمكن تفاديها.

وأشار "شعيتو" إلى أن حزب الله حصل على الجهاز المصنع من شركة تايوانية، والمقاومة في لبنان اشترت هذا الجهاز من الأسواق سواء من الأسواق الصينية أو الأوروبية، مؤكدًا أنه لا علاقة لإيران بهذا الجهاز أبدًا، وليس من الهبات الإيرانية التي تصل المقاومة، إنما هذا الجهاز اشترته المقاومة اللبنانية من تصنيع شركة تايوانية واشترته من أوروبا أو الأسواق الصينية.

وأوضح "شعيتو" أنه لم يكن هناك تحذير من هذا الجهاز، لأنه جهاز إنذار أو إشارة فقط يرصد أن أحد يخطف أو يريد الحديث معًا لا أكثر ولا أقل، وكانوا يعتبرونه من الوسائل الآمنة وخاصة أنه لا يتصل بالإنترنت، لكن ما حصل في هذه الدفعة من الأجهزة كان معدًا له سابقًا بحسب الظاهر، وهو عملية استخباراتية تقوم بها كل جيوش العالم من خلال الحرب السيبرانية والإلكترونية، وتعتبر عملية عسكرية أمنية إلكترونية في سياق العمليات التي يتبادلها أي طرفين يخوضون الحرب سويًا.

وأكد أن هذا الجهاز يستخدم منذ سنوات لدى مقاتلي حزب الله ولم يحدث من قبل هذا الخرق، حتى من بعد حرب 2006 وفي سوريا وفي كل المعارك كان يستخدم المقاتلون هذه الأجهزة، وحتى الآن هناك بعض الأجهزة بقيت آمنة، لكن الدفعة الجديدة فقط هى التي تعرضت لهذا الهجوم.

"الشمعة": إسرائيل تمعن في ضرب العمق اللبناني

فيما قال أحمد سمير الشمعة باحث سياسي لبناني، إن إسرائيل من جديد تمعن في ضرب العمق اللبناني وبالتحديد عمق المقاومة "حزب الله" بضربة قد تكون الأولى من نوعها في المنطقة والأولى من نوعها أيضًا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. 

وأشار "الشمعة" في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى أن الضربة استهدفت تفجير أكثر من ثلاثة آلاف جهاز اتصال "بيجر" يستخدمها عناصر حزب الله في لبنان وسوريا في وقت واحد. 

وأضاف أن ما قام به العدو الإسرائيلي هو عملية أمنية بامتياز نتجت عن عمل استخباراتي على أعلى مستوى، مستدركًا "الأسئلة كثيرة وأهمها ما هو مصدر هذه الأجهزة وكيف لحزب الله أن يقع في هذا الفخ الذي كلفه الكثير، وكان ليودي بأهم القيادات الأمنية داخل الحزب".

وأوضح "الشمعة"، أن الأجهزة دخلت لبنان من ثلاثة أشهر كأجهزة اتصال تقليدية تحمل علامة تجارية لشركة تايوانية، ولكنها صنعت من قبل شركة أوروبية غير معروف اسمها حتى الآن، لافتًا إلى مسئولية الحزب في الكشف عن ذلك.

أحمد سمير الشمعة

وأضاف أن الأجهزة فجرت عبر بطاريات الليثيوم بعد التلاعب بتركيبتها الكيميائية وفخخت مسبقًا بمواد متفجرة لا يزيد وزنها عن عشرين جرامًا، وأن عملية التفجير حصلت في وقت واحد عبر إرسال رسالة موحدة على كل الأجهزة كانت هذه الرسالة بمثابة إعطاء الأمر بالتفجير.

وأكد "الشمعة" أن الضربة قاسية جدًا على حزب الله وعلى الداخل اللبناني ككل، وأن توقيت هذا العمل حساس جدًا، الهدف منها إضعاف عزيمة حزب الله وتركيعه، وأن هذا الأمر قد يؤدي إلى الانزلاق إلى حرب شاملة ومفتوحة مع العدو الإسرائيلي. 

وتابع "حسب تقديري فإن هذا العمل لن يزيد الحزب إلا قوة وإصرارًا على مواصلة حربه ومقاومته لهذا العدو المتغطرس، ومن المؤكد أن الحزب سيرد بشكل مدروس وغير مسبوق". 

وأضاف أنه بات من الواضح أن العدو الإسرائيلي يريد الحرب الموسعة والشاملة على كل الجبهات، وأنه كعادته لا يأبه بأي حل دبلوماسي، مؤكدًا أن هدف إسرائيل الأساسي هو تراجع حزب الله داخل الجنوب اللبناني 35 كيلومترًا، ووضع ذلك النطاق تحت سيطرة قوات دولية، وهذا ما لا يمكن لحزب الله القبول به، متابعًا:  "إذا دخلت المنطقة في وضع حساس جدًا قد تتسارع فيه الأحداث نحو الأسوأ". 

واختتم: "يبقى لحزب الله أن يوضح ملابسات ما جرى، وهذا بالتأكيد ما سيتحدث عنه الأمين العام للحزب حسن نصرالله اليوم الخميس".