رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في تصريحات خاصة لــ "الدستور"

الشاعر مصطفى عبادة: الحوار حول قصيدة النثر يضفي حيوية على الحياة الثقافية المصرية

مصطفي عبادة
مصطفي عبادة

تحدث الكاتب الشاعر مصطفى عبادة، عن حيوية قصيدة النثر، وذلك على هامش فعاليات الدورة الثامنة لمؤتمر قصيدة النثر المصرية الذي يعقد في الفترة من 17 وحتى 19 سبتمبر في مقر جريدة الدستور.

الحوار حول قصيدة النثر  جزء  رئيسي من حيوية الحياة الثقافية المصرية 

 

واستهل “عبادة” حديثه قائلا إن الحوار حول قصيدة النثر، جزء رئيسي من حيوية الحياة الثقافية المصرية، صحيح أن الخطاب الثقافي الذي  يتمحور حول السرد، وآفاق تطوره، لكن الجانب الآخر من الطاولة محجوز للقصيدة الجديدة بجمالياتها وروحها المتمردة، التي تحمل نوعين من الخروج؛ فني واجتماعي. 

وأضاف: “إحدى السمات الرئيسية لـ “قصيدة النثر” التى تكثف حضورها فى بداية التسعينيات من القرن الماضى، هي تلك الحيوية أيضا التي رافقتها منذ البداية بظهور المجلات المستقلة التى ترافقت مع تلك القصيدة، فى محاولة من هذا الجيل لصنع منابره المستقلة، حينما اشتدت وطأة الرفض لكل ما هو جديد”.

 

وتابع: “صحيح أن بعض هذه المجلات سبق هذا التاريخ، لكن حضورها واستهلاكها فى أوساط الشباب زاد فى ظل هذه الأجواء من هنا اكتسبت هذه المجلات حضورا جديدا مثل الكتابة الأخرى، والجراد، والأربعائيون، وخماسين، وتكوين 2000 بالإضافة إلى “فسائل” أنور كامل التىوخلقت جدلًا ثقافيًا خلاّقًا بين الرفض والقبول، وبين الالتفاف والاتهام بالعمالة والتخريب، الأمر الذى حفزّ مجموعة إضاءة السبعينية للتفكير فى إعادة إصدارها من جديد، وهو ما كان، بل إعادة طبع أعدادها القديمة فى مجلد ضخم، أقيم له احتفال كبير بمناسبة صدوره فى دار الأوبرا فيما يخص مجموعة الجراد تحديدًا”.

 

وواصل: “كانت الاتهامات أقسى مما يحتمل البعض فانتهت التجربة سريعًا، وهجر بعض شعرائها الشعر واتجهوا إلى كتابة الرواية، وبعضهم هجر الوطن، لكن مع ذلك تطرح هذه التجربة أهمية الدعم والدور الذى لعبه بعض شعراء السبعينيات فى جماعة أصوات تحديدًا من مثل أحمد طه، وعبد المنعم رمضان، ومحمود الهندى، ومحمد بدوى، تلك أصوات التى كانت تقف على نقيض إضاءة وتؤمن بالفرد فى مقابل الجماعة، وأشياء أخرى كثيرة جاءت فى أعداد مجلة الجراد الثلاثة قبل أن تتوقف”. 

 

بدايات قصيدة النثر

واستكمل “عبادة”: نقطة أخرى من تلك الحيوية تتعلق بسؤال الأسبقية: من أسبق فى الكتابة؟ يثار هذا الجدل حول الأسبقية مع قصيدة النثر، هل البداية بيروتية تحديدا وشامية بشكل عام؟ أم هى مصرية؟ الذين يقولون بمصريتها يرجعون إلى حسين عفيف وآخرين، والذين يرونها بيروتية لديهم دفوعهم أيضا، مع الإقرار بأن الاستقرار الوحيد الذى تحقق لهذه القصيدة كان فى بيروت بفضل عوامل عدة من بينها العلاقات القوية بين الشعر العربى فى بيروت مع نظيره الفرنسى، كما أن الشعراء الأبرز فى هذا المجال مثل أنسى الحاج وأدونيس، كانوا فى بيروت، بالإضافة إلى تعدد المجتمع البيروتى إثنيا وثقافيا، يذكر هنا أن بول شاؤول أنجز رسالة للدكتوراه عن قصيدة النثر فى عام 1971 ".

 

وواصل: “نقطة أخرى في سياق تلك الحيوية تتعلق باتهام شعراء قصيدة النثر بجهل تراثهم، وكل هذه القصائد الجميلة والدواوين المتتالية ترد على هذا الاتهام كما ترد على اتهام تلك القصيدة بأنها منعزلة عن واقعها أو لا تحمل هما سياسيا أو اجتماعيا أو أيديولوجيا وكأنها نبت شيطانى والكلام الذى يقوله الشعراء فى هذا السياق لا نملك إلاَّ تصديقه فى مجاله النظرى”.

 

واستطرد: “ويبقى المعوّل على النص الشعرى الذى يحتاج إلى الناقد المتابع والمدقق ليكشف لنا عن جمالياته ومنابع تكوينه، كما تحتاج تلك النصوص بشكل ملح إلى تفسير من علم الاجتماع الأدبى لمعرفة علاقة ذلك النوع الشعرى بمدى التطوّر الذى لحق المجتمع العربى والمصرى بخاصة، ذلك التطوّر الذى يخلق معه أشكالا فنية جديدة”.
 

وتساءل: “هل ذلك التطوّر جذرى أم لا، فهل مثلا هناك علاقة بين استهلاك الأغنية الجديدة الفيديو كليب والسينما الجديدة باستهلاك قصيدة النثر، هل مستهلك الأنواع الأولى فى حاجة إلى معرفة القواعد الشعرية السابقة ليحاكم بناءً عليها قصيدة النثر، أم أنه سيكون مستهلكها الحقيقى لأنه يدخلها بلا ثوابت تراثية فنية أو أيديولوجية، كما يحتاج النقاش إلى الإجابة عن بعض الأسئلة مثل هل قصيدة النثر التى تكتب الآن هى قصيدة النثر التى كتبت فى الستينيات والسبعينيات؟ وهل هناك تناقض فى تسمية قصيدة النثر؟ وهل هى شعر ناقص، وما الفارق بين الوزن والموسيقى؟ وإلى أى حد يمكن القول بأن لتلك القصيدة بذورا أو جذورا فى تراثنا العربى؟ وهل التراث العربى هو مانح الشرعية الوحيد لأى شكل أدبى أو فنى معاصر؟ وهل يمكن إيجاد علاقة بين تطوّر المجتمعات العربية وبين ظهور قصيدة النثر؟”.