رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زيارة «السيسى» لتركيا تؤسس لمرحلة جديدة بين البلدين

مصر دولة سلام وداعية لأمن واستقرار الشعوب.. قيادات مصر وشعبها ترحب بمن يرد السلام بسلام، لاخلاف دائمًا ولا صداقة إلا وتمر بصعود وهبوط من آن لآخر وفقًا لمصالح الدول ورؤية القيادة السياسية التى تسعى دائمًا الحفاظ على أمن وسلام أوطانها.. من هذا المنطلق كانت زيارة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى لدولة تركيا. 
لفت انتباه الجميع تحية الرئيس المصرى على حرس الشرف التركى «شكرًا عسكر»، هذه التحية عمرها 114 عامًا بدأت من عهد «أتات تورك»، حين قال لجنوده «مرحبًا عسكر»، يأتى ردهم «شكرًا سيدى» إلى أن أصبحت برتوكولًا منبعًا لدى الحرس التركى. هذه التحية لفتت انتباه الشعب التركى واشتعلت بها وسائل التواصل الاجتماعى، خاصة أن آخر زيارة للرئيس «السيسى» كانت منذ 12 عامًا.. زيارة رحب بها الشارع التركى إلى جانب ترحيب القيادات السياسية، فالشعب التركى له ارتباط وثيق بالشعب المصرى فى جوانب عدة أهمها التبادل التجارى بين البلدين الذى لم ينقطع عبر قرون طويلة.
مصر وتركيا قررا رفع مستوى العلاقات بين البلدين، ذلك بعودة التمثيل الدبلوماسى منذ عامين ما مهد الطريق لزيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فبراير الماضى، ثم جاءت الزيارة التاريخية للرئيسى «السيسى» فى وقت يمر فيه الإقليم الذى يضم البلدين حالة من عدم الاستقرار تحتاج لرؤية حكيمة تعمل على تهدئة المنطقة والتوصل لمسار سياسى يعمل على تحقيق أمن واستقرار حياة الشعوب. 
للزيارة أهمية فى هذا التوقيت.. إنها تؤسس لمرحلة جديدة للعلاقات بين الدولتين، خاصة فى القضايا المشتركة والملفات العالقة، فمن المؤكد أن تبادل وجهات النظر الثنائية حول القضايا الإقليمية الراهنة، خاصة الحرب الإسرائيلية على غزة محل اهتمام الرئيس المصرى ونظيره التركى، لا سيما أن موقف مصر الذى يسعى إلى التهدئة ووقف إطلاق النار وإنهاء المأساة الإنسانية فى قطاع غزة.. قضايا الإقليم المشتعلة لم تتوقف عند حرب إسرائيل على غزة، هناك أيضًا ملف له أبعاد ثنائية مشتركة وهو الملف الليبى المعقد محل اهتمام الرئيسين، خاصة أن الرئيس التركى يلعب دورًا مهمًا فى إنهاء الخلافات الليبية الليبية، وأن التدخل التركى يأتى بناء على العلاقة القوية بين «عبدالحميد الدبيبة» رئيس الوزراء الليبى و«طيب أردوغان» وحالة التناغم بينها قد تعجل بإنهاء الخلافات وتحقق الاستقرار فى الداخل الليبى. كما أن التوترات الحادثة فى السودان والصومال ذات اهتمام مشترك وتشكل الدبلوماسية المصرية والتركية تأثيرًا كبيرًا قد تعجل من إنهاء الصراع والحرب الأهلية فى السودان.
بعد يومين من زيارة الرئيس المصرى لدولة تركيا يمكننا القول إنها زيارة حققت أهدافًا ومصالح مختلفة بما أبدى به الرئيس «أردوغان» فى فتح صفحة جديدة بين البلدين، إذ تعد مصر الشريك الأول فى الجانب الاقتصادى فى القارة الإفريقية، حيث تم توقيع نحو 20 اتفاقية تعاون بين البلدين وزيادة حجم التبادل التجارى بما يبلغ 15 مليار دولار، كما كانت قضية تصدير الغاز الطبيعى المسال حاضرة على الأجندة الاقتصادية، وعلى جانب الدفاع المشترك تم الاتفاق على زيادة صادرات تركيا من الطائرات بدون طيار، هذا فضلًا عن زيادة الصادرات المصرية لتركيا من المحاصيل الزراعية والمنتجات الأخرى.
التقارب بين البلدين ينعكس بشكل إيجابى على الإقليم وعلى الدولتين، ومن هنا يمكننا القول إن هذه الزيارة جاءت فى توقيت مناسب، وزيارة تعلن عن موقف موحد بشأن قضايا الإقليم، بما يؤكد أن مصر دولة راعية وداعمة لاستقرار الدول وأمن وسلام الشعوب.