رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ويس براينت: انتهاكات الاحتلال تخلق أجيالًا من الكارهين والمتمردين الفلسطينيين (حوار)

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أكد الأمريكى ويس براينت، الخبير فى شئون الدفاع والأمن القومى المسئول عن «الهجوم المشترك» فى العمليات الخاصة بالقوات الجوية الأمريكية، أن إسرائيل تنتهك القانون الدولى، من خلال ضرباتها العسكرية فى قطاع غزة، التى تستهدف المدنيين والأهداف المدنية دون تمييز.

وشدد «براينت»، وهو مؤلف كتاب «مطاردة الخلافة: حرب أمريكا على داعش»، على أن الانتهاكات الإسرائيلية تخلف أجيالًا كاملة من «الكارهين لإسرائيل» و«المتمردين عليها»، مشيرًا إلى أن محاولات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم تعزز لديهم الاعتقاد بأن إسرائيل تريد استئصالهم كشعب. ودعا المتحدث فى كلية حرب الجيش الأمريكى، ومركز مكافحة الإرهاب فى ويست بوينت، ومؤتمر القانون والأخلاق والأمن القومى بجامعة ديوك- إسرائيل إلى العمل على إعادة بناء الاقتصاد والبنية الأساسية فى فلسطين، مشددًا على أنها لن تحقق السلام أبدًا من خلال حصار شعب كامل.

■ كيف تنتهك إسرائيل القانون الدولى بضرباتها العسكرية فى قطاع غزة؟

- من خلال تجاهل منهجى للمبادئ الأساسية للقانون الدولى، بما فى ذلك الهجمات المتكررة التى تشنها رغم الضرر غير المتناسب الذى يمكن التنبؤ به للمدنيين والأهداف المدنية، والهجمات على مناطق واسعة دون تحذيرات مسبقة وفعالة، فى بعض الأحياء السكنية الأكثر كثافة سكانية فى العالم.

وتنتهك إسرائيل القانون الدولى كذلك بالهجمات المباشرة على المدنيين، أو الأشخاص المحميين بشكل آخر مثل أفراد الشرطة والدفاع المدنى، والهجمات ضد الأهداف المدنية، بما فى ذلك تلك التى لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين.

■ كيف تنظرون إلى العنف الأخير الذى يشنه المستوطنون فى الضفة الغربية؟

- من الواضح أن العنف فى الضفة الغربية، وكذلك فى غزة، يشير إلى عداء مستمر منذ عقود من الزمان، يشمل العديد من العوامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مثل الأيديولوجيات المتطرفة، والمعتقدات، ومشاعر الحرمان من الحقوق، والنزعة الإنسانية، ويمتد إلى أولئك على الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى.

والعنف الحالى فى الضفة الغربية، رغم أنه ليس جديدًا، هو أيضًا علامة على حرب مكافحة التمرد المتزايدة التى ستواجهها إسرائيل لعقود قادمة على الأرجح. وهناك أيضًا فشل استراتيجى مستمر، من جانب إسرائيل، فى فهم محنة الجانب الفلسطينى ومنظوره.

■ ماذا عن محاولات إجبار الفلسطينيين على الهجرة، سواء إلى الدول الأوروبية أو مصر؟

- لقد شهدنا هذا الأمر على فترات متقطعة، على مدى عقود من الزمان، وهذا فى واقع الأمر لا يؤدى إلا إلى تعزيز الاعتقاد الفلسطينى بأن اليهود وإسرائيل يحاولان استئصالهم كشعب، وعلى الأقل إبعادهم تمامًا عما يعتقدون أنه أرض لإسرائيل واليهود فقط، وهذا أمر معيب من الناحيتين الاستراتيجية والأخلاقية. فضلًا عن ذلك، فهو أمر غير قابل للتطبيق من الناحية اللوجستية.

والحقيقة أن هناك ملايين الفلسطينيين، وملايين الإسرائيليين، يعيشون جميعًا جنبًا إلى جنب، فى «حدود» إسرائيل/ فلسطين، أيًا كان تعريفها. وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، ولا بد من التوفيق بينها وفهمها. فالإسرائيليون والفلسطينيون موجودون للبقاء، ولا بد من التوصل إلى حل طويل الأمد للتعايش المتناغم جنبًا إلى جنب.

