«القاهرة - مقديشيو».. أولى خطوات المارد المصرى لإحباط مخطط الطوق النارى
بعد 13 عامًا ونصف من الوقت الذى أرادوا فيه تطويعها وكسر إرادتها.. القاهرة تبرز أسنان ليوثها بابتسامة خفيفة وتبسط أجنحتها طرف عند الخليج العربى، والآخر عند الأطلسى رأس عقابها الذهبى الذى يتوسط علمها تكشف الشمال وشرق المتوسط، ومخالبها عند باب المندب وجنوب القارة السمراء والمحيط الهندى.
الخطوة المصرية الأخيرة تجاه الصومال، هى أكبر نقلة استراتيجية وتحرك عسكرى من القاهرة لخارج الحدود منذ حرب أكتوبر 1973 وحرب الخليج 1990، وأبعاد هذا التحرك جاءت فى توقيت مهم، يحفظ للأشقاء حقوقهم وسيادتهم على أرضهم ويدعمهم ويقدم لهم العون والمساندة لينهضوا ببلادهم ودولتهم. هذا التحرك يؤكد ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى سابقًا فى 2021، بألا يتصور أحد كائنًا من كان أنه بعيد عن قدرة مصر أو يستطيع أن يأخذ منها شيئًا غصبًا ولو نقطة مياه واحدة، وإلا ستشهد المنطقة حالة من عدم الاستقرار لا يتخيلها أحد، وهذا التحرك الأخير أكد أن مصر وقيادتها السياسية تعرف التوقيت المناسب لكل خطوة تأخذها لتصدق الأفعال الأقوال، وأن الأمن القومى المصرى مصان لا يمس من أى طرف.
رجال الظل فى المحروسة يعرفون ما حيك قديمًا، وما يخطط له أهل الظلام الذين يدعون حملهم لمشاعل النور، فمنذ سنوات وهم يحاولون بإصرار ودأب لتغيير العقيدة القتالية لجيش أرض الكنانة ليكون ذراعًا وعونًا لهم فى مؤامراتهم، ولكنهم كعادة كل من سبقوهم لم يستطيعوا فهم الشخصية المصرية.
فأهلها انعجنت طباعهم بأسرار تجلى الرب سبحانه وتعالى على وأرضها، واكتسبوا شموخهم من إباء جبالها، وحماتها من رجال جيشها أخذوا قوتهم من جرانيت صخورها وقسوتهم على أعدائهم من غضب صحرائها تحرقهم بنار شمسها ولهيب رمالها أو ابتلعتهم فى باطنها خصوم المحروسة وأعدائها والطامعين فيها ظنوا صبرها ضعفًا وصمتها عجزًا، وتمهلها ورجاحة عقل قيادتها رضا بالأمر الواقع، ولم يفطنوا إلى رسالة وجملة قيلت فى حفل تخرج الكليات العسكرية فى 12 أكتوبر 2023 عندما قال أوائل الكليات العسكرية فى كلمة منهم، ووعد وتعهد للرئيس عبدالفتاح السيسى أنه منذ نصف قرن من الزمان انتفض المارد المصرى ليعلن للعالم أجمع أن مصر لن تستكين أبدًا، ما دام فيها رجال يعشقون ترابها، واليوم توثق مصر شهادة ميلاد مارد جديد وضعت آمالها وثقتها المطلقة فيه، هذا المارد جاهز للانطلاق ليحفظ لها أمنها وأمانها.
واليوم مع تحركات مصر من الصومال، وقبلها اتفاقات متنوعة فى عدة مجالات اقتصادية وتنموية وعسكرية مع عدة دول منها جيبوتى ونيجيريا أوغندا، هذه التحركات الحالية وما سبقها تؤكد بشكل واضح وجلى أن القاهرة تعرف وتدرك تمامًا مخططات الحدود المشتعلة أو ما يمكن تسميته بالطوق النارى، وأهداف هذه المخططات التى تنفذ على مهل وروية لممارسة حالة من الضغط السياسى والاقتصادى والمائى والأمنى والعسكرى على مصر وقيادتها وشعبها، من أجل تغيير مواقفها وقراراتها فى قضايا ومشكلات إقليمية مهمة.
تتصدر هذه المشكلات والقضايا وتأتى على رأسها القضية الفلسطينية وحرب غزة وجهود الوساطة فيها، وحرب السودان وجهود إحلال السلام، والتوترات المتصاعدة فى ليبيا والإخفاق فى توحيد المؤسسات الليبية والوصول للانتخابات الرئاسية والتشريعية، فى محاولة لاستمرار الفوضى وسيطرة الميليشيات وبقاء الوجود الأجنبى وضرب مطالب وآمال الشعب الليبى الشقيق بعرض حائط الخلافات والطموحات السياسية؛ لبعض الأشخاص والجهات التى لا تمثل أبناء ليبيا ولا تعبر عنهم، بالإضافة إلى المحاولات التى تمت وما زالت تتم للتأثير على قناة السويس والملاحة فيها باعتبارها واحدًا من أهم مصادر الدخل بالعملة الصعبة لمصر، وكذلك محاولات التأثير فى مجال الأمن المائى، والتى بدأت منذ 2011 ومستمرة حتى الآن، وغيرها من بعض الملفات الأخرى والتى لا تعرفها الأغلبية من الأفراد العاديين المشغولين بلقمة العيش، فمخططات الطوق النارى تستهدف حتى رغيف الخبز الذى يصل إليهم، ويعتبره المواطن أساسًا وعمودًا يبدأ منه أمنه وأمانه الشخصى.
الخلاصة التى يجب أن يعرفها كل مواطن مصرى والعدو قبل الصديق، أن تحركات القاهرة هى خطوة أولى تطلق بها تحذيرات صامتة لكل من يريد بها سوءًا، مضمون هذه التحذيرات يقول احذروا انتفاضة مارد ظننتم أنه لن يستيقظ من سباته، فقوة مصر نور لمن يهتدى ونار لمن يعتدى.