رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زيارة الرئيس تركيا

تتويجًا للتفاهمات.. ومزيدًا من المصالح!
تُؤسس العلاقاتُ الخارجية بين الدول من أجل خدمة المصالح المشتركة، ففى السياسة لا صديق دائم، ولا عدو دائم، المصالح العليا للبلاد هى التى تحكم العلاقات بتنميتها أو قطعها إن اضطرت الضرورة لذلك، نقول ذلك بمناسبة بدء الزيارة التاريخية للرئيس عبدالفتاح السيسى دولة تركيا بعد 11 عامًا من توليه الرئاسة، كانت هى نفس الفترة التى توترت فيها العلاقات بين البلدين، لأسباب معروفة، حتى تغيرت الرؤى واقتنع كل طرف بأهمية الحفاظ على العلاقات بين القوتين الكبيرتين فى منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط.
مصر وتركيا تجمعهما علاقات قديمة ومتجذرة وتمتد من الجغرافيا، حيث تقع تركيا قبالة السواحل الشمالية لمصر المطلة على البحر المتوسط، وحيث التاريخ المشترك الذى سبق قيام الدولة العثمانية بدخول الإسلام إلى تركيا ومصر، وحيث العلاقات الاجتماعية التى تعود إلى علاقات مصاهرة ونسب بين العديد من العائلات المصرية والتركية. 
وتختلط على إثر كل ما سبق الثقافة والعادات المشتركة التى تسهم فى التفاهم بين الشعبين، وتسهم فى تنمية العلاقات السياسية والاقتصادية المشتركة.
ما بين مصر وتركيا العديد من القضايا المشتركة التى تفرض على البلدين اتخاذ مواقف موحدة أو متقاربة، أهمها فى الوقت الحالى أزمة العدوان الإسرائيلى على غزة ووقف الإبادة الجماعية لسكانها العزل والمستمرة لحوالى 11 شهرًا، وحان وقت اتخاذ الموقف الموحد للقوى الكبرى فى المنطقة «مصر وتركيا»، يضاف إليهما ضرورة التفاهم حول الصراع الدائر فى ليبيا والسودان ومنطقة القرن الإفريقى، وأى خلافات تتعلق بشرق البحر المتوسط وترسيم الحدود البحرية.
زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى تركيا تعد «تتويجًا للمصالحة» بين البلدين، والتى بدأت بمحاولات تقارب تركى قبل سنوات، وزادت بزيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مصر فى فبراير الماضى، وتأتى هذه الزيارة لتعطى دفعة أكبر فى توقيت مهم للعلاقات الثنائية، وستدفع بمزيد من التعاون التجارى والسياحى والثقافى الذى لم يتوقف أو يتأثر بالأزمات السابقة. أضف إليها التعاون العسكرى المهم المتوقع التوصل إليه مع توقيع تعاقدات عسكرية خلال زيارة الرئيس الحالية، وهو يعد تطورًا مهمًا فى موازين القوى فى المنطقة يصب بالطبع لصالح الدولتين.
حاليًا تبلغ قيمة التبادل التجارى بين مصر وتركيا حوالى 7.7 مليار دولار خلال عام 2022، بحسب بيان للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ويعمل فى مصر أكثر من 200 شركة ومصنع تركى، وتسهم الشركات المصرية باستثمارات تتعدى 2.5 مليار دولار فى تركيا، ويتوقع أن ترتفع هذه الأرقام لتصل إلى 15 مليار دولار كتبادل تجاربى، نتيجة لتوقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم بين البلدين خلال زيارة الرئيس اليوم، تركيا، بما يعود بالنفع على الشعبين ويعدل من ميزان التوازن فى المنطقة.