■ إلى أى مدى قد يسهم وقف إطلاق النار والهدنة فى وقف الإبادة الجماعية داخل غزة؟

- إن كنت تشير إلى الكم غير المتناسب من الضرر الذى لحق بالمدنيين الفلسطينيين نتيجة الحملة التى يشنها جيش الدفاع الإسرائيلى فى غزة، فإن وقف إطلاق النار سيخلف بطبيعة الحال تأثيرًا جذريًا فى وقف حملة الضربات الضخمة التى لا تزال مستمرة.

لكننى لم أكن يومًا من أنصار وقف إطلاق النار بل كنت من أنصار وقف إسرائيل وجيش الدفاع الإسرائيلى حملات الضربات غير المسئولة والمتهورة، وشن هجومهما ضد «حماس» باستخدام استراتيجيات وتكتيكات مختلفة، لا تزيد فاعلية فحسب، بل وتتسبب فى أضرار أقل كثيرًا بين المدنيين الفلسطينيين. 

■ فى رأيك.. كيف يمكن تحقيق السلام الدائم فى فلسطين؟

- لن يتسنى لنا تحقيق هذا فى هذه المرحلة لعقود مقبلة، بعد أن لحقت أضرار بالغة بالطرفين، وتعرض كل منهما لصدمات شديدة، وأذى بالغ. وسوف تخلف هذه الإصابات، الأخلاقية والجسدية والاقتصادية والسياسية، آثارًا دائمة لأجيال. لكن الأمل موجود، كما هو الحال دومًا. ولا يمكن تحقيق السلام الدائم إلا من خلال التسوية بين الرغبات الإسرائيلية والرغبات الفلسطينية الأوسع نطاقًا.

وهذا لا بد أن يكون خاليًا من أى ثقل من جانب «حماس»، وعلى إسرائيل أن تتنازل عن ترسيم حدود الأراضى التى يملكها الفلسطينيون ويحكمونها، وأن يتنازل الفلسطينيون عن عدم قدرتهم على الحصول على الحدود التى يرغب فيها كثير منهم.

هناك أيضًا عبء يقع على عاتق الشعب الفلسطينى، إذ لا بد أن ينتخب أو يدعم هيئة حاكمة لا تمثل «حماس» أو أى كيان آخر يغذى الإرهاب. لكن كيف يمكن أن يتم هذا فى خضم الكارثة الحالية، والنزوح الجماعى، ونفوذ «حماس» وحكمها المسلح؟ 

لكن الطريقة التى تعاملت بها إسرائيل حتى الآن، والتى ألحقت ضررًا مدنيًا غير متناسب بالشعب الفلسطينى، لم تشكل مشكلة أخلاقية فحسب، بل وعارضت أى قدرة على تحقيق نجاح استراتيجى طويل الأجل، وأشعل أجيالًا كاملة من الفلسطينيين ما قد يتحول فى هذه المرحلة إلى كراهية مفهومة للغاية لإسرائيل.

إن الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلى أظهرا حتى الآن عجزًا تامًا عن فهم هذه الحقائق الأساسية، الأمر الذى أدى وسيستمر فى التسبب فى الفشل الاستراتيجى. وما سيستمر، ضمن المسار الحالى، هو عقود من التمرد، فضلًا عن جيوب المتطرفين فى المجتمع الإسرائيلى والجيش.

ويتعين على إسرائيل، أيضًا، أن تفهم أن أى نجاح لن يتسنى لها دون استثمار كبير فى إعادة بناء الاقتصاد والبنية الأساسية لفلسطين، وتقديم المساعدة الدائمة لدعم وتغذية النمو الاقتصادى والازدهار فى مختلف المناطق الفلسطينية المتضررة.

ولا بد أن تكون الأهداف الأساسية طويلة الأجل، ومنها إرساء حدود متفق عليها من قِبَل الأحزاب الرئيسية والشرعية، مع حكم مستقل وسيادة، والتى نأمل أن تصبح ديمقراطية على الجانب الفلسطينى، وثانيًا الرخاء الاقتصادى والمدنى فى كل من إسرائيل وما سيصبح أرضًا فلسطينية، وثالثًا التجارة الحرة والمفتوحة والحوار الدبلوماسى بين ما سيصبح فلسطين وجميع الجيران بما فى ذلك إسرائيل. ولن يتسنى تحقيق السلام أبدًا من خلال حصار شعب بأكمله، وحصاره إلى أجل غير مسمى، كما كانت الاستراتيجية المتبعة حتى الآن